تزعم بعلتي المصون انها تشعر بخيبة امل في إصلاحي من الهرطقات التي اقودها بين الفينة والأخرى. وتقود حملة شرسة داخل العائلة لإقناع ثلثي أعضاء مجلس الأسرة بأقالتي من العضوية بدعوى أنني قد بلغت من الكبر عتيا ..هذه مصيبة أن تجد نفسك مكبلا بقيود الطاعة البيتوتيه لدرجة أصبحت فيها أجبر على الكنس والغسل بل وشطف الصحون امتثالا لمقولة “ادهن السير يسير” بدلا من أن أبيت خارج البيت في هذا اللهيب القاتل.. اتحدى رجلا يدعي الشجاعة المطلقة خاصة في البيت !! ولعمري هذه حالة تنتابني منذ أن شارفت على الخمسين من العمر.. وتزعم بعلتي أنني بت نكديا منذ ارتفاع فاتورة الكهرباء والماء ولم يعد لي عملا سوى مراقبة مصابيح البيت حسبي الله عليكم ياحقين “الكهرماء” ولم يعد أمامي سوى البحث عن وظيفة احتياطية لسد العجز الناقص في مصاريف البيت وام العيال .. وقد لجأت مؤخرا إلى شيخ التجار في محافظة الجموم البنغالي “العم أرشد ” وهو في نظري شيخ على الاقل لأنه التاجر الوحيد في المحافظة الذي تظهر عليه علامات التحرك والعمل التطوعي والمشاركة المستمرة في غياب غرفة مكه التي لم تخدم المحافظة منذ تأسيسها ولم تشارك في اي فعاليات تخدم الجموم على الأقل منذ نحو ثلاثة عقود .. والقيت على العم أرشد كل الألقاب العربية الباذخة في سبيل أن يمنحني فرصة عمل ولو كانت توصيل طلبات أو حتى لسد عجز “مسمى سعودة” طالما نحن لصوص في حق أنفسنا.. والعم أرشد يسيطر على ثلاثة أرباع مطابخ وقصور أفراح المحافظة بمباركة الجميع .. بيد اني عجزت تماما عن مقاومة تسلط بعلتي.
أدركت مؤخرا أن تشبيه البعض للحكومات بست البيت لم يأت من فراغ بل ازددت قناعة بعد أن رأيت لامناص من الرضوخ لأي قرار إداري يخرج من المسؤلين لنطبل رغم انوفنا ثم نصفق ونبارك له بلا طعم أو لون ورائحة حتى تقتنع دواخلنا أن كل شيء “صح”. ومنذ بضعة عقود وأهالي محافظة الجموم شمال مكه يرزخون تحت طائلة التبلد الإداري المقيت لكل محافظ يعتلي سنام إدارتها فيخرج المحافظ تلو الاخر ولانرى لهم طحنا أو عجينا حتى أن شارعا متهالكا منذ 30 عاما عجزت كل الإدارات السابقة على حل معضلة الموت عليه ورغم أن الأهالي كتبوا واسترجوا الحاكم الإداري الذي انتهى دوره بالتوجيه لتحفظ كل المطالب في دهاليز المحافظة..
تعاني هذه المحافظة من شدة الإهمال في جل خدماتها الإدارية بدء من المرور الذي لايملك سوى ثلاثة مراكب نادرا ماتظهر عند زيارة الحاكم الإداري أو عبور مسؤلا أراد اختصار الطريق إلى مكه . ونهاية بالضعف المقيت لما يطلق عليه المجلس البلدي الذي لانعرف من رئيسه وعدد أعضاؤه سوى في مناسبات الأعياد..
نريد محافظاً فعلياً يقلب كل المعادلات السابقة في الخمول وان يحرك المياة الراكدة للعمل الجماعي لخلق مبادرات ناجحة تخدم المحافظة الكبرى التي ماتت كل بوادر الحياة المدنيه المتحضرة فيها .
نريد محافظاً يزور القرى ويجلس مع الأهالي ويشمر عن ساعديه لخدمة المحافظة وليس للعبور بمنصبه إلى منصب رفيع آخر.. والأهم نريد محافظا يسكن في الجموم ليعيش معنا كل لحظة ألم ووجع يغتال أبناؤنا على طرقاتها ونطمع منه أن يفتح مجلسه ليرى أن أهم بنود التطور الحضاري هو إنشاء مدينة صناعية بعيدة عن العشوائيات التي تغتال جمال المحافظة ويشاهد بأم عينيه.
أن من العيب تكون محافظة الجموم مرتع للورش الصناعيه في مدخلها المشوه لكل جماليات المدن وان يحقق في امتداد جل تلكم الورش الصناعيه.. ومن هو الشخص المستفيد الذي تهابه بقية القطاعات ليبني ويشوه بمزاجه ودون رقيب أو حسيب كل ثلاثة أشهر ورشة!! حتى باتت مداخل الجموم حي من أحياء دلهي في الهند ..
نريد من المحافظ القادم ان يخلع نعليه قبل عباءته ليمشي في شوارعها ليخطط ويبني على الأقل ملعباً وينشيء نادياً رياضياً لمحافظة من أكبر المحافظات في منطقة مكه المكرمه…
وحقيقة القول من المخجل أن تنجح محافظة من فئة عاشرة في أطراف المدينه المنورة تدعى “الحسو” وتكون من أجمل محافظات المملكة بينما ترزخ الجموم الكبيرة بخيبة امل مستمرة لكل محافظ يقدم لها ويذهب منها لايعرفه إلا رؤساء الإدارات وموظفي المحافظة … لانريد عنزروتا يكمكم لحومنا التي افسدتها معاناة الجري والهرولة بين مكة وجدة حتى في طلب خدمة تأسيس هاتف.. بل نريد عنزروت يعالج كل مواجعنا لنباهي في الجموم كي تصبح زهرة المحافظات ..وكفى … رحنا فيها.
عبدالله الشريف
الدوله تعترف دائما بالتقصير وأنها تسعى لما فيه مصلحة المواطن لكن في غياب المحاسبه سنرواح مكاننا .. وفي هذه الحاله فقط سأضم صوتي لما تطرق إليه الكاتب بنهاية المقال فعلا رحنا فيها …