المقالات

اليوم الوطني .. وضعف ثقافة الفرح

 ** لاحظنا جميعا في السنوات الماضية , بعض مخالفات حدثت في مناسبة يومنا الوطني , من بعض الشباب والشابات , ولاشك انها تجاوزات لا يقبلها عاقل , ولا يرضى بها – ربما حتى الشباب – الذين مارسوها , بعد أن يثوبوا إلى رشدهم .

** سبب ذلك في ظني هو غياب ” ثقافة الفرح ” في مجتمعنا , وتعالوا نعترف ونقرّ بالمشكلة أولا , ثم نبدأ في محاولة حلها ؟ .. نحن في الواقع لا نعرف كيف نفرح , ولا كيف نبتسم , فمعظم أوقاتنا مقطبين , متنرفزين , وعدد منا ” يعيش على أعصابه ” .

** كنت اتعجب وأنا أسير على قدمي إلى المسجد يوميا , من أن لا أحد يُسلّم على أحد إلا نادرا – فضلا عن أن تجد من يبتسم لك , مع أننا جيران منذ سنوات , نعرف سحنات وجوه بعضنا , ولكننا معرضون عن نثر البشاشة فيما بيننا , بعضنا يرى ذلك ” لقافة ” مع أنها من صلب ديننا , ومن ثمرات الصلاة التي نحن ذاهبون لأدائها .

** في العيدين الفطر والاضحى نذهب إلى ” المشهد ” ونعود , وأحدنا لا يجد الكثيرين ممن يُسلمون عليه , ويبتسمون له , ويهنئونه بالعيد السعيد , وحتى خطبتي العيدين تجد الكثير منها مملؤة بالعقاب والوعيد بعيدا عن الأمل والمنطق الفرائحي .

** في مدارسنا المعلم والمعلمة أبعد ما يكونان عن الابتسامة , وعن تكريس وتعليم أبنائنا ثقافة الفرح , حتى تحولت الكثير من مدارسنا الى بيئة غير جاذبة , وصار كثير من طلابنا يذهبون الى مدرسهم مدفوعين دفعا , لا برغبة داخلية قوية , وكلهم ينتظر الاجازة للفرار من مدارسهم .

** وحتى في بيوتنا لم ننثر الفرح في ارجائها , ولم نتبادل الابتسامات , ولم تجلس الأسرة كثيرا مجتمعة في حجرة واحدة , الأب يعود من عمله مكفهرا , والأم تخرج من المطبخ ” قرفانة ” والأبناء والبنات كلٌ منهم أغلق باب حجرته , منكبا ليس على مذاكرة دروسه , بل على الواتساب واللاب توب والايباد , حتى تحول المكان من بيت يفترض فيه أن يجمع الأسرة , إلى ما يشبه فندق , الكل فيه منطويا على نفسه في غرفته .

** ثم تأتي بعد ذلك .. مناسبة اليوم الوطني بكل فرائحيتها وبهجتها , فيجد عدد من شبابنا وشاباتنا أن أمامه فضاء واسعا مفتوحا , فلا يملك إلا أن يتصرف فيه بعشوائية , وبغير انضباط .. لأنه غريب على ثقافة الفرح , فتراه يفرّغ تراكمات غياب الفرح من دنياه بممارسات غير واعية , وربما بعدة أخطاء في التنفيذ .

** ومع ذلك أتوقع أن تقل أخطاء الشباب عندنا سنة بعد أخرى , بعد أن نكون جميعا قد استوعبنا أهداف وأبعاد المناسبة وعرفنا – كمنظمين لها وكمتلقين لها – كيف ننظمها وكيف نفرح بها , فالمناسبة عظيمة جدا , انها تكرس فينا حب الوطن , وحبه من الايمان دون شك , وكيف نكون جنودا مجندين لخدمته واستقراره وأمنه , إنه بيتنا الكبير الذي ربانا وعلمنا وأعطانا كل شيء , وبقي أن نكون أوفياء له , وسنكون كذلك بإذن الله .

** أتمنى من خطباء المساجد تحديدا – أن يكونوا ايجابيين مع المناسبة قلبا وقالبا , والا يقفزوا عليها أو يتجاوزوها , بحيث يكونون مصدر توعية للناس بحب الوطن الاخلاص له , وبالتزام الانضباطية في الفرح , فالمناسبة مقررة من ولي الأمر حفظه الله , ولها أهداف عميقة وسامية يتعين علينا جميعا التعرف عليها , والافادة منها بما يحقق لنا المزيد من حبنا لوطننا , ومن تلاحمنا واخلاصنا في أعمالنا , والسير ببلادنا إلى العليا .

 بخيت طالع الزهراني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى