المقالات

المواطنة الحقة

احتفلنا في الإسبوع الماضي بذكرى اليوم الوطني السادس والثمانين للمملكة العربية السعودية، وقد شاهد الجميع التفاف الشعب حول القيادة الرشيدة، في صورة جميلة وغير مستغربة، مهما حاول البعض أن يشكك في العلاقة بين الراعي والرعية، ورغم المرحلة التي نحن فيها اليوم إلا أن بعض وهم قِلة ولله الحمد يحاول تشويهها بعبارات عنصرية ينبذها ديننا الحنيف.

وبهذه المناسبة الوطنية أتمنى من الجامعات والمراكز البحثية دراسة سلوكياتنا في مواقع التواصل الاجتماعي ليخرجوا لنا بدراسات تظهر مكامن ضعفنا لتداركها ومكامن قوتنا لتعزيزها، ولعل وزارة التعليم تسارع في توجيه الجامعات ومراكز الأبحاث لعل الأجيال القادمة تسلم مما نعانيه الآن من العنصرية المقيتة لدى البعض -هداهم الله- قبل أن يصعب تدارك آثارها السيئة على الفرد والمجتمع .

فمن حسنات وسائل التواصل الاجتماعي وخصوصًا تويتر، أنها أظهرت لنا حقائق مخيفة، منها أن تديّن غالبيتنا تديّن أجوف رائده الظاهر ولا أثر له على باطن النفس ولا أخلاقها، كما أظهر لنا خوائنا الفكري فنحن نتلقف المعلومة ونشهرها دون تثبت، هذا غير الأمراض النفسية والكبت العاطفي الذي يجعل البعض يقيء دمًا عبيطًا، حتى إنني لأتمثّل فيهم قول الحق تبارك وتعالى ( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ). في بلادنا يُقسم الناس تقسيمات كثيرة فسادها ظاهر لكل مستبصر، فتقسيم بالمنطقة، والقبلية أو التحضر، والمذهب أو التوجه بل وبالانتماء الكروي وغير ذلك. فمن هو المواطن الحق ؟ -بنظري- أن استحقاق شرف الانتماء لتراب بلد ضم بيت الله المعظم ومثوى رسول الله ﷺ المكرم ينبغي أن يُقاس بمقاييس الشرع الحنيف، الدين والتقوى، وشرط زائد هو خدمة البلاد والعباد ومحبتهما.

فهل يشرفنا أن يكون سعوديًّا من يُفجر نفسه وأهل بلاده في حرم رسول الله ﷺ ولو كان قبليًّا بل ولو كان من أشرف القبائل قريش ؟ أو ذاك الذي يكفر أهل البلاد حكامًا ومحكومين ؟ ألم يأتي الإسلام ليرقي أتباعه ؟ ألم يجعل أعلى وأغلى رابطة هي رابطة الدين (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) فما عارضها فهو في سِفال (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)، فلا انتماء بحق إلا للإسلام (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) فرابطة الدين تسمو على كل رابطة بما فيها الدم والأرض، ولا يعني ذلك عدم الاعتزاز بهما والفخر لكن بحدود الشرع الحنيف. وهذا أصل العلاقة بين المسلمين عمومًا، لا يفضل فيه مسلم على مسلم إلا بإيمانه وتقواه فقط، لا ببلده ولا بماله ولا جاهه ولا قبيلته إذ كل ذلك دون دينٍ وتقوى هباء منثور ليس له قيمة أو وزن.

ختامًا: من المفارقات أننا نُشير بأن بلالا -رضي الله عنه- أشرف وأكرم من أبي جهل وأبي لهب ؟ لكن الغريب أن تبقى تنظيراتنا هذه دون أثر لها في الواقع ؟

صادق السنوسي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. حفظ الله بلادنا واهلنا واخواننا من شر كل ذي شر وهدى الله الجميع ونور البصائر ..
    شكرا اخي صادق على مشاعرك الطيبه تجاه وطنك وإخوتك وبارك فيك ونفع بك (:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى