مع الذكرى ٨٦ لتوحيد المملكة العربية السعودية تغيرت الكثير والكثير من المفاهيم سواءٍ لدينا كشعب أو لدى حكومتنا وولاة أمرنا، بداية من النظرة العاطفية المغرقة في التفاؤل التي كنا نشدو بها في سعادة وثقة ومنها ” إنت ما مثلك في هالدنيا بلد ” الواردة في عنوان المقال، مرورًا بالكثير من المفاهيم التي كنا نؤمن بها وتغيرت وتطورت مع مرور السنين.
صحيح أننا نحب بلادنا ونعشق ترابها ولا نرى بلادًا على وجه الأرض مثلها، لكننا بوعي مهم ومطلوب نسفنا قاعدة ” كله تمام “، وأننا أفضل جيشًا في العالم وأفضل دفاع مدني وأفضل تعليمًا وأفضل صحة؛ لنعترف بواقع أليم أننا لا نزال نتخلف في كثير من المجالات عن الدول المتقدمة، وعلينا من منطلق حبنا لبلدنا وحرصنا أن يكون ما مثله بلد أن نخطط بدقة ونعمل بإخلاص، ونحافظ على مكتسباتنا وننظر بواقعية؛ لنتلمس مواطن الخلل ونعمل على إصلاحها لنحقق أحلامنا ونصل لمرحلة ما مثلك بلد. وكما أن النظرة العاطفية المفرطة في التفاؤل مضرة وموهمة وتؤثر على مصداقية ما أنجزناه وحققناه في الواقع.
كذلك يفترض علينا أن ننسف النظرة التشاؤمية المعاكسة لنظرة كله تمام وهي نظرة “كله عدام” وأن الحال ميؤوس منه وأننا بعيدون كل البعد عن ركب الأمم المتقدمة والمتطورة والتي يحاول البعض أن يرسخها في نفوسنا، والتي ستقودنا حتمًا لليأس والإحباط اللذين يفشلان كل جهود التطوير والنماء القائمة والمؤملة. ومن المفاهيم التي تغيرت مع السنين ما كنا نشدو به في تيه وطرب مع إيقاعات أبو نورة ” ما درينا بهرج حسادك أبد “، فهذه النظرة تغيرت تمامًا وهي فطنة سياسية مطلوبة من الراعي والرعية، فالحساد تجاوزوا مرحلة الهرج وبدأوا مرحلة العمل على زعزعة أمن بلادنا واستقرارها، ومن أوجب الواجبات التنبه لهم والحذر من مخططاتهم ومتابعة أنشطتهم ومواجهتها بحزم وعزم، وهذه الأعمال مطلب وطني عظيم لا ينبغي الغفلة عنه وإهماله. بإيمان عظيم بمكانة بلادنا كمنارة للإسلام وموطن للحرمين الشريفين، وبفدائية لا متناهية من أبنائها الشجعان للدفاع عن أرضها والذوذ عن ترابها وحماية حدودها، وبأرواح متفائلة بعظيم رسالتنا وعالميتها ونصرها القادم لا محالة وبنظرة واقعية تعي ما نحن فيه وما نأمله ونطمح إليه، وبخطط استشرافية طموحة للمستقبل نمضي يا وطني سويًّا للعز والمجد؛ لتكون دائمًا فوق هام السحب وفوق عالي الشهب يا أغلى ثرى.
وكل عام والوطن بعز وخير.
طارق عبد الله فقيه