(مكة) – متابعة
أثارت التعديلات التي أقرها مجلس الوزراء على لائحة المرور الجديدة، ردود فعل واسعة بين مؤيد ومعارض، وفيما قال البعض إنها تتضمن عقوبات صارمة وقاسية، اعتبرها آخرون رادعة للسائقين المتهورين، وخصوصاً عقوبة مرتكبي التفحيط.
ووصف المحامي المختص في أنظمة المرور الدكتور مساعد الربيش التعديلات على اللائحة بأنها «ممتازة وتصب في مصلحة المواطن وحقوقه»، محذراً معارض بيع المركبات من «تجاهل التدقيق في أمور البيع وكتابة العقود»، فيما عاب الآلية التي يتبعها المرور واصفاً أياها بـ«العاجزه»، مطالباً بـ«تكثيف كاميرات المراقبة في الطرقات لضبط السرعة والمتهورين المخالفين للأنظمة، وإقرار مخالفات لم يتضمنها القرار في نصه وتشديدها وتفعيلها».
وانتقد الربيش قصور اللائحة معتبراً أنها «لم تتضمن سوى مضاعفة الغرامات المالية، فيما كان يجب تحديد عقوبات لشرائح معنية من دون أن يشمل ذلك الجميع»، معتبراً مضاعفة العقوبة المالية على المفحط بأنها ذات «ضرر وكلفة مهلكة لأولياء الأمور تعود بأضرار مادية»، وخصوصاً أن «المفحط جاهل التفكير ولا يملك المال، فيما كان ينبغي أن يوقع المشرع على المفحط نفسه عقوبة السجن، وإلزام العقوبة بمدة زمنية ينص عليها من دون أن يتركها مفتوحة لتقدير القاضي».
ووصف المفحط بـ«المريض النفسي»، مطالباً بإحالة كل من يرتكب هذا النوع من المخالفة لـ«مستشفيات الأمل للصحة النفسية المنتشرة فروعها في جميع مدن المملكة لعلاجه ومعرفة دواعي الكبت الذي يعيشه، ومخالفة المساعدين له أيضاً، وإخضاع ضباط المرور الذين يعملون في قسم التحري والبحث عن المفحطين إلى دورات متخصصة».
واستنكر اقتصار مخالفة عمل حفريات من دون تصريح على الغرامة، وإحالة تقدير حجز المركبة لتقدير القاضي، مطالباً أن تضم المخالفة الغرامة وحجز المركبة معاً، ويجب إخضاع قائدي حافلات المدارس إلى دورات متخصصة، إذ يمنع إنزال الطالبات من الجانب الأيسر، ويتم إنزالهن على الرصيف.
وزاد: «المرور ليس عاجزاً عن تطبيق الأنظمة، أنما الآلية التي يتبعها المرور هي العاجزة»، مطالبا بـ«زيادة كاميرات المراقبة في الطرق لضبط المتهورين والمخالفين»، مؤكداً أنها «غير كافية».
من جهته، اعتبر الناشط الحقوقي في مجال السلامة المرورية محمد الثبيتي التعديلات التي أقرها مجلس الوزراء «ردعاً للمستهترين»، وقال إن التعديلات بما شملته من غرامات مضاعفة جاءت متوافقة مع الحاجة، ولاشك أنها رادعة للمستهتر بأنظمة المرور، وحتى يحدث فارقاً يجب تطبيقها وتفعيلها كأنظمة من خلال مختلف الوسائل التقنية والبشرية، ومن دون ذلك لن يستجد أي فارق، إذ إن المخالف سابقاً يرتكب ذلك لعلمه بعدم وجود المرور أو كاميرات المراقبة، ومع مضاعفة المخالفات فقد يستمر الوضع على ما كان عليه إذا لم يطوّر المرور من أساليب وطرق مراقبته للطرق ورصده للتجاوزات المرورية. ورأى أن آلية المرور عاجزة عن تطبيق النظام بسبب عدم امتلاكها للأدوات، وذلك يشمل قلة عدد كاميرات رصد مخالفة قطع الإشارة، أما بخصوص مخالفة عدم وجود لوحات على المركبة فالجميع يشاهد هذا النوع من المخالفات وطمس اللوحات أيضاً والمركبات تجوب الشوارع والمرور لا يستطيع رصدها بسبب عدم وجوده المستمر في الميدان وعدم تغطيته للطرق بكاميرات المراقبة.
