في البدء أستميح القارئ الكريم العذر في تكرار المواضيع التي تتناول الحج سواء مني أو من زملائي الكتّاب الكرام في صحيفة مكة الإلكترونية، وإن كنت لست مخولًا بالحديث نيابة عن الزملاء الكرام فهم أكثر معرفة مني وأطول باعًا في هذا المجال، لكنني أستطيع القول بثقة إن ما يدفعنا للتركيز على المقالات التي تناقش شؤون الحج عدة أمور منها: أن صحيفة مكة الإلكترونية هي من أكثر الصحف اهتمامًا بالحج وشؤونه حتى كان لها قصب السبق في هذا المجال بلا منازع، والغالبية العظمى من كتابها وقرائها يولون الحج اهتمامهم كونه يمسُّ حياتهم بصورة مباشرة، ثم إن الحج يُمثل لدولتنا -رعاها الله- مسؤولية عظيمة وتحديًا كبيرًا اعتادت على خوضه وتحمل مشاقه، وتفخر وتشرف بما تقدمه من غالٍ ونفيس في سبيل خدمة حجاج بيت الله وتيسير أدائهم لمناسكهم وتسخير كل إمكاناتها البشرية والمادية؛ للخروج بهذا المحفل العظيم إلى بر الأمان والمحافظة على أمن وسلامة الحجيج.
ولما كانت هذه الأيام المباركة هي أيام لوصول الحجاج للأراضي المقدسة فالدواعي للكتابة عن الحج تكون حاضرة بقوة أكثر من أي وقت، والعاملون في خدمة الحجاج في شتى المجالات لهم مع الحج قصة عشق حولية تأسر قلوبهم وتستولي على تلابيب عقولهم، ويروون قصص علاقتهم بالحج وتعلقهم به للأبناء والأحفاد كلما دخلت أشهر الحج وتقاربت أيامه المعدودات.
لكل ما سبق فليعذرنا القارئ الكريم إن أثقلنا عليه بموضوعات الحج في أشهر الحج. ولا ننسى أيضًا أن الحادثين الأليمين اللذين رافقا موسم حج ١٤٣٦هـ يلقيان بظلالهما على موسم حج هذا العام، ولا بد أن نكون قد خرجنا من تِلْك الكارثتين بدروس جمّة وخبرات عديدة، وتعلمنا نتيجة لما حدث كيفية التنبؤ بالأخطار ومواجهتها قبل أن تتحول لكوارث لا قدر الله.
ولما كانت إدارة المخاطر والتعامل معها قد أصبحت من الأنشطة الإدارية التي تدرس ولها قواعدها وأصولها، وتُقام لها في الشركات والمؤسسات العالمية إدارات خاصة مؤهلة للتعامل معها، فإن ذلك يدعوني للتساؤل لماذا لا يكون لمؤسسات الطوافة غرفة عمليات مشتركة لإدارة المخاطر يكون مقرها الهيئة التنسيقية مثلًا وتضم عضو مجلس إدارة من كل مؤسسة طوافة مهمتها تحديد المخاطر المحتملة، والتعرف عليها بناءً على المعلومات المتوفرة وتقييمها ووضع الخطط للتعامل معها، والتخفيف من آثارها والخسائر الناتجة عنها والتعاون بين المؤسسات والجهات الحكومية الأخرى للتحكم فيها ومواجهتها، وكتابة التقارير المفصلة بعد ذلك عنها؟!
ويستمر التساؤل عن دور الجهات الأمنية وغير الأمنية في نشر التوعية المباشرة بين العاملين في الحج؛ وذلك بإقامة محاضرات تضم مسؤولين من جميع الجهات التي لها علاقة بسلامة وأمن الحجاج كالأمن العام والدفاع المدني، وأمانة العاصمة المقدسة، ومصلحة المياه، ووزارة الصحة وغيرها من الجهات ذات العلاقة المباشرة بالحج، تتضمن هذه المحاضرات أو الندوات تحديدًا واضحًا للمخاطر المحتملة وآليات التعامل معها بخطوات محددة يتعرّف عليها جميع العاملين في موسم الحج، وبذلك نكون قد أوجدنا أعدادًا كبيرة من العاملين في الحج يتعاملون مع كل ما حولهم بحس أمني وطني، ويكونون أعين ساهرة على أمن وسلامة الحجاج كلّ في موقعه. ومتى ما توفرت المعلومة الصحيحة في الوقت المناسب كانت فرصة متخذ القرار في اتخاذ الخطوات التصحيحية؛ لإزالة الخطر والتعامل معه أكثر دقة وصوابًا.
أمن وسلامة الحج مسؤولية جماعية، والكل مطالب بالقيام بدوره للإبلاغ عّما يُشكل خطرًا على أمن وسلامة الحجاج. حفظ المولى بلادنا من كل شر، وحفظ الله حجاج بيته الحرام الحرام من كل مكروه، ويسر الله لهم أداء مناسكهم والعودة لديارهم سالمين غانمين. آمين..
طارق عبد الله فقيه
فكرة صائبة واتمنى تنفيذها على ارض الواقع
بلعكس انا ارى ان تكرس جميع الجهود هذه الايام في كل امور الحج…اللهم احفظ علينا ديننا وبلادنا وامننا…جزاك الله خير