المقالات

أفراح العيد القصر العثماني كما ترويها ” الأميرة عائشة “

سلسلة من الحكايات والأحداث، التي تحويها كتب المذكرات، ففيها التنزه عبر الزمان و المكان ومشاهدة الأحداث، نعرض في هذه المقال ما رصدته الأميرة عائشة بنت السلطان عبدالحميد في مذكراتها من طقوس العيد في القصر العثماني، والتي تعد مصدراّ مفيداً، عن أحوال المجتمع العثماني عبر الفترات التاريخية المختلفة.

وتذكر أولاً عن استعدادات العيد التي تستعد لها أميرات القصر قبل العيد بأسبوع؛ حيث كانت الاستعدادات الهامة تجري في غرفة الضيوف، ومع إطلاق مدافع العيد يبدأ الأميرات بالتزين، بعد ذلك تبدأ صلاة العيد والتي جرت العادة تسبق عربات الحريم عربة السلطان باكراً، إلى الجامع، بعدها يلحق بهن موكب السلطان وتصف في مذكراتها عن وصول موكب عربة السلطان إلى الجامع :” ويأتي إلى الجامع بعربة رائعة ذات خيول أربعة، وكانت الوحدات العسكرية تقف في المسافة كلها الواقعة من باب قصر يلدز حتى الجامع، وكذلك الفرق الموسيقية، ويرتدي الباشوات و الوزراء الملابس الفخمة، بينما كان يعزف السلام في مختلف الأماكن كان ابي يصل على الجامع ” بعد انتهاء صلاة العيد كانت عربة السلطان تمر بخيولها الأربعة عند باب السلطنة الخاص بالسلطان في قصر (طولمه باهجه) ثم تتبعه عربات الخاصة بالحريم، وفي داخل القصر ، يقف في استقباله أغوات الحريم على سلم القصر في الجزء العلوي من السلم بملابسهم الرسمية، وبعد أن تقضي الأميرات قسطاً من الراحة، تبدأ تهاني العيد بدءاً بوالدة السلطان، ويستقبلن المهنئين من الأميرات و زوجات الوزراء، أما عن مراسم التهنئة فقد جرت العادة أن بعد يعلن” كبير الكتّاب” بدء مراسم العيد السلطانية، أن تقوم والدة السلطان بالمرور بالبلاط والصالونات الكبيرة بكامل زينتها وبصحبة الأميرات وزوجات الوزراء للجلوس في الصالون؛ لمشاهدة مراسم التهنئة بالعيد، حيث السفراء الأجانب يتواجدون في الطرف الآخر من الصالون، تبدأ هذه المراسم بالسلام السلطاني، ثم يدخل السلطان، و يلقي السلام ليجلس على العرش السلطاني، الذي تجلس خلفه الأميرات وأزواجهن وكبير الكّتاب، بعد ذلك يمضي السلطان إلى الصالون للاستراحة، لمدة ربع ساعة، ثم تبدأ المراسم الثانية بدخول السلطان لاستقبال العلماء و في مقدمتهم شيخ الإسلام، وبعدهم البطريك ثم كبير الحاخامات، ثم يدخل للراحة ثم يعود لاستقبال الباشوات أصحاب الرتب الصغيرة، وصغار الضباط والعبيد للتهنئة، وبعد التهنئة يقوم السلطان بإرسال الحلوى للوزراء والوكلاء والأسر الحاكمة، بعد الانتهاء من مراسم التهنئة تنقلنا الأميرة عائشة إلى غداء العيد فحين يأتي وقت الغداء يأتي كبير الخدم يأتي إلى قاعة خنكار، ويقف في وسط المكان، ويضع يده في داخل فوطه مطرزة بالقصب ويمسك بأطرافها خادمتان ويأخذ في نثر النقود في كل ناحية” وكان أقوات الحريم والأطفال والقادمين من الخارج يجمعون تلك النقود”. وأخيراً فإن هذه الإلمامة حول المذكرات لا تكفي، وسيكون لنا عودة للحديث عيد الأضحى في القصر العثماني ..وكل عام وأنتم بخير.

نوير مبارك العميري – الدمام

تعليق واحد

  1. تلك أمةٌ قد خلت..ومازال موروثها يتناقله المؤرخون..جميل جداً ما قرأته هنا..
    العهد العثماني مليء بالمشاهدات التي تستحق الإستقراء..معلومات رائعة وفوية لعهد تاك الدولة قوي تلك التي تكمُن قوّتها في عمقها التاريخي ووالتي وصلت أقصى حدود عظمتها في القرنين السادس والسابع عشر الميلادي، حيث حكمت مساحات جغرافية وسكانية مترامية لأكثر من 20 مليون كيلومتر.

    شكراً للكاتبة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى