همسات الخميس
سرّ خطير لا أزعم تفردا بمعرفته فقد تعرفه أنت، وقد لا تعرفه، وقد لا تهمك معرفته، وربما تكتفي بما سمعت من أسباب تسردها على أسماعنا قنوات الأخبار، نعم تلك القنوات قالت الكثير، قالت أن الشعب الأمريكي ملّ من الديموقراطيين ومما جلبوه لأمريكا من الهوان، وقالت أن ترامب جاء مختلفا فرأى الأمريكان تجربته، وقالت أن ثمان سنين تحت جناح رجل أسود قد أتعب البيض كثيرا، وقالت أن كلينتون تمثل مدرسة بائدة تدعم ” اللقافة العسكرية” خارج البلاد، وقالت أن لغة ترامب كانت بسيطة جدا قريبة من أنصاره، وقالت أن خروجه عن النص كان سمة أضافت له الكثير، وقالت أن عدم اعتذاره عما طاله من الاتهامات قد أضفى عليه “مرجلة” في عيون أنصاره.
حسنا، دعونا نسأل: إن كان الذي صوّت لصالح ترامب قد صوت عنادا للديموقراطيين فهل كان الصف الآخر متواطئا معهم؟ هل الشعب الأمريكي على هذه الوتيرة من غياب الحس الوطني ليتواطأ نصفه الا قليلا مع هوان الديموقراطيين إن سلمنا بمسألة الهوان تلك؟ وهل الشعب الأمريكي “مخفّة” لترضيه تصريحات حارقة من رجل يلوب في منصة الخطابة مثل مصارع يلوب على الحلبَة؟ وهل ترامب أشد بياضا من كلينتون لغسل السواد الذي طرأ على بيت أبيض؟ وهل ترامب ” بصرف النظر عن مدرسته” أكثر ميلا للدعة والسكون في علاقاته بالخارج؟ هل وهل ستستمر معنا إلى أن نتخطى تلك الأسباب.
السر الخطير أن ترامب حاز عددا من الأصوات زاد بