همسات الخميس
بطبيعة الحال فإن تركي نسبة الى الترك وهي التسمية التي كان يطلقها العربان على العثمانيين، وشامي تطلق على كل شمالي وخاصة شعوب بلاد الشام، ومصري نسبة الى مصر وحَبَشِي نسبة الى الحُبْش وهم السود وهذا من أقدم الأسماء العرقية التي عرفها عرب الجزيرة، ويماني الى اليمن وكل جنوب، ورومي وهي تسمية أكثر قدما للأتراك العثمانيين، وهندي الى الهند، أما عتيبي فجاءت من قبيلة عتيبة وكناني من بني كنانة وحربي من قبيلة حرب وحصيني من الحصنة من عتيبة وجعيدي من جُعيدة، وهلالي من بني هلال وقرشي من قريش وثوعي من بني ثوعة ومكي ومكية من المدينة المقدسة المعروفة وخبتي من الخبت وهو الحيز المحصور جغرافيا بين نجود تهامة وبين سيف البحر، وعُصْبي نسبة إلى العُصْبة وهم حجاج اليمن، كان مرورهم على الباحة يشكل ظاهرة لا فتة لا تقل عن مرور محملي الشام ومصر بالديار الحجازية، وذيبي نسبة الى قرية ذيب في زهران ورُباعي الى قرية رُباع من زهران وكَبَرِي الى بني كبير من غامد وحجازي الى إقليم الحجاز وبدوي الى البدو وصعيدي الى صعيد مصر.
ولكن ما لذي يدفع بالإنسان لأن يسمي ابنه عتيبي أو تركي أو حربي أو خبتي أو ثوعي أو يماني أو أي تسمية عرقية أخرى؟ للإجابة على هذا التساؤل ينبغي أن نميز بين مسارين لتلك الدوافع، المسار الأشمل والأكثر انتشارا والبعيد في الوقت نفسه عن هدف هذه المقالة وهو مسار ” السماوة ” وفيها يقوم الأب بتسمية ابنه على اسم شخص آخر من مقاربه ومعارفه لمودة قائمة بينهما، وفي هذا المسار لا شأن للأب بمعنى الاسم أو جذوره، وجد من أقاربه رجلا اسمه تركي مثلا فسمى به احتفاء بالمسمى والسميّ، ولهم في ذلك تقاليد يضيق المجال عن وصفها ، ولهم في تداعيات السماوة قصص عجيبة سنأتي عليها يوما، أما المسار الثاني فهو مسار الجذور الأولى للتسمية وهو الذي يعنينا هنا، الاسم كما جرى سكُّه أولا قبل أن يشيع تداوله، وهذا المسار سيدفع بنا إلى حلقة ثالثة في مسألة الأسماء.
محمد ربيع الغامدي