همسات الخميس
(الأولى)
منذ وضع قدمه على حافّة الرصيف وأنا أعرف هدفه على وجه الدقة، ومنذ وضعت قدمي على حافة الرصيف وهو يعرف هدفي على وجه الدقة أيضا، كان يحث السير ليصل متقدما عني، وكنت في الطرف المقابل أحث السير أيضا لأصل متقدما عنه، يراقبني خلسة وأراه يراقب، أراقبه خلسة ويراني أراقب، وصلت باب المخبز متقدما عنه، كنت أنا السبّاق لمخاتلة ورثتها عن أبي، لكن صاحب المخبز اعتذر منا فقد نفذ الخبز.
(الثانية)
يجتاحني الغيظ إذا رأيت أخي يلتقط بكرة من تلك البكرات العملاقة، أتسلل كل صباح إلى فناء داره وأعدّ البكرات لأعرف كم جمع، أرابط بقية يومي أتتبع العمّال، كلما أفرغوا بكرة دحرجتها نحو فناء داري، علامات الغيظ يكاد يخفيها لكنها لا تختفي، أراها كلما دحرجت أمامي بكرة من تلك البكرات، يحصي ما أجمعه منها أولا بأول، ما إن انتهت الشركة من التمديدات حتى طافت بنا، تجمع بكراتها الفارغة ومعهم الشرطة.
(الثالثة)
كانت لعبته الوحيدة الأثيرة، يلعبها ظهيرة كل يوم، يقتطع من وجبة الغداء قطعة لحم ثم يربطها في حبل من النايلون القوي، يقذفها من نافذة غرفته بينما يمسك في يده الطرف الآخر من الحبل، ما إن تستقر قطعة اللحم عند أقدام النافذة حتى تأتي القطط من كل حدب وصوب، يموج الفناء قططا، تحدودب الظهور ويعلو الهرير وتتوتر الأقواس، وعندما توشك القطة السبّاقة على الظفر باللحمة يسحب الحبل بسرعة خاطفة ويضحك.
محمد بن ربيع الغامدي