تنقسم مواقيت الإحرام المحددة لقاصدي المسجد الحرام بنية تأدية الحج والعمرة بمواقيت زمنية حددها الله تعالى تعظيمًا وحرمة لبيته الحرام، قال تعالى (( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ))، والقصد منها تجنب كل ما يخل بالحج من الأقوال والأفعال الذميمة والانشغال بفعل الخيرات وملازمة التقوى، وقد زٌمنت بشهر شوال وذي القعدة وعشر من ذي الحجة، ومواقيت مكانية حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم في خمسة مواقع مختلفة باتجاه مكة المكرمة، التي لا يجوز للحاج أن يتعداها إلى مكة بدون إحرام، وقد بينت كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : ( وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم ، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة ، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ ، حتى أهل مكة من مكة ) متفق عليه ، ولمسلم من حديث جابر : ( ومهل أهل العراق ذات عرق)” .
وتعرف مسميات المواقيت المكانية بذي الحليفة، ويعرف حالياً ( بآبار علي ) وهو ميقات لأهل المدينة المنورة ومن على طريقهم ويبعد عن مكة 450 كلم، وسمي بالحليفة نسبة لتصغير نبت الحلاف الذي اشتهر بكثرته في الموقع ، ويقع مسجده شمال مكة المكرمة، ويبعد عن المسجد الحرام 433 كلم، ويرتفع موقعه عن مستوى سطح البحر بـ 640 متراً، وميقات الجحفة الواقع في الشمال الغربي من مكة المكرمة، والجنوب الشرقي من مدينة رابغ، ويحرم منه أهل الشام ومصر والمغرب وعموم حجاج إفريقيا ومن أتى على طريقهم، ويبعد عن مكة المكرمة 180 كلم، وهو خراب بسبب جفاف موقعه، واستبدل عنه بميقات آخر في رابغ القريبة منه بمسافة 17 كلم .
وميقات قرن المنازل أو قرن الثعالب ويعرف الآن ( بالسيل الكبير) وهو ميقات أهل نجد وأهل الخليج ومن أتى على طريقهم، ويقع شمال الطائف بـ 55 كلم، بارتفاع 1200عن سطح البحر، فيما يبعد عن مكة مسافة 75 كلم تقريبا، ويضم مسجداً مجهزا بجميع الخدمات التي يحتاجها العتمرين والحجاج، يحتوي على مواقف واسعة للسيارات، ومساحات خضراء، وخزانات للمياه، ودورات مياه، كذلك يحرم من أعلى السيل حجاج الطائف وجنوب المملكة وحجاج اليمن الحجازي، من المسجد المعروف بـ “وادي محرم”، ويقع في الشمال الغربي من الطائف ويبعد عنها مسافة 10 كلم، حيث اجتهد العلماء وحددوه ميقاتاً أعلى للقرن ، وذلك عند إنشاء طريق الهدى أو “الكر”، ويتميز بموقعه المرتفع عن سطح البحر بـ 2000 متر، وميقات يلملم القديم ويرجع اشتقاق مسماه نسبة إلى “جبل لملم” حسب نطق قاطنيه، ويقع المسجد الجديد للميقات المسمى (بالسعدية) جنوب مكة المكرمة وإلى الجنوب الغربي من المسجد القديم، ويبعد عن مكة حوالي 130 كلم، وعن موقع الميقات القديم 21 كم، ويقع على الضفة الشمالية لوادي يلملم بالقرب من بئر السعدية، ويرتفع عن مستوى سطح البحر 60 مترا، ويعد ميقاتا لأهل تهامة والساحل اليماني ومن في طريقهم وحجاج إندونيسيا وماليزيا والصين والهند، وغيرهم من حجاج جنوب آسيا، حيث يحتوي على مرافق خدمية من دورات مياه، ومحطتي معالجة لتحسين مياه الشرب، وتدوير مياه المواضئ، كما يضم مواقف للسيارات، ومساحات خضراء، ومولدات كهربائية احتياطية.
وميقات ذات عرق، ويعود مسماه نسبة إلى جبلٍ يقدر ارتفاعه 1141 مترا عن مستوى سطح البحر، ويعلوه “عرق” أسود بامتداد حوالي 1500 متر من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي، الذي يقع على طريق زبيدة، ويقع مسجد الميقات بمحافظة الطائف على طريق عشيرة، كما يقع إلى الشمال الشرقي من مكة المكرمة، وإلى الشمال مباشرة من مسجد ميقات السيل الكبير بحوالي 35 كلم، ويبعد عن المسجد الحرام حوالي 90 كلم، ويرتفع عن مستوى البحر بـ 1050 مترا، وسيتسع مسجده لـ 37 ألف مصل ومصلية، بعد توسعته، كما يحتوي على ميزانين ودورات مياه للرجال والنساء، ومحال تجارية، وإسكانات للعزاب والعوائل، ومباني إدارية وخدمية.
ويضاف لهذه المواقيت الخمسة مسجد التنعيم، وهو أحد مساجد مكة المكرمة، ويعد ميقاتا لمن أراد الحج من أهل مكة المكرمة سواء من ساكنيها أو المقيمين فيها، يقع المسجد في الجهة الشمالية الغربية من مكة، وتقدر المسافة بينه وبين باب العمرة بـ 6148 متراً وقد اتفق العلماء أن على من دخل مكة من غير هذه المواقيت، لزمه أن يحرم إذا حاذى أقربها، فإذا لم يحاذِ بعضا، ولم يدرِك المحاذاة، لزّمه أن يحرم إذا بقي بينه وبين مكة مرحلتان، والمرحلة تقاس بمسيرة يوم .
كما تنقسم المواقيت المكانية إلى ثلاثة أقسام هي مواقيت “أهل الحرم”، الذين يقيمون في مكة سواء من أهلها أو من غير أهلها، ومواقيت “أهل الحل”، الذين يسكنون داخل المواقيت الخمسة أي بين مكة والميقات، و”الآفاقيون” أي الذين تقع منازلهم خارج المواقيت ، ولا يجوز الذهاب للبيت الحرام إلا عن بالمرور بها والإحرام منها لأداء مناسك العمرة أو الحج ، وجعلت هذه المواقيت تكريما وتعظيما لبيته الحرام، حيث أن في تعددها واختلاف مواقعها رحمة من الله تعالى للمسلمين وإبعاد المشقة عنهم .
وقد أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -، اهتمامها بالعناية بهذه المواقيت، ممثلة بوزارة الحج، التي كثفت جهودها في تطوير وخدمة جميع مرافق هذه المواقيت، شملت الاهتمام بالمساجد الرئيسية، ومصليات النساء، والخدمات والمرافق العامة والمساندة لها من دورات المياه، والأماكن المخصصة للاستحمام، وتوفير جميع مستلزماتها، وتنظيم الأسواق وساحاتها المقابلة للمواقيت .
وتحرص الوزارة على تنفيذ المشروعات التطويرية والتنموية للمواقيت ومساجدها ومرافقها، مع التوسع في مشروعات الترميم والصيانة من أعمال للأسوار الخارجية وتغيير الأبواب والأعمال الكهربائية والميكانيكية والصحية بالكامل بشكل مستمر، منها إنشاء محطات معالجة المياه وتدويرها، بالإضافة إلى مشروع تحسين مياه الشرب ومعالجتها، وإنشاء استراحات خاصة بالرجال والنساء، وإنشاء وتنظيم وتوسعة مواقف السيارات الخاصة بها .