إيوان مكةخواطر قاري

“كتبجي” البدء بالقراءة .. مشروع شبابي هل ندعمه ؟! 

 قبل أشهر كان أحد أعضاء مشروع “كتبجي” – عبدالرحمن المدني – قد تواصل معي عبر “الفيسبوك” للكتابة عن تجربتي القرائية معهم وأخبرني عن مشروعهم القادم ، بعدها بشهرين التقيتُ لأول مرة عبد المجيد تمراز – صاحب مبادرة “كتبجي” – في مكتبة كنوز المعرفة بجدة ، وكان هو المبادر إلى التعرّف عليّ حينما سأل موظف المكتبة عن مؤلف كتاب “النغري المكي” وصادفَ وجودي لحظتها ؛ فكان لقاءً سريعاً وحديثاً لطيفاً وحميماً حول المشروع على وعْدِ اللقاء القريب بإذن الله . 

كنتُ متابعاً لعبد المجيد منذ سنوات مضتْ بدءاً من كتابه الأول “جنوني مذهبي في القراءة” ؛ حيث تواصلتُ معه إلكترونياً وأثنيتُ على فكرة الكتاب وضرورة المراجعة والتدقيق اللغوي له في طبعاته القادمة ، وكان متقبّلاً لذلك في ذوق وأدبٍ جمّ .. والجميل أن عبد المجيد لم يتوقف شغفه بالقراءة وتعاطي الكتب عند التأليف – الذي لم ينقطع عنه – بل تجاوزه متماشياً مع ثورة التقنية التواصلية حينما ظهر “اليوتيوب” ؛ فأطلق سلسلة حلقات “كتبجي” التي كانت تدور في نفس الفلك القرائي .   

بعد عدة حلقات توقف “كتبجي” قرابة السنتين لم يقدّم شيئاً مرئياً مع استمرارية الكتب التي انفرد بتأليفها عبد المجيد تارةً وتارةً أخرى مشاركةً مع آخرين خاصةً شيخ فتوحه الشيخ علي أبو الحسن الداعية المعروف ؛ لتصل مؤلفاته حتى الآن 13 كتاباً آخرها كتابه “كيف لأحمد بهجت أن يغيّر حياتك” بعد مجموعة كتب معظمها في دائرة القراءة مثل : طقس 30 نموذجاً لممكنات الفعل القرائي ، 27 خرافة شعبية عن القراءة ، بوصلة القراءة ، صناعة نوادي ومجموعات القراءة ، كيمياء القراءة ، رمضاني والقراءة . 

يعودُ اليوم – بعد توقف – مشروع “كتبجي” في صيغة جديدة وأهداف عميقة بأيدي شباب صغار بعد أن كان عملاً فردياً لشاب تاقتْ نفسُه لتغيير حاله والبحث عن ذاته التي وجدَها في القراءة وسيلةً وغاية .. فقرأ ودوّن ملاحظاته ، وحاول الخروج بشيء يفيد نفسه وغيره منها ؛ فكان التثقيف عبر التأليف ، وعقد اللقاءات والدورات الشبابية لنقل تجربته التي ذاق حلاوتها – ولو نفسياً بالبداية – فتحولتْ نتاجاً مقروءاً ومرئياً فترةً من الزمن ؛ لتكون النقلة في العمل المؤسسي والرؤية البعيدة لنهضة أمة اقرأ عبر منصّة خاصة بالقراءة : تثقيفاً ، وتواصلاً ، وتقنيناً يستثمر الواقع الافتراضي في نقل التجارب القرائية على مستوى العالم ، ولا يتوقف عند ذلك بل سيسهمُ – حسب الخطط المستقبلية للمشروع – في طباعة ونشر الكتب المتخصصة في عوالم القراءة ، وترجمة الأخرى باللغات الأجنبية .. كل ذلك مع استمرار سلسلة “كتبجي” اليوتيوبية بحلقات جديدة ، ورابط المنصة هو : www.kotoji.com 

نُظّم الحفل في مكتبة الملك فهد العامة بجدة في بساطة وأريحية شعر بها جميع الحاضرين ، وحضره جميع الفئات العمرية شيوخاً وشباباً وأطفالاً بنسب متفاوتة ، كان من الحاضرين : د.عدنان المزروع مدير جامعة طيبة ، أ.طراد باسنبل مذيع Mix fm ، الشيخ علي أبو الحسن الذي رفض اعتلاء المسرح حتى يصعد معه الأطفال الحاضرون الذين قال بأنهم رأس المال والأولى بأن يكون لهم رأيهم وكلمتهم فيما سيثمره المشروع بالمستقبل القريب . 

