إن دراسة موضوع الديموقراطية والتحول الديموقراطي في الوطن العربي ليس موضوعًا جديدًا في الأدبيات والدراسات الأكاديمية إلا أن دراسة هذا الموضوع بوصفه متغيرًا تابعًا لمتغير مستقل يتمثّل بثورة المعلومات والاتصالات هو ما يمكن أن يعطيها تميزًا ملحوظًا عن بقية الموضوعات المطروحة علي الساحة الآن, وتظهر أهميتها بصورة جلية في أن الدراسة التطبيقية لبعض مظاهر ثورة الاتصالات والمعلومات التي سلّطت الضوء على إشكالية تعامل النظم السياسية العربية مع ثورة المعلومات والاتصالات. كما أنه خلال العقود الثلاثة الأخيرة تحولت الديموقراطية إلى مفهوم كوني تناولته وسائل الإعلام بكثافة غير مسبوقة والارتباط الوثيق بين التحولات الثقافية والسياسية التي يشهدها العالم وبين ثورة المعلومات والاتصالات في حين يُمثل الافتراض الثالث في التحدي الحقيقي لثورة المعلومات لمختلف الأنظمة السياسية وبالأخص الأنظمة التي كانت مغلقة على ذاتها وتناول الإطار التاريخي لثورة المعلومات وواقع المعلوماتية وأدواتها في الوطن العربي، ودور الإعلام ووسائل الاتصال في عصر الثورة المعلوماتية.
هذا يعني تشخيص ثلاثة مستويات (الفجوة المعلوماتية والفجوة الإعلامية – الديموقراطية)، كما أن دخول عصر المعلوماتية لا يعني شراء كمبيوتر أو الاشتراك بشبكة الإنترنت، إنما هو البنية التحتية أو القاعدة العلمية في هذا المجتمع والتي يمكن تحديد ركائزها في السياسة التربوية والمستوى الثقافي والمعرفة التي وصل إليها المجتمع وقيمة البحث العلمي وأهميته وعدد العلماء قياسًا بعدد السكان وعملية استقطاب الكفاءات العلمية وهجرة العقول؛ إضافة لإعطاء العلم والعلماء المكانة التي يستحقونها وتأمين المناخ الملائم لحرية الإبداع والتفكير والعمل في ظل تقدم تكنولوجيا الاتصالات فالعالم لم يعدْ قرية صغيرة، بل غرفة صغيرة يتحكم فيها الأقوى والأغنى والأفضل عادة, وهناك أسباب لتدني فاعلية الإعلام العربي في عصر المعلومات ترجع إلى طبيعة الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية بما تحمله من مظاهر التخلف وارتباط مهمة الإعلام بأهداف النظام الحاكم. فهل آن الأوان أن تلبي الثورة المعلوماتية متطلبات القرن الحادي والعشرين كما ينبغي حتى يحترم العالم أمتنا وتصبح جزءًا من عالم يموج بالتغييرات والتفاعلات. ولن يحدث ذلك دون احترام حقوق الإنسان ونبذ الفساد.
د. نجلاء صالح