وقال إن المرور لن يستطع تطبيق مخالفات تجاوز الحافلة المدرسية في ظل عدم وجود كاميرات على الحافلات المدرسية كما هو معمول في بعض الدول، إضافة إلى صعوبة ملاحقة المرور لحافلات المدارس لرصد متجاوزيها، لذلك كاميرات المراقبة في الطرق ضرورية لرصد المخالفات لكنها غير موجودة أو غير مفعلة.
وطالب المرور بـ«تطبيق النظام بشكل دائم وليس على شكل حملات متقطعة، وذلك عبر نشر كاميرات الرصد في الإشارات، وتغطية الطرق بالكاميرات، ووجود رجال المرور في الميدان بأجهزة رصد السرعة حول مناطق المدارس وغيرها».
21 بليون ريال خسائر حوادث المرور
< أعلنت الإدارة العامة للمرور نظام المرور الجديد، الذي صدرت موافقة مجلس الوزراء على صيغته النهائية، ويشمل 25 مادة، وتضمن القرار استمرار الجهات التي تتولى حالياً الفصل في المنازعات والقضايا، والمخالفات المرورية في مباشرة مهماتها، وفقاً للأحكام الواردة في النظام ولائحته التنفيذية.
وتعتبر قضايا المرور واحدة من المواضيع الأكثر جدلاً، وتتسبب في حال من عدم الرضا باستمرار بين عاتب وناقد، على ضعف أداء فرق المرور والتساهل في التطبيق الجاد لأنظمته، وإلزام المخالفين لضمان سلامة الجميع، وبين آخر ناقم على تطبيق بعض القرارات، التي تثقل كاهل المواطن وتعيق حركته، وبين تجاذب الطرفين، إذ تستمر الحوادث المرورية في تسجيل أرقام عالية خلال السنوات الماضية.
وتقدر الخسائر الاقتصادية من الحوادث المرورية بنحو 21 بليون ريال سنوياً، كما وصفت منظمة الصحة العالمية، الحوادث المرورية بـ«وباء المجتمعات المتمدنة»، وتقع أكثر من خُمس الحالات التي أسعفها الهلال الأحمر ببند حوادث المرور، وتسجل ست إصابات لكل ثماني حوادث في المملكة.
وتعد النسبة العالمية إصابة لكل ثماني حوادث، إذ سجلت معدلات فاقد الناتج الوطني، بسبب حوادث المرور في السعودية 4.7 في المئة، بينما لم يتجاوز نسبة 1.7 في المئة، في أستراليا، وإنكلترا، وأميركا.
وفي ظل ذلك، تتزايد الحاجة إلى التفعيل الواعي والجاد لأنظمة المرور ورفع كفاءة عمل الجهاز، كما تشير التعليقات على شبكات التواصل، ليس منها خلق مخالفات جديدة، قبل تفعيل أنظمة المرور القائمة من دون حراك، والتركيز على تحقيق الحماية المسبقة لمضاعفة العقوبات المالية المرهقة كما يقول البعض.
وبالعودة إلى جدوى تطبيق نظام الضبط المروري (ساهر)، فإنه أسهم في خفض وفيات الحوادث بنسبة 26 في المئة في 1435هـ مقارنة بالعام الذي قبله، وسجّل المرور 9 آلاف حالة إصابة من جرّاء الحوادث المرورية في مواقع «ساهر» خلال 1434هـ، بينما سُجلت 6853 حالة إصابة في المواقع نفسها خلال 1435هـ، ما يزرع الأمل بمستقبل اللوائح الجديدة ، وفقاً لـِ”الحياة”.