أجمل ما شدّني ولفت انتباهي تلك الشبابية في التنفيذ والإشراف من شباب بعضهم لم يُنهِ بعد دراسته الجامعية ! شاركوا في التقديم وفي الفقرات بين المعرفية الجادة والكوميدية الهادفة ، وكانت الدعوة للحفل قبل أسبوع فقط عبر وسائل التواصل الاجتماعي دعوة عامة ، خلت من بروتوكولات راعي الحفل وداعم الحفل ودرع تكريمي وآخر شرفي وغيرها من “المكياج” الاجتماعي الذي يزول سريعاً مع أدنى ملامسةٍ لماء الواقع المتهالك في الشكليّات ! 

لم يستعينوا بمُقدّم خبير مزّقتْ شهرتُه منصّات التلفزيون والفضائيات ، ولم يبحثوا عن قاعة ضخمة ، ولم يتوسّلوا مظلة الأندية الأدبية ولا جمعيات الثقافة والفنون ولا مراكز الأحياء ولا غيرها ؛ توجّهوا للممكن المتاح – ولم يخالفوا النظام – نحو المكتبة العامة التي إنما وُجدت قاعاتُها لمثل تلك المبادرات واللقاءات الشبابية ، وكانت الخيار المثالي لانطلاق المشروع في ثوبه المؤسسي الجديد .  

كان حفلاً بسيطاً بدأ وانتهى في حدود الساعة ، وخُتم بتقطيع كعكة حملت مجسّم شعار المشروع واسمه بمشاركة جميع الحاضرين الذين خرجوا مسرورين وقد تبادلوا مع الشباب الصور والأحاديث الداعمة بلا حجب ولا كلفة ! 

أخيراً كم هي معبّرة تلك التغريدة التي أطلقها الناقد حسين بافقيه بعد ساعة من انتهاء الاحتفالية ؛ يقول فيها : “شباب جدة أراحوا أدمغتهم من أوهام النخبة المثقفة ، وصنعوا الأشكال الثقافية التي يريدونها ، من بينها مشروع كتبجي ..” ، وأديبنا بافقيه من النخب الثقافية والقامات الأدبية بالمملكة التي نزلتْ ساحة مواقع التواصل الاجتماعي بكامل لياقتها وأصالتها ، ويشهد على ذلك حضوره الفاعل في تويتر والفيس بوك ، وتجربته اليتيمة باليوتيوب مع صحيفة مكة الإلكترونية ، وتواصله من قبل مع موقع قبلة الدنيا وتشجيعه لمبادراته في حفظ الهوية المكيّة وغيرها . 

شكراً لكل الشباب المحبين للقراءة والكتاب على تلك المبادرة والمشروع الرائد الذي لم يطرقوا فيه باب أحدٍ وعملوا بقدراتهم الذاتية وهمّة الشباب من حولهم حتى وصلوا إلى هيئتة المؤسسية التي يأملون اكتمالها الآن ؛ فهل يستحقون دعم المهتمين بأمر الثقافة من نخب وأعلام ومثقفين وتجّار واعين ورجال إعلام ما فتئوا ينادُونَ بضرورة الاهتمام بالشباب ودعمهم ؟! المشروع جاهز كما رأيناه بالحفل لا ينقصه إلا الدعم والإسهام العلمي والعملي للخروج بنفعه إلى أوسع نطاق ممكن .. والله وليّ التوفيق والسداد .  

 حسن محمد شعيب 

Shuaib2002@gmail.com 

 كتبجي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com