المقالات

المرأة السعودية الكارت الرابح في الإعلام الغربي

أطلقت صحيفة” النيويورك تايمز” مؤخرًا حملة موجهة إلى المرأة السعودية تضمنت عدة أسئلة استقصائية بهدف الوقوف على وضع المرأة اجتماعيًّا وتفاصيل حياتها وتطلعاتها، ودرجة رضاها عن الأنظمة ومدى تجدد تلك الأنظمة وتطورها في خدمة المرأة، ومن المؤسف أن تعمل صحيفة مثل “النيويورك تايمز” بأسلوب يفتقد للمهنية وبشكلٍ موجه يخدم الأغراض السياسية، بعيدًا تمامًا عن رسالة الإعلام الذي يفترض أن تقوم على الموضوعية والمصداقية، وأن تعمد “النيويورك تايمز” إلى استغلال موضوع المرأة السعودية سياسيًّا من خلال حشد مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي؛ لإبداء مرئياتهم حول المجتمع السعودي وموقع المرأة فيه، مبتعدة بذلك عن الأسلوب العلمي لاستقصاء المعلومة للوصول إلى نتائج صحيحة مبنية على حقائق وليست آراء شخصية تحمل الكثير من الذاتية والنظرة الأحادية القاصرة، تزامن ذلك مع قيام الصحيفة المذكورة بإنتاج فيلم وثائقي مسيء عن المرأة السعودية !!!! علمًا بأن الفيلم عليه العديد من الملاحظات الجوهرية التي يمكن التطرق إليها بالنقد والتحليل لاحقًا، وهنا تتبادر إلى الذهن بعض التساؤلات حول حملة الصحيفة، فهل تهتم الصحيفة بوضع المرأة السعودية ويهمها أمرها كما تدّعي؟ وهل حقًّا ترغب الصحيفة من خلال هذه الحملة الوقوف على الحقائق؟ ولماذا المرأة السعودية على وجه الخصوص دون غيرها من النساء ؟ وإذا كانت الصحيفة تبحث عن حقوق المرأة السعودية الضائعة من وجهة نظرها مثل حق قيادة المرأة للسيارة تلك القضية الهامشية التي يستخدمونها كورقة ضغط رابحة على السعودية يلوحون بها بين الحين والآخر، فماذا عن حال وحق المرأة الغربية الضائع وتعرضها للتحرش في مواقع العمل وزنا المحارم والأمهات اللاتي يكفلن أطفالهن بلا آباء تحت ظروف معيشية قاهرة، وماذا عن الإدمان والمخدرات والشذوذ؟ لماذا لم تناقش الصحيفة مشاكل العنصرية بين أطياف المجتمع الأمريكي بين البيض (الكوكيجن) و ذوي العروق الأفريقية واللاتينية؟ لماذا لم تتطرق الصحيفة لموضوع العنصرية بين أهل الشمال والجنوب في مجتمعهم ؟ لماذا لم تناقش الصحيفة مشاكل انتشار الأسلحة بين المواطنين وأين هي من مشاكل توفير المساكن لشبابهم وتمويل عملية الشراء بفوائد باهظة ؟ حيث تشير الإحصاءات إلى نسب عالية ومؤشرات خطيرة حول جميع هذه القضايا التي تمس المجتمع الأمريكي بصفة عامة والمرأة الأمريكية بصفة خاصة، وإذا كانت الصحيفة تهتم بأمر المرأة السعودية فلماذا أنتجت هذا الفيلم المسيء عنها ؟ أم أرادت الصحيفة أن تسيء للمرأة السعودية والمجتمع السعودي على وجه الخصوص لأنه المجتمع الذي يفترض أنه يطبق تعاليم الدين الإسلامي الحنيف واستغلت الصحيفة هذه القضايا للإساءة للدين الإسلامي بطريقة غير مباشرة كون وجود هذا الدين وقوته وقوة المسلمين أمر يؤرقهم ويقض مضجعهم، على النيويورك تايمز أن تبتعد عن قضايانا فهي لا تخصها، وأن تنشغل بأمر المرأة الأمريكية فهي أولى بها، ولتنظر كيف تساعد المرأة الأمريكية وتأخذ بيدها بعيدًا عن المرأة السعودية وقضاياها، فالمرأة السعودية ليست قاصرة أو فاقدة الأهلية حتى تحتاج النيويورك تايمز أو غيرها لجلب حقوقها أو الدفاع عنها أو تحليل واقعها، المرأة السعودية بلغت من النضج والوعي مرحلة تعرف معها ما لها من حقوق وكيف تحصل عليها ولمن توجه حديثها في حال ظهر أي قصور أو تجاوز، كما تعرف جيدًا ما عليها من واجبات وكيف تؤديها بحرفية وتميز وقد أثبتت جدارتها وإبداعها محليًّا وعالميًّا، متمسكة بتعاليم دينها الحنيف مدعومة وبقوة من ولاة الأمر الذين يقدرون المرأة كإنسان وكيان ويعون أهمية دورها في بناء و تطوير حاضر الوطن ومستقبله، وما لا تعرفه صحيفة النيويورك تايمز عن المرأة السعودية التي تريد هذه الصحيفة أن تغرر بها من خلال دس السم في العسل وإدانة مجتمعها من خلالها، فإن المرأة السعودية بوعيها ونضجها لن تسمح باستغلالها سياسيًّا لتكون أداة للإساءة للدين أو الوطن، فقد أخطأت الصحيفة بطرقها هذا الباب الذي لن يفتح في وجهها أبدًا -إن شاء الله-.

إن اختيار الصحيفة لهذا التوجه لهو أمر مشين ينزلق بها من مصاف الصحافة النزيهة الحرة إلى مستنقع الصحافة العميلة المأجورة، فعليها أن تسعى لإصلاح ما وقعت فيه وإعادة النظر في دورها ورسالتها وتوجهاتها، كما علينا نحن كحكومة وشعب العمل بجد لسد تلك الأبواب التي ينفذ من خلالها إلينا هؤلاء المرتزقة أصحاب الأجندات المجدولة, والعمل على إصلاح القضايا التي تستدعي سرعة التدخل وأخذ قرارات سريعة وحاسمة، كما أن على إعلامنا القيام بدوره التكتيكي والاستراتيجي فغياب دوره و ضرباته الاستباقية تبقي الأبواب مشرعة أمام مثل هؤلاء للعبث بالرأي العام واستغلال غياب المعلومة بخبث ودهاء، وعلينا أن نعلم أن عدو الأمس الذي كان يحاربنا متخفيًّا تحت جنح الظلام أسقط قناعه وأصبح سافرًا يحاربنا في وضح النهار، فالأمر لم يعد حدثًا أو توقعًا بل حقيقة واقعة، فإن مسؤولية الحفاظ على تماسكنا الداخلي ووحدة صفنا ووحدة كلمتنا والتفافنا حول قيادتنا وتعزيز مكانتنا وموقعنا المتميز ودورنا الرائد إقليميًّا ودوليًّا يقع على عاتق الجميع بدون استثناء حكومة وشعبًا، فليعمل كلٌّ من موقعه ومن منطلق مسؤوليته بجد وبصيرة، فإن كنّا قد قدمنا بالأمس للعالم بأسره أساس العلوم التي أضاءت الدنيا وأحدثت التغيير وبنت الحضارة، فلنعمل اليوم على تقديم الدروس التي تجسد معنى المجتمع الواعي المستنير والمواطن الحصيف المسؤول الذي لا يسمح بأن يستغله الأعداء ليكون أداة في أيديهم للوصول إلى مآربهم والنيل من الوطن، وأن يدرك بحسه الوطني ويعي بكل كيانه معنى الوحدة وأبجديات المواطنة .

د. وفاء محضر

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. إحساس جميل يا دكتورة أن تكوني قاعة في بيتك وتجديد نفسك قد أصبحت محور العالم ؛ فالكل يتنافس مع الكل من أجلك أنت فقط ، بغض النظر عن سوء نياتهم أو حسنها.
    المهم أنه حريم السعودية جابوا الصمرقع ﻻمريكا وأوروبا.
    ياهنانا يسعدنا احنا حريم السعودية مين قدنا ؟؟؟!!!

  2. مقال جميل وتحليل أكثر من مقبول
    ولكن ألا ترين أن الصحافة الغربية تتناغم مع ما يكتبه اللبراليين السعوديين يساندهم في ذلك قنوات فضائية محسوبة على المملكة قنوات تقوم سياستها على هدم ماتتمتع به المرأة السعودية من مميزات وتصوير تلك المميزات على أنها قيود .

  3. من اللافت للنظر أن قضية المرأة في المملكة العربية السعودية تحظى باهتمام كبير من الدوائر الإعلامية الغربية وربيبتها العربية، وسبب هذا الاهتمام أن محاولة علمنة المجتمع السعودي كانت ولا تزال عصية على الساسة في الغرب وأذنابهم في الداخل؛ نظرا لما تميز به المجتمع من حرص على البناء العقدي الإسلامي الصحيح للفرد، والذي يتشربه منذ نعومة أظافره. وهو منهج في البناء يعد امتدادا لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وقد ظلت العقيدة الإسلامية هي الحصن الحصين الذي يحفظ المجتمع من مخططات العلمنة والتغريب، ومن ثم سعى الغرب إلى النفاذ للمجتمع السعودي تحت شعار حقوق المرأة، وهو شعار يتمتع بجاذبية ويلقى قبولا، ولا يصطدم فيما يبدو للوهلة الأولى بتعاليم الإسلام، ومن ثم يمكن للمجتمع تقبله، خاصة وأن هذا المدخل قد تم تجربته في عدد من البلدان الإسلامية، وكان له تأثيره الكبير في مسخ هوية هذه المجتمعات وسلخها من عقيدتها، حدث هذا في مصر وتونس منتصف القرن الماضي، حتى أصبح الحجاب في وقت من الأوقات هو رمز القهر والاستبداد والتخلف.

  4. مقال في غاية الروعة والتميز .. كعادتك د. وفاء ..
    كما ذكرتي لابد أن يكون للجهات الاعلامية السعودية دور في دحض اي افتراءات توجهها الصحف الغربية لمجتمعنا .. هم يعلمون تماماً أن مجتمعهم أحق بالنقد .. وبيئتهم لابد لها من اصلاح .. ولكن لم تكن لتتجرأ أي صحيفة عربية في نقد ذلك .. ولن نجد في اعلامنا سوى التطبيل لحضارة الغرب وانديتهم وانجازاتهم .. من هنا .. ومن هذا المنبر .. نداء لكل صاحب قلم .. وفكر .. حان الان وقت زكاة اقلامكم .. وجهوا تلك الاقلام للدفاع عن دينكم ووطنكم ومجتمعكم ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى