يقع مقام إبراهيم – عليه السلام – في صحن الكعبة المشرفة، ذو مظهر بلوري مذهب ،له العديد من الفضائل، وورد ذكره في القرآن الكريم في قوله – عز وجل (( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ))، ووقف عليه إبراهيم عليه السلام كما أمره الله بذلك.
والمقام حجر أثري قام عليه النبي إبراهيم ـ عليه السلام ـ عند بناء الكعبة المشرفة لما ارتفع البناء ليقومَ فوقه، ويناوله ابنه إسماعيل – عليه السلام – الحجارة فيضعها بيده لرفع الجدار كلَّما كَمَّل ناحية انتقل إلى أخرى يطوف حول الكعبة ويقف عليه، وكلما فرغ من جدار نقله إلى الناحية التي تليها حتى تم بناء جدران الكعبة المشرفة الأربعة.
وكانت آثار قدميه ظاهرة فيه ولم تزل حتى الآن شاهدة تتسمر العيون إذا شاهدتها ويشير المؤرخون أن صفة حَجَر المقام رخْو من نوع حجر الماء ولم يكن من الحجر الصوان وهو مربع ومساحته خمسون سنتيمترا في مثلها طولاً وعرضًا وارتفاعًا، وفي وسطه أثر قدمي إبراهيم الخليل على شكل حفرتين بيضويتين مستطيلتين .
وكان المقام ملاصقًا لجدار الكعبة المشرفة واستمر كذلك إلى عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعهد أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – وقد أخره عن جدار الكعبة الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه .
وحظي المقام باهتمام الخلفاء والملوك والحكام والأمراء فكان أول من حلاّه الخليفة المهدي سنة 160هـ حيث بعث بألف دينار لتضبيب المقام بالذهب.
وفي عهد أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله سنة 236هـ , جعل ذهبًا فوق الذهب بأحسن منه عملا وكذلك في سنة 251هـ في خلافة المتوكل وفي سنة 256هـ من عامل مكة علي بن الحسن العباسي.
والمقام قبة عالية من خشب ثابتة قائمة على أربعة أعمدة دقاق وحجارة منحوتة بينهما أربعة شبابيك من حديد من الجهات الأربع ومن الجهة التي يدخل إلى المقام , والقبة مما يلي المقام منقوشة مزخرفة بالذهب ومما يلي السماء مبيضة ، وأما موضع المصلى فإنه ساباط مزخرف على أربع أعمدة ، فهما عمودان عليهما القبة ، وهو متصل بها ، وهو مما يلي الأرض منقوش مزخرف بالذهب ومما يلي السماء مبيض منور.
وجُددت قبة المقام عدة مرات وبقي المقام على هيئته الأخيرة إلى سنة (1387هـ) ، حيث أزيلت في عهد الملك فيصل – رحمه الله – المقصورة التي عليه وجعله في غطاء بلوري تحقيقًا للقرار الصادر عن رابطة العالم الإسلامي .. تفاديًا لخطر الزحام أيام موسم الحج ، وحرصًا على الأرواح البريئة ، الأمر الذي ينافي سماحة الشريعة الإسلامية ويسرها وعدم تكليفها النفس البشرية أكثر مما في وسعها ، وقد أزاح الملك فيصل الستار عن المقام بغطائه البلوري في حفل بهيج عام 1387 هـ .
وفي عهد خـادم الحرمين الشريفين الملك فهـد بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – رمم مقام إبراهيم عليه السلام ، واستبدل الهيكل المعدني الذي كان مركبًا على المقام بهيكل آخر جديد مصنوع من نحاس ذي جودة عالية ، كما تم تركيب شبك داخلي مطلي بالذهب ، وتم استبدال كساء القاعدة الخرسانية للمقام التي كانت مصنعة من الجرانيت الأسود ورخام بقاعدة أخرى ، مصنعة من رخام كرارة الأبيض الصافي ، والمحلى بالجرانيت الأخضر ؛ ليماثل في الشكل رخام الحِجِر ، وشكل الغطاء البلوري مثل القبة نصف الكرة ، ووزنه (1.750) كجم ، وارتفاعه (1.30) متر ، وقطره من الأسفل (40) سم ، وسمكه (20) سم من كل الجهات ، وقطره من الخارج من أسفله (80) سم ، ومحيط دائرته من أسفله (2.51)م.
وأصبح محل المقام بعد هذه التحسينات انسيابيًا وقبل ذلك كان مضلعًا , وقد شملت التحسينات الهيكل والقبة والهلال إضافة إلى القاعدة الخرسانية ، وتمت هذه الترميمات مع الحرص الشديد على عدم تحريك المقام من موقعه , وللمقام العديد من الفضائل منها أن الله تعالى نوه بذكره من جملة آياته البينات في قوله عز وجل : ” واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ” ، ومن فضائله أنه ياقوتة من يواقيت الجنة كما ورد في الحديث، ومن فضائله أن إبراهيم عليه السلام وقف عليه كما أمره الله عز وجل.