أعطوا أمثلة تُعد مفخرة للعزيمة والإصرار وعدم الركود بضربهم في مناكب الأرض؛ بحثًا عن لقمة العيش أيًّا كانت وسائلها وطرقها .. إنهم الشباب الذين واجهوا البطالة بابتكارٍ مهني يتمثل في إعداد الشاي على الحطب أو “الجمر”؛ وذلك على ضفاف الشوارع العامة أو جوانب الكورنيش بمحافظة جدة من أجل أن يكسبوا قوتهم وقوت عوائلهم.
بالطبع يستحقون أن توضع لهم “القبعة” احترامًا وتقديرًا وإجلالًا لعظيم صنعهم الذي أصبح مصدر رزق لكثير من الشباب، الذين تخلوا عن شهاداتهم العلمية سواءً أكانت ثانوية أو جامعية ليمتهنون هذا العمل الشريف الذي غرس في أنفسهم ثقافة جديدة تجمع بين العمل الميداني والعمل الحر، بما يمكن الشاب من خلق أفكار محلية تتناسب مع متطلبات أبناء مجتمعه بصورة لائقة. ويحصدون بأساليب الترحيب والضيافة السعودية الأصيلة الزبائن الذين يحرصون على شرب “شاي الحطب” بالنعناع والحبق أو الدوش وإكليل الجبل أو الزهور الأخرى العطرية، إلى جانب أن بعض الشباب يحبذون تقديم القهوة العربية والشاي العدني لتلبية أذواق مختلف الزبائن.
ويزيد من مستوى الآمال والتطلعات حاجة هؤلاء الشباب لدعمهم من أمانة محافظة جدة؛ لتهيئة الأماكن الملائمة لممارسة هذا النشاط الذي يغنيهم عن السؤال والاعتماد على أنفسهم في كسب قوتهم الذي لا يتجاوز الـ200 ريال يوميًّا والذي يحصلون عليه بعد عناء من إيقاد الحطب وحرارة النار والمجهود الكبير الذي يبذلونه في ذلك.
بل وترى البعض منهم يمارس هذه الأعمال من خلال سيارته الخاصة وعبر “بسطة مصغر” وإضاءة من خلال بطارية السيارة؛ إضافة إلى طريقة صنع الشاي على الجمر الصعبة، كونه يحتاج إلى وقت لإشعال الجمر أو الحطب الذي ارتفعت أسعاره؛ إضافة إلى ندرة النوع الجيد منه، حيث يبحثون عن النوع الذي يشتعل بسرعة، وهذا سعره مرتفع جدًا. ولكن مع هذا وذاك.
لا نملك إلا .. أن ندعم مثل هذا التوجه الشبابي المفعم بالإصرار والعزيمة .. لكي يتم استغلال مثل هذه القدرات فيما يعود عليهم وعلى ذويهم بالنفع والفائدة.
محمد العواجي
إعلامي سعودي