تتعرض مجتمعاتنا الإسلامية في هذه الأيام لفتن كثيرة تكاد أن تفتك بها وبكل ماتملك من قيم، فالفتنة هي الأمور والأحداث التي تحرف المسلم عن الطريق المستقيم وتُزين له الباطل فيعتقد أنه الحق، والفتن جمع فتنة وهي الابتلاء والاختبار، وسنة الله سبحانه وتعالى فى خلقه أن يبتليهم ولا يتركهم من غير ابتلاء؛ لأنهم لو تركوا من غير ابتلاء، لم يتميز المؤمن من النافق ولم يتبين الصادق من الكاذب كما قال تعالى:(لم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ).
والفتن لاتكون فى وقت دون الآخر بل الفتن فى جميع أطوار الخلائق والفتن كما نعلم متنوعة منها فى الدين، والمال، والأولاد، والمذاهب وهي على اختلاف أنواعها وتعددها ترجع إلى نوعين، الأول: فتن الشبهات في الدين والعقيدة. والثاني: فتن الشهوات وتكون في السلوك والأخلاق والملذات، وشهوات البطون والفروج، وكل ذلك كثر انتشارها بين مجتمعتنا ولا نجد لها منكرًا وكما قال جل وعلا فى سورة التوبة: (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلَاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ)، بل نجد كثيرا من الناس فى مجتمعنا يروج للمحرمات بكل أشكالها تحت مسميات أخرى ويزرع الفتن بين الناس فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “بادروا بالأعمال الصالحة فستكون فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسى كافرا ويمسى مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا ” وهنا التحذير من الرسول لجميع المؤمنين بأن متاع الدنيا عرض وكما قال الله تعالى :(تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ۚ)، وها نحن الآن نجد مصداقًا لقول رسولنا الكريم فكم من أناس يبيعون دينهم بعرض من الدنيا حقير من أجل كرسى زائل أو منصب فانٍ أو وظيفة من الوظائف، وربما لايتورع الشخص ذكر كان أو أنثى أن يكذب أو ينافق أو يخادع للوصول لهذه الغاية حتى لو وصل به الأمر أن يصل بفتنته إلى أن يقتل الناس بعضهم البعض فيسود الخراب بين الناس، بل يتعدى إلى المجتمع والأمة كلها، وهنا أقول هل من فتنة أشد على الأمة الإسلامية أكثر مما هى فيه من تمزق وقتل المسلم أخاه المسلم بفتنة الذين يدبرون الفتن لنشر الدمار والشر فى المجتمع الآمن، اللهم اكفنا شر الفتن ماظهر منها وما بطن .
أميمة العشماوي