(مكة) – متابعة
دعا سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، المؤسسات الأهلية والبنوك وأثرياء البلاد إلى التبرع من أموالهم، عبر صندوق يدعم المجاهدين والمرابطين على الحد الجنوبي، ويسد ديونهم ويتلمس احتياجهم، امتدادًا لدعم الدولة الكبير لهم ومساندتها وشد أزرها في ذلك، مؤكدًا أن الجهاد بالمال أعظم من الجهاد بالنفس، داعيًا المؤسسات الخاصة والأثرياء للتبرع والبذل في هذا المقام العظيم، كما دعا الجامعات السعودية أن تحذو حذو جامعة الإمام في سبقها العظيم إلى قبول أبناء الشهداء دون قيد أو شرط، شاكرًا هذه المبادرة للجامعة.
جاء ذلك في حديث لسماحته، مساء أمس الأربعاء، عبر برنامجه الأسبوعي ينابيع الفتوى الذي تبثه إذاعة نداء الإسلام من مكة المكرمة، ويعده ويقدمه الشيخ يزيد الهريش.
إذا قال سماحته: يقول الله جلّ وعلا: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون فرحين بما آتهم ربهم ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون)
إخواننا وجنودنا البواسل في الحد الجنوبي بذلوا جهودًا عظيمة، ضحوا بأنفسهم وبأهليهم في سبيل الله حماية لبلد التوحيد والإسلام والدفاع عنه، أدوّا واجبًا كبيرًا ومهمة عظيمة، نسأل الله أن يغفر لشهدائهم وأن يشفي مرضاهم ويعافي جرحاهم ويخلف على ذرياتهم بالخير والصلاح.
وزاد مفتي المملكة: لقد أثبت جنودنا، ولله الحمد، قوة وجهادًا في سبيل الله بالدفاع عن الدين والوطن، وطن الإسلام وحام الحرمين من أهم بقاع العالم، فلا بد من حمايتها والدفاع عنها وإبعاد كل شر عنها، والله يقول: (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) فتوعد الله – جلّ وعلا – من همّ بشرٍ في الحرم ولو لم يفعله فقد توعده الله بالعذاب الأليم، مما يدل على عظم المسؤولية.
فأبناؤنا جاهدوا وقاتلوا ربُّوا ودرِّبوا ونزلوا للميدان بقلوب مؤمنة ونفوس طيبة، بذلوا جهودًا كبيرة وعظيمة ومتواصلة تذكر فتشكر في كفاح وجهاد؛ لكيد الأعداء من شباب مدرّب معد لهذه المهمات (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم).
وأضاف سماحته: إن على المؤسسات الأهلية – على اختلافها – نصيبٌ في مساندة الجنود المرابطين، فيجب على أثرياء البلاد الذين أعطاهم الله من الخير والنعمة ما أعطاهم أن يقفوا موقف الباذل، وأن يبذلوا من أموالهم ما يعين المرابطين على الصبر في هذه الميادين، فالدولة – وفقها الله – لم تقصر في هذا الأمر، بل ساعدت ووفت وبذلت وضمدت الجراح وأنفقت الأموال لأبناء المجاهدين في سبيل الدفاع عن هذا الوطن، بمكافآت جزلة، ورعت أسرهم، وأولادهم لا سيما الشهداء منهم، لكن المؤسسات الأهلية على اختلافها من البنوك وغيرها يجب أن يكون لهم موقف مشرّف.
داعيًا سماحته المؤسسات الأهلية، وفي مقدمتها البنوك والأثرياء باختلاف أعمالهم، إلى إنشاء صندوق للتبرع من أموالهم التي منحهم الله إياها ما يكون عونًا لهؤلاء المجاهدين والشهداء وأسرهم، فإننا ننعم بنعمة الأمن والاستقرار والرخاء ورغد العيش، فيجيب أن نعرف قدر هذه النعمة، ونحرص على حمايتها والدفاع عنها، فلهذا أطلب من إخواني الأغنياء أن يبذلوا جهودهم، وينفقوا في سبيل الله، وأن يعلموا أن هذه النفقة نفقةٌ مخلوفة (وما تنفقوا من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) أما أن نقول الدولة بذلت ولم تقصر ونكتفي بذلك فلا، فالدولة بذلت جهدًا كبيرًا، وتشكر على هذا الجهد الطيب، إلا أن الواجب علينا شد أزرها والقيام معها والمساهمة بكل ما نملك من مال أو خدمات للمرابطين.
وقال سماحته: نرجو إن شاء الله أن نسمع من إخواننا تبرعات مختلفة في هذا المقام العظيم، وأن يعلم كلٌ منا أن ما تبرع به فهو منفعةٌ له، فهو يعيش في أمن وطمأنينة وغيره يكافح العدو، يجب علينا أن نقوم بأمر المجاهدين ما دام غيرنا في الميدان يدافع، فالجهاد بالمال جاء في القرآن أعظم من الجهاد بالنفس؛ لأن المال يشجع ويقوي ويرفع الشدائد، ويقضي ديون المجاهدين، فعلينا تقوى الله في أنفسنا، ومواساة إخواننا المرابطين المواساة الطيبة، وأن نسمع إن شاء الله أصواتًا مبادرة للبذل والسخاء بما يطيب نفوس المجاهدين؛ لأن هذا عملٌ صالح ومشترك بين الجميع.
كما وجه سماحة المفتي – خلال حديثه – شكره لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، التي أعلنت عن قبول أبناء الشهداء دون قيد أو شرط، مبينًا سماحته أن هذا جزء من الواجب، وقال: أرجو أن كل الجامعات تحذو حذوها فأبناء الشهداء الذين ذهبوا في هذا الميدان يجب علينا مساندة أولادهم وأسرهم، وأن نحسن إليهم، ونضمد جراحهم، وأن ننسيهم الهم والحزن بما نبذل من أموال وتسهيلات مهمة تذكرهم أننا معهم في سرائهم وضرائهم، فهذا أمرٌ مطلوب جدًا، فجامعة الإمام تشكر على هذا السبق العظيم، ويجب على الجامعات أن تحذو حذوها ويتنافس الجميع في الخير.