المحلية

حد الحرابة والصلب والسجن لقتلة العقيد العثمان

(مكة) – الرياض

أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكما ابتدائيا يقضي بثبوت إدانة ثلاثة مواطنين متهمين في قضية مقتل العقيد ناصر العثمان، وعدد من التهم الإرهابية، حيث قضت بإقامة حد الحرابة لاثنين من المتهمين وصلبهما، أحدهما “ابن أخت” المغدور به، وسجن الثالث 30 سنة. وجاء الحكم الصادر أمس بعد نحو ستة أشهر من المرافعات تضمنت تقديم اللوائح وتسليم الأجوبة، حيث وجهت المحكمة للمتهمين الثلاثة نحو 30 تهمة من بينها جريمة قتل الضابط المغدور به، إضافة إلى انتهاجهم المنهج التكفيري المخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، وتمويلهم الإرهاب والعمليات الإرهابية المجرم والمعاقب عليه بموجب نظام مكافحة غسل الأموال.

وثبت لدى المحكمة إدانة المدعى عليهما الأول والثاني باشتراكهما في قتل العقيد ناصر العثمان عمدا وعدوانا وذلك بتكبيل يديه وقدميه ثم نحره وفصل رأسه عن جسده، كما ثبت إدانة المدعى عليه الأول بانتهاجه المنهج التكفيري المخالف للكتاب والسنة بتكفيره لهذه الدولة ورجال أمنها, واتسلمه مبالغ مالية من المدعى عليه الثاني قدرها 130 ألف ريال وتحويلها إلى عملة اليورو ثم إعادتها للمدعى عليه الثاني لإرسالها إلى المقاتلين في العراق.

كما شملت التهم الموجهة للمدعى عليه الثاني تأييده تنظيم القاعدة, وحيازته في جهازه الحاسب الآلي وملحقاته لمستندات تحث على الفكر التكفيري المنحرف وعلى قتل رجال الأمن وعلى التعريف بأنواع المتفجرات والسموم وطريقة صناعتها وطرق التزوير وكيفية التعامل مع المخابرات والاعتقال والتحقيق, وتضليله لجهات التحقيق وذلك بإخفاء دوره في إيصال بعض المطلوبين أمنيا إلى تبوك تمهيدا لخروجهم إلى العراق, وادعاءه الجنون أثناء التحقيق معه مدة طويلة, واشتراكه في حيازة مسدسين ورشاشين من نوع (كلاشنكوف) و160 طلقة حية وأربعة مخازن رشاش كلاشنكوف ومخزنين مسدس بقصد الإخلال بالأمن الداخلي وتدربه على فك وتركيب السلاح.

وأوضحت المحكمة، أنها ثبت لديها إدانة المدعى عليه الثاني بالشروع في اغتيال قائد قوات الطوارئ الخاصة في القصيم من خلال عرضه على المدعى عليه الثالث استهداف رجال الأمن وموافقته للثالث على البدء باستهداف قائد قوات الطوارئ في منطقة القصيم ومناقشته معه طريقة الاستهداف, وسفره إلى العراق ومقابلته قادة تنظيم القاعدة هناك, وسفره إلى السودان وتدربه على استخدام الأسلحة, وتنسيقه لسفر مجموعة من الأشخاص إلى العراق للمشاركة في القتال, وتدريبه مجموعة من الأشخاص على استخدام الأسلحة تمهيدا لسفرهم إلى العراق.

وقررت المحكمة الجزائية المتخصصة إقامة حد الحرابة على الأول والثاني واقترحوا قتلهما وصلبهما، وذلك نظرا إلى أن ما قاما به وهو ضرب من ضروب الحرابة، إضافة إلى مصادرة الأسلحة والذخيرة وملحقاتها المضبوطة بحوزتهما، ومصادرة المبالغ المالية المضبوطة بحوزة المدعى عليه الثاني وإيداعها في الخزانة العامة للدولة.

وفي السياق نفسه، ثبت لدى المحكمة إدانة المدعى عليه الثالث بانتهاجه المنهج التكفيري المخالف للكتاب والسنة، وتكفيره لهذه الدولة ورجال أمنها، وانتمائه لتنظيم القاعدة الإرهابي وخلعه البيعة التي في عنقه، ومبايعته زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي والشروع في اغتيال قائد قوات الطوارئ الخاصة في منطقة القصيم بالاشتراك مع المدعى عليه الثاني، من خلال موافقته على ما عرضه عليه المدعى عليه الثاني من استهداف رجال الأمن وقتلهم, وتنسيقه لخروج مجموعة من الأشخاص للعراق للمشاركة في القتال هناك, وتسلمه مبالغ مالية من عدد من الأشخاص ومن ثم بعثها إلى العراق لدعم القتال هناك, إضافة إلى اتفاقه مع المدعى عليه الثاني على جمع الأموال لبعثها للمقاتلين في أفغانستان والعراق وشراء الأسلحة وتخزينها وتحويله مبالغ مالية كبيرة إلى عملة اليورو ومن ثم بعثها إلى أحد الأشخاص في العراق لدعم المقاتلين هناك.

كما ثبت لدى المحكمة إعطاؤه لأحد الأشخاص مبلغا ماليا قدره 5000 ريال تجهيزا له للسفر للعراق للمشاركة في القتال هناك وشرائه وبيعه وحيازته الأسلحة بقصد الإخلال بالأمن الداخلي، وتدريبه عددا من الأشخاص على الأسلحة, وتدربه مع المدعى عليه الثاني على الرماية بسلاح الدكتريوف وإيصاله رسالة شفهية من أحد الموقوفين في سجن مباحث القصيم إلى أحد الأشخاص. كما شملت التهم إيصاله رسالة خطية من أحد الموقوفين في سجن مباحث القصيم إلى أحد الأشخاص، مفادها أن يكون حذرا في تحركاته وأن يسلم للمدعى عليه الثالث مبلغا قدره 500 ألف ريال وتلقيه رسالة شفهية من أحد الموقوفين في سجن مباحث الحاير, وتستره على حضور أحد الأشخاص برفقة أحد الهاربين من سجون المباحث العامة في الرياض، حيث طلب منه مساعدته في تهريبه إلى العراق ونقضه لما سبق أن أخذ عليه من تعهدات بالابتعاد عن مواطن الريبة والشبهات. وقررت المحكمة تعزيره لقاء ما ثبت بحقه بسجن المدعى عليه الثالث مدة 30 سنة اعتبارا من تاريخ إيقافه منها أربع سنوات، وفقا للمادة 17 من نظام مكافحة غسل الأموال وعشر سنوات وفقا للمادة 34 من نظام الأسلحة والذخائر وبقية مدة السجن لبقية ما ثبت بحقه. كما قررت المحكمة منع المدعى عليه من السفر خارج المملكة مدة 30 سنة اعتبارا من تاريخ انتهاء محكوميته.

من جهته أكد محمد العثمان الابن الأكبر للعقيد المغدور به ناصر العثمان، أن الحكم الصادر من المحكمة الجزائية أمس، القاضي بإقامة حد الحرابة في اثنين من المتهمين، وسجن الثالث 30 سنة، أثلج صدورهم، مؤكدا على نزاهة القضاء السعودي.

وافتخر العثمان بوالده الذي قدم نفسه فداء للدين والوطن، متذكرا أدق التفاصيل التي عاشها مع والده التي لم تغب عنه منذ وقوع الحادث من تسع سنوات، مضيفا أن الإرهاب خطف منا أعز ما نملك في غدر.

ويروي محمد قصة استشهاد والده الذي كان يعده صديقا مقربا له أكثر من ابن قائلا، كان والدي في مزرعته الجديدة في حائل يحرثها بنفسه ويجهزها للموسم الأخير للبطيخ والقرع، حتى أنهكه العمل فاتجهنا إلى الاستراحة في بريدة وتناولنا طعام العشاء وفي الساعة الـ11 ليلا انصرفت للمنزل مودعا أبي. ويضيف العثمان، اتصلت في العاشرة صباحا على الوالد للاطمئنان عليه، لكنه لم يرد على هاتفه، فاتصلت على العامل، الذي بدا متلعثما في الكلام، ما اضطرني للذهاب مسرعا إلى الاستراحة، لأفجع باستشهاد الوالد في أبشع صور الإرهاب، بعدها تمالكت نفسي واتصلت على الجهات المختصة لمباشرة الحادثة.

وأشار إلى أن الجميع شهد للوالد بالخير، ومساهمته في دفع الشر عن المواطنين، ومساعدة الفقراء والمحتاجين، مشيرا إلى أنه لم يذكر أن والده أسهم في أذى أحد أو تسبب في ضرر أي إنسان.

الجدير بالذكر، أن العقيد ناصر العثمان من سكان مدينة بريدة، ولد عام 1379هجري ودرس المرحلة الابتدائية في إحدى ضواحي بريدة الغربية بالقصيعة وتخرج منها في عام 1391، ودرس المرحلة المتوسطة والثانوية في المعهد العلمي في بريدة.

ودرس العقيد العثمان في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فرع القصيم، في كلية العلوم العربية والاجتماعية قسم التاريخ عاما، وتحصل بعد الجامعة على دورة تأهيل الضباط الجامعيين، وتخرج منها برتبة ملازم ثانٍ، ثم عين في القصيم ثم انتقل إلى تبوك ثم المجمعة ثم حائل ثم عاد إلى القصيم، وتدرج في السلك العسكري حتى علق رتبة عقيد.

رزق العقيد العثمان بـ ستة من الأولاد وثلاث من البنات، وكان لطيف المعشر، صادقا صدوقا في تعامله، صافي النية، لا يحمل حقدا على أحد مهما كان بينه وبين الآخرين، أبيض القلب، يحب النكتة ويرويها. وقد رحل في حادثة غدر تاركا وراءه سيرة حسنة وذكرى طيبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى