(مكة) – مكة المكرمة
أمّ المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الدكتور ماهر المعيقلي. وبدأ فضيلته خطبته بحمد الله عز وجل وحث عموم المصلين على تقوى الله في السر والعلن ، مبينا بأن الله تعالى خلق آدم عليه السلام بيده , ونفخ فيه من روحه , وفطره على توحيده , ثم أخذ العهد والميثاق على ذريته من بعده , بأن يعبدوه وحده لا شريك له , ((وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم * قالوا بلى * شهدنا * أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين)) ، فمكثت الأرض بعد آدم عليه السلام عشرة قرون , لا يعبد فيها إلا الله جل جلاله وتقدست أسماؤه , إلى أن وقع الشرك في قوم نوح عليه السلام, فبعثه الله تعالى بكلمة التوحيد ((فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره)) وهكذا كل نبي يبعث إلى قومه , يدعوهم إلى توحيد ربهم ((وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون)).
وأضاف فضيلته : فأمر الله تعالى عباده أن يوحدوه , وجعل التوحيد أصل الدين وأساسه , فلا تقبل حسنة إلا به , وبدونه تحبط الأعمال , وإن كانت مثل الجبال. وهو حق الله على عباده , وأول واجب عليهم , ففي الصحيحين : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((يا معاذ , تدري ما حق الله على العباد ؟ وما حق العباد على الله ؟)) قال : قلت : الله ورسوله أعلم , قال : ((فإن حق الله على العباد أن يعبدوا الله , ولا يشركون به شيئاً , وحق العباد على الله عز وجل أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً)) .
وبين فضيلته أن إله إلا الله من أجلها أرسل الله رسله , وأنزل كتبه , وخلق الجنة والنار وقسم الخلق إلى مؤمنين وكفار، ولا إله إلا الله .. هي أول الواجبات , وأفضل الحسنات , وأعظم مكفرٍ للسيئات , فإذا اجتمع التوحيد واليقين والإخلاص , عظم قدر صاحبه ند رب البريات.
وأن لا إله إلى الله .. هِي أطيب الكلام وأفضل الأعمال, وأعلى شعب الإيمان, وأثقل شيء في الميزان, و(الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة – أو بضعٌ وستون – شعبة, فأفضلها قول لا إله إلا الله, وأدناها إماطة الأذى عن الطريق). (صحيح مسلم:35) وأن من كان آخر كلامه من الدنيا دخل الجنة .
وأضاف فضيلته أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى على هذه الكلمة دعوته, وربّى عليها أمته, وكانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها في التوحيد, مكّيُّها ومدنيُّها, حضَرها وسفرها, سلمُها وحربها. ((قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين (162) لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)) (سورة الأنعام: 162).
وأن الله عز وجل ، هو الذي له الخلق والأمر, وعنده خزائن السماوات والأرض, وهو الذي يقضي الحاجات, ويجيب الدعوات , ويجلب الرحمات فالخلق كلهم فقراء إليه , مضطرون إلى فضله وكرمه, ورحمته وعطائه.
وأردف فضيلته أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد كان حريصا على حماية التوحيد, من أن يناله نقص أو خلل, سواءٌ كان في القصد أو القول أو العمل. وأن المقاصد والنيات ، يجب أن تكون خالصة لرب الأرباب والسماوات . قال ابن القيم: (الإخلاص والتوحيد شجرة في القلب, فروعها الأعمال, وثمرها طيب الحياة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة, وكما أن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة, فثمرة التوحيد والإخلاص في الدنيا كذلك, والشرك والكذب والرياء شجرة في القلب, ثمرها في الدنيا الخوف والهم والغم وضيق الصدر وظلمة القلب, وثمرها في الآخرة الزقوم والعذاب المقيم, وقد ذكر الله هاتين الشجرتين في سورة إبراهيم) انتهى كلامه رحمه الله.
وقد ابتدأ فضيلته خطبته الثانية قائلاً : إن كلمة التوحيد عظيمة والأحاديث والنصوص التي تدل على عظم شأنها وجلالة قدرها كثيرة، وأن الإسلام عظم أمر الدماء ،وكيف أن بعض الجهلاء يقدمون على قتل المسلمين الموحدين الأبرياء بغير وجه حق فقد توعد الله جل في علاه بالوعيد الشديد لمن يقتل مؤمناً متعمداً فقال عز من قائل: ((ومن يقتل مؤمنا فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً)) فقضية حرمة الدماء يا عباد الله محسومة ، والنصوص فيها صريحة معلومة ، وتأويلات أهل الضلال مردودة مرفوضة ، ولا يزيغ عن هذا إلا هالك .
واختتم فضيلة الشيخ ماهر المعيقلي خطبته بالدعاء بأن يحفظ الله هذه البلاد وجميع بلاد المسلمين وأن يكفيهم الله شر الأشرار وحقد الأحقاد ،وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين ونائبيه لكل ما يحب ويرضى ، و أن يصلح جميع أحوال المسلمين في كل مكان وأن ينصرهم ويحميهم من كل شر .
الجدير بالذكر أن هذه أولى خطب فضيلة الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي بالمسجد الحرام وذلك بعد صدور الموافقة السامية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – في اليوم التاسع من شهر رمضان المبارك لعام 1437هـ.