تشهد المشاعر المقدسة في كل مواسم الحج المباركة أعداداً متزايدة من الحجيج، وفي السنوات الأخيرة شهد العالم تنامي في إقتصادياته، التي نلمسها في الرفاهية التي يعيشها حجاج بيت الله الحرام بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، إذ يكاد لا يخلو مخيم من البوفيهات المتنوعة، ولا عجب إن اشتملت على المشاوي والمأكولات البحرية والعصائر وفواكه الموسم المتعددة، وفي ذلك من وجهة نظري ما يثقل كاهل أمانة العاصمة، لرفع مخلفات ذلك الترف من نفايات ورقية ومعدنية وبلاستيكية، رغم ما تنفقه الدولة حفظها الله من ميزانيات ضخمة على نظافة أم القرى عامة والمشاعر المقدسة خاصة، إضافة إلى أن لتلك الأعداد المهولة من مقطورات السبيل الخيري المتواجدة على إمتداد الطرقات، دور بارز في ما تتركه من مخلفات في المشاعر المقدسة، و من الممكن الإستفادة من تلك التلال من النفايات التي تعد ثروة إقتصادية، إذا أحسنت أمانة العاصمة إعادة تدويرها بالطرق الحديثة، بجهود ذاتية أو عبر شركات عالمية متخصصة وبعقود مالية رابحة تعود بالثراء على خزينة الأمانة، وفي كل الأحوال ورغم الكثافة المهولة من النفايات المتنامية في كل مواسم الحج، وبإعتباري مطوف مكلف بمهام ميدانية بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، فقد لمست تطوراً ملحوظاً في جهود أمانة العاصمة في نظافة المشاعر المقدسة خاصة، بخلاف ما كانت عليه في مواسم الحج الماضية، التي كتبت عن سلبياتها في حينه، وبسؤالي المباشر لأحد المسؤولين بالأمانة عن سر ذلك التطور الملحوظ، أفادني بأن سبق ذلك الجهد ورش عمل ودراسات متتابعة بإسترتيجيات هادفة، شاركت فيها جميع الجهات المعنية في شؤون الحج، الأمنية وغيرها، لتوعية الحجيج ولتسهيل مهمة تحرك المعدات والضواغط السيارة والضواغط الثابتة، التي قامت بدورها، وإن كنا نطمح في إستحداث أساليب أنجح عبر أنابيب الشفط السريع، لنقل ذلك الكم المهول من النفايات إلى خارج مشعر منى، بما يوفر على الأمانة مزيد من الجهد والمال، وخاصة في أوقات الذروة التي يصعب فيها تحرك المعدات بين الكتل البشرية.
الجدير بالذكر وفي تجربة ساهمت في تلك القفزة، أن تتم متابعة شركات النظافة المتعاقدة مع الأمانة بالعديد من الفرق الميدانية، التي قسمت المشاعر المقدسة إلى خمس قطاعات، وبإشراف مباشر من مهندسي الإدارة العامة للنظافة بالأمانة، وبكوادر وطنية عالية الخبرة ذات سلطة إدارية على تلك الشركات المنفذة للنظافة، مع وجود خطة دعم وتكثيف وفرق طوارئ للإستعانة بها وقت الحاجة، ومن الجميل أن تتم تلك الإنجازات تحت مظلة الإدارة العامة للنظافة ممثلة في وكالة الخدمات، وبزيارتي لمشعر منى يوم 15 من ذي الحجة، شاهدت الفرق الميدانية تقوم برش المواقع بالكلور والمبيدات الأخرى، بالأجهزة التقليدية والآلية عبر شركات متخصصة، للمساهمة في صحة البيئة التي تعد مطلب وهدف، بمكافحة الأوبئة المتوقعة بعد موسم الحج المبارك.
وفي الختام ما شاهدته عبارة عن جهود تذكر فتشكر، والأمانة كسبت الرهان والتحدي الكبير، بفضل الله ثم بجهود المخلصين في هذا الوطن المعطاء، لتكتمل منظومة النجاح الباهر لموسم حج هذا العام 1437، الذي شهده كفيف البصر وسمع به الأصم، وأكد نجاحه حجاج بيت الله الحرام، وتناقلته جميع وسائل الإعلام بفئاته المتعددة.
عبدالرزاق سعيد حسنين