(مكة) – جدة
“نحج بدلا عنك أو عن أقاربك المتوفين”، جملة انتشرت مؤخرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال أشخاص يعرضون خدماتهم للقيام بأداء مناسك الحج نيابة عن الآخرين برسوم معينة، وهي ظاهرة تتزايد مع اقتراب موسم الحج، وتبلغ تكاليفها ما بين 4 آلاف ريال و6 آلاف، حسب نوعية الحج المطلوب، ما يوحي أن التكسب المادي هو هدف بعيداً عن الثواب المنشود.
ويسمى حج البدل عند الفقهاء والأصوليين “بالتوكيل أو النيابة في الحج والذي يتم فقط عن المريض مرضا لا يرجى برؤه، أو عن العاجز ببدنه، أو عن الميت، إلا أن سمسارة حج البدل حولوها إلى تجارة بعد انتشار إعلاناتهم هنا وهناك ووصول أسعارهم إلى 5000 ريال، ما أفرغ هذا النسك من محتواه المعنوي والروحي، حيث بات فرصة للكسب الموسمي بعيدا عن طلب الأجر والمثوبة”.
خالد الزهراني، رجل ستيني اتصل بعدة أشخاص للحج عن أخيه المتوفى لعدم قدرته على الذهاب. وقال إنه لم يستطع الوثوق بأحد من هؤلاء بعد أن شعر أن الموضوع عبارة عن تفاوض مادي أشبه بالصفقة التجارية، مشيرا إلى أنهم أخبروه أن القيمة تختلف حسب نوع الحجة، فحج “الإفراد” أي من غير عمرة، بمبلغ 4000 ريال، فيما حج “الإقران” أي حج وعمره فيكلف 5000 ريال، أما حج “التمتع” أي حج وعمرة بإحرامين منفصلين فيكلف مبلغ 6000 ريال.
وأوضح الزهراني، أنهم أخبروه بأنهم سيقومون بإرسال صور وفيديو من المشاعر يثبت أداء فريضة الحج، لكن الصعب أن المصداقية بأشخاص يعرضون خدماتهم في هذا المجال، لاسيما أن بعضهم يقومون بالاتفاق مع عدد من الأشخاص للحج عنهم في وقت واحد، مبينا أن البعض يلجأ إليهم نظرا لعدم وجود مظلة رسمية كجمعية أو مؤسسة تابعة لوزارة الحج تتحقق معها الطمأنينة لكل الراغبين في أداء حج البدل عن أقاربهم، وهو ما جعل حج البدل تجارة رائجة واستغلالا لظروف العاجزين.
من جهته، قال الباحث الشرعي، الدكتور على الشريف، إنه لم يثبت عن أهل السلف من قام بهذا، ولو كان هذا عملا صالحا لكانوا إليه مبادرين، وإن الارتزاق بأعمال البر ليس من شأن الصالحين. وقال: إن كان المقصود “اكتساب المال” فهذا لا يجوز، لأن هذا الفعل ليس محلا للتكسب والتجارة، ولأن الارتزاق بأعمال البر ليس من شأن الصالحين.
وأوضح الشريف أنه لا يستحب للرجل أن يأخذ مالا يحج به عن غيره إلا لشخصين، إما رجل يحب الحج وهو عاجز فيأخذ مالا ليقضي نيته الصالحة ويؤدي به عن أخيه فريضة الحج، أو رجل يحب أن يبرئ ذمة الميت عن الحج لصلة بينهما، فيأخذ مالا ليؤدي به ذلك، وما دون ذلك فلا يستحب، لأن ذلك قد يحمل البعض على التواكل على الغير لأداء الفريضة بنفسه، لأنه يضمن من سيقوم بهذا العمل عنه ، وفقاً لـِ”العربية.نت”.