(مكة) – مكة المكرمة
أدت جموع المصلين بالحرم المكي الشريف اليوم صلاة الجمعة وسط منظومة من أرقى الخدمات المقدمة ليؤدوا نسكهم بكل يسر وسهولة، وقد أمّ المصلين فضيلة الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم إمام وخطيب المسجد الحرام.
وجاء في خطبة فضيلته:أيها المسلمون: الأسرة المسلمة ركن رئيسي من أركان المجتمع المسلم المتكامل, فإن لها الأثر البالغ في المجتمع قلَّ أو كثر, لذلك أكدّ الإسلام على أهمية الأسرة ومدى تأثيرها البالغ على المجتمع المسلم إيجاباً أو سلباً, كيف لا والأسرة هي أساس النشأ والتكاثر. فلنعلم عباد الله أن العنف الأسري لهو من أعظم ما يهدد كيان الأسرة المسلمة, وهو شر كله والرفق خير كله وما كان العنف في شيء إلا شانه و ما نزع من شيء إلا زانه, وإن كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه, العنف داء لا خير فيه وهو قبيح يعظم قبحه وضرره حينما يطال ذوي القربى فإن العنف ظلم ووقعه على ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند. العنف عباد الله سلوك مشين متعمد يلحق الضرر بالعنف جسدياً أو مالياً أو نفسياً وهو يصل في بعض المجتمعات شبه ظاهرة لتكاثر وقوعها وفداحة مغباتها, ولكن ما من داء إلا وله دواء علمه من علمه وجهله من جهله, وإن ديننا الحنيف لم يدع لنا خيراً إلا دلنا عليه ربنا في كتابه العزيز, فقد قال الله سبحانه في محكم التنزيل: ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ? قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ* لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَفَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ* ) سورة المائدة 27-30 . وبيّن فضيلته بأن هذه صورة واحدة من العنف الأسري وهي أعلاها خطراً وجرماً لبلوغها درجة إزهاق النفس بغير حق, وما دون ذلك من الصور لا يمكن حصره غير أن من أهمه الضرب المبرح أو التهديد بالطلاق أو الحرمان من النفقة أو الظلم في العطية بين الأولاد أو بين الزوجات ونحو ذلك. ناهيكم عباد الله عن ما ينتج عن العنف من جرائم ووقوع في المسكرات والمخدرات هروباً من ذلكم الواقع المؤلم, وكر فضيلته بأنه قد يتعدى الأمر إلى أبعد من ذلكم ليصل درجة الانتحار من قبَل المعنف نفسه, ولربما تشربت الأسرة خلق العنف من ممارسة الوالدين لهما ليكرر الطفل ذلكم حينما يكبر فتصبح وراثة خلقية أو أن يصاب الأولاد بالقلق والاضطراب النفسي خوفاً من المستقبل فيكرهون الزواج ويكرهون الأسرة فينقلبون عبئاً ثقيلاً على المجتمع أمنياً واجتماعياً واقتصادياً وتربوياً. فإنه لزاماً على المؤسسات التعليمية والإعلامية والاجتماعية العام منها والخاص أن تعنى بتلكم المضلة أيما عناية وذلك بالتوعية الفكرية المنضبطة وتحصيل سبل استقرار الأسرة في المجتمع.