المقالات

الصلع والجذور

الصلع من الجذر الثلاثي (ص ل ع)، ومعنى صلع في لسان العرب، قاله ابن منظور:

 الصَّلَعُ ذَهابُ الشعر من مقدَّم الرأْس إِلى مُؤَخره وكذلك إِن ذهب وسَطُه صَلِعَ يَصْلَعُ صَلَعاً وهو أَصْلَعُ بَيِّنُ الصَّلَعِ وهو الذي انْحَسَرَ شعَرُ مُقَدَّم رأْسِه، وفي حديث الذي يَهْدِمُ الكعبةَ:

 كأَني به أُفَيْدِعَ أُصَيْلِعَ هو تصغيرُ الأَصْلَعِ، الذي انحسَرَ الشعرُ عن رأْسِه. وفي حديث بدر: ما قتلنا إِلاَّ عجائزَ صُلْعاً أَي مشايِخَ عَجَزَةً عن الحرب ويجمع الأَصْلَعُ على صُلْعانٍ. وفي حديث عمر أَيُّما أَشرَفُ الصُّلعْانُ أَو الفُرْعانُ ؟ وامرأَةٌ صَلْعاءُ (وأَنكرها بعضهم قال إِنما هي زَعْراءُ وقَزْعاءُ) والصَّلَعةُ والصُّلْعةُ موضِعُ الصَّلَعِ من الرأْس وكذلك النَّزَعةُ والكَشَفةُ والجَلَحَةُ جاءَتْ مُثَقَّلاتٍ كلُّها وقوله أَنشده ابن الأَعرابي: يَلُوحُ في حافات قَتْلاهُ الصَّلَعْ

 أَي يَتَجَنَّبُ الأَوْغادَ ولا يقتُل إِلاَّ الأَشرافَ وذَوِي الأَسْنانِ لأَن أَكثر الأَشرافِ وذوِي الأَسنانِ صُلْع كقوله:

 فَقُلْتُ لَها لا تُنْكِرِيني فَقَلَّما*** يَسُودُ الفَتَى حتى يشِيبَ ويَصْلَعا

 والصَّلْعاءُ من الرِّمال ما ليس فيها شجر وأَرضٌ صَلْعاءُ لا نبات فيها، فكأنَّ النبات للأرض بمنزلة الشعر للرأس ، ويدندن الصلعان في أيامنا أن الأصلع من أذكى البشر، وما رأيت أخبارهم ولا نظرياتهم ثابتة أبداً.

وأصل الجذر (ص ل ع) يشير الى الجَدْب والبروز والملاسة، فسموا الأصلع به بسبب بروز وبيان جلدة الرأس وضآلة الشعر فيه.

والدليل الجذوري، لو أخّذنا عكس المبنى لـ(صلع) وهو (ع ل ص) فنراه يشير الى الغزارة والتخمة والبشم.

وقال ابن فارس صاحب المقاييس:

الصاد واللام والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على ملاسةٍ. من ذلك الصَّلَع في الرّأْس، وأصله مأخوذٌ من الصُّلاَّع، وهو العريض من الصَّخر الأملس، الواحد صُلاَّعة.
وجبلٌ [صليع]: أملس لا ينبت شيئاً. قال عمرو بن  معد يكرب:


[وزَحفُ كتيبةٍ للقاء أخرى ***   كأنَّ زهاءَها رأسٌ صليع]

ويقال للعُرفُطةِ إِذا سقطت رؤوسُ أغصانِها: صَلْعَاء.
وتسمَّى الداهية صلعاء، أي بارزة ظاهرة لا يَخْفَى أمرُها.

وما أكثر النوادر والطرائف والنهفات في هذا الموضوع:

 

ومنه الحديث عن الصلع بعنوان: القول الأنفع في مواساة الأخ الأصلع أو

دفع الهلع عن من رأى الصلع:
قال معاوية رضي الله عنه:ثلاثة من السؤدد ومن الشرف:صلع الرأس وانتفاخ البطن والغيرة على النساء؛
قيل لأعرابي:ما الجمال في الرجال؟قال:

وصلع الرؤوس عظام البطون*** لحاء الشداق طوال القصر؛

وقال آخر يمدح ساداتهم:

بنى المجد آبـــــــــاء لنا سلف ***صلع الرؤوس و شيم السادة الصلع


وقد تفاءل العرب في معركة ذي قار بلمعان صلعة سيد بني عجل حنظلة بن ثعلبة وقد لمعت من الشمس.
وكيف يخجل الإنسان من صلعته ومن الصلعان عمر وعثمان وعلي ومعاوية وعمر بن عبدالعزيز رضي الله عنهم؛ كلهم كانوا  صلعاَ.
وقالت نائلة بنت الفرافصة لزوجها أمير المؤمنين وإمام المسلمين سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وعنها:إني من نساء أحب بعولتهن إليهن السادة الصلع؛.

 فلذلك أقول:
أخي الأصلع العزيز لاتحزن فإن عمر بن عبدالعزيز قال:إن قريشا تزعم أن كرامها صلعانها.

 وملك فرنسا اللويس الرابع عشر المتوفى1715م


حكم اثنتي وسبعين سنة كان أصلع وقصير القامة،وهو أول من لبس الباروكة وأول من لبس الكعب العالي !!لكن ما علينا منه فهوليس من جلدتنا.
وصاحب الصلعة تبرق صلعته وتضيئ بين السمار في ليل الصحراء كما يضيئ القمر في الليل حالك السواد.
يقول الدكتور أسامة الأشقر:والصلعة تبعث البهجة في البيت حين يضرب الأطفال عليها كأنهم يضربون على الدف.
وفي دراسة نشرتها مجلة التايم الأمريكية: أن الأصلع أوثق من غيره وهو أقدر على الإدارة وصنع القرار.
قلت: -(من الضيم والله)- وسبق أن ذكرت أن فضائل الصلع غير ثابتة.


أخي الأصلع: أرجو أن لايقف هذا المقال عندك فهناك الكثير من إخوانك الصلعان أصابهم الإكتئاب بسبب صلعاتهم، وتقبل تحياتي ومواساتي الجذورية الخالصة..

 

 

د. محمد فتحي الحريري

باحث في شؤون اللغة والاسرة وعلم التربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى