(مكة) – متابعة
حاول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف جاهدا أن يمنح إيران المتهمة بالإرهاب دور الضحية في هذا المجال فصب جام غضبه على المملكة العربية السعودية التي تعد الضحية الحقيقية للإرهاب الذي تمارسه القاعدة وتنظيم داعش في مقال كتبه يوم أمس الأربعاء بصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، متناسيا منح طهران ملجأ آمنا لعناصر القاعدة الفارين من أفغانستان.
ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا لظريف متهما المملكة العربية السعودية بالسعي لجر المنطقة إلى ما كانت عليه أيام الرئيس العراقي صدام حسين “أي أن يكون هناك حاكم عميل ظالم مدعوم ماليا من عرب المنطقة والغرب بتهديداته الموهومة لإیران. لكنهم الیوم یواجهون مشكلة رئیسیة وهي أن صدام مات منذ سنین ولا یمكن إعادة الزمن إلى الوراء”.
وعلق الدكتور كريم عبديان رئيس منظمة حقوق الإنسان الأهوازية في مقابلة مع “العربية.نت” على مقال ظريف فقال: “لا يختلف اثنان على أن نظام صدام حسين شعر بالخطر الإيراني فدخل في حرب لابد منها لإيقاف التدخلات الإيرانية في بلده وفي المنطقة عبر تصدير الثورة ووقفت بعض الدول العربية إلى جانب صدام لأن التهديدات الإيرانية طالت الجميع دون استثناء وباتت تشكل خطرا حقيقيا على الأمن القومي العربي ولاحقا وقفت نفس الدول إلى جانب الكويت بعد تعرضها للغزو العراقي، ففي كلا الحالتين كانت الدول العربية تدافع عن الأخطار المحدقة بها خارجية أجنبية كانت أم داخلية عربية ولكن لم يكن صدام حسين رغم دكتاتوريته عميلا كما زعم ظريف فلو كان عميلا لبقي في الحكم كما بقي النظام الإيراني”.
وأضاف يقول: “بعد إسقاط النظام العراقي في عام 2003 حدث خلل في توازن القوى في المنطقة لصالح إيران لأن الأميركان لم يسقطوا صدام حسين فقط بل أسقطوا الدولة العراقية فجاءت إيران لتملأ الفراغ الناجم عن ذلك الأمر الذي بات يشكل خطرا حقيقيا على الأمن القومي العربي برمته فهنا وجدت المملكة العربية السعودية نفسها مضطرة لخلق توازن إقليمي بصفتها القوة الإقليمية العربية الأبرز وذلك دفاعا عن الأمن القومي العربي”.
وردا على سؤال لماذا دفاع السعودية عن الأمن القومي العربي يثير غضب طهران قال الدكتور عبديان: “إيران تتوهم بأنها زعيمة الأمة الإسلامية وترى السعودية لا تسمح لها بالتوسع على حساب العرب في المنطقة فمن هذا المنطلق تشن طهران حملة لوبيات في أوروبا وأميركا لتشويه سمعة المملكة وأنا شخصيا حيث أعيش في واشنطن وعملت في مؤسسات رفيعة المستوى أعرف الكثير عن خفايا تحركات اللوبيات المرتبطة بإيران والتي تعمل ليل نهار ضد السعودية والمقال الذي نشره ظريف يأتي في إطار تبرئة إيران من كافة الأعمال الإرهابية التي قامت بها منذ تأسيس النظام في 1979 ولكي تحقق هذه الغاية تريد طهران طرح السعودية كمتهم بديل وبهذا لعب ظريف من خلال مقاله دور الضحية في حين الضحية الحقيقية هي السعودية وليست إيران”.
وكان وزير الخارجية الإيراني استخدم في المقال لغة طائفية لدى إشارته إلى ما اعتبره “دور الوهابية في الإساءة للإسلام وتشويهه، وإطلاق العنان للإرهاب والعنف والتطرف”، متهما السعودية بالوقوف وراء هذه المجموعات مثل “النصرة” و”داعش” وغيرهما، منوها إلى أن “مثل هذه المجموعات تتلقى دعما ماديا من السعودية المسبب الأساسي لتشكيل هذه المجموعات”.
وعلق الدكتور كريم عبديان بني سعيد على مزاعم الوزير الإيراني فقال: “كيف يتهم ظريف السعودية بهذه الطريقة ويكرر مسميات غير صحيحة فالسعودية لم تعلن يوما ما بأنها تبت للإسلام المتطرف بل أكدت وتؤكد دائما بأنها متمسكة بالإسلام بعيدا عن الطائفية وبعيدا عن العنف ولكن النظام الإيراني مارس دائما أسلوبا طائفيا وجيّش وسلّح الميليشيات الطائفية من أفغانستان إلى باكستان مرورا بالعراق ووصولا إلى سوريا واليمن ومجرد اختيار مسمى حماة المراقد لهذه الميليشيات خير دليل على النزعة الطائفية الكامنة خلف كافة إجراءات إيران”.
واستطرد يقول: “إن النظام الإيراني هو النظام الوحيد بين كافة الدول الإسلامية الذي يؤكد دستوره وبكل وضوح بأن القيادة في البلد هي ملك مذهب واحد وحتى قومية واحدة في بلد متعدد المذاهب والشعوب وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على طائفية وعنصرية النظام الإيراني”.
وقال الناشط الحقوقي الأهوازي البارز: “يعرف القاصي والداني تفاصيل مسلسل الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها السعودية منذ نوفمبر 1995حيث شهدت الرياض تفجيرات ضخمة هزت العاصمة أدت إلى قتل وجرح المواطنين الأبرياء وهذه الدرجة من القسوة والعنف لم تشهدها المملكة من قبل ولم يتوقف الحقد الكامن في قلوب الإرهابيين منذ ذلك الوقت واستمرت هجمات القاعدة والجماعات الإرهابية حتى عام 2016 ولحق داعش بركب القاعدة لأن الإرهاب يستهدف الإسلام الوسطي ولكن لم تتراجع الرياض عن موقفها في دك معاقل الإرهاب الذي كان يرابط بعض عناصره في شمال العاصمة الإيرانية طهران ويحمل اسم السنة زورا وبهتانا كما يحمل النظام الإيراني اسم الشيعة والشيعة منه براء، إلا أن ظريف يراهن على ذاكرته القصيرة متجاهلا الذاكرة الجماعية التي لا تغفر ولا تنسى”.
وردا على مزاعم ظريف حول جهود سعودية لإقناع الغربیین لدعم سیاساتها بهدف توجيه ضربات للنظام الإيراني قال عبديان: “يحاول ظريف تبديل الأدوار فالنظام الإيراني هو الذي حاول منذ تأسيسه ضرب الأمن والاستقرار لكافة دول المنطقة بما فيها السعودية لم تتوقف إيران عن محاولاتها اليائسة وخير دليل على ذلك سعيها الحثيث على تسييس الحج ولكن رفض السعودية لهذه المحاولة أثار غضب طهران فمنعت حتى حجاجها من التوجه إلى مكة لأن غايتها لم تتحقق نتيجة لموقف السعودية الصلب الرافض لاستغلال موسم الحج لمآرب سياسية من قبل النظام الإيراني الذي يريد تسخير حتى المقدسات خدمة لطموحاته الجيوسياسية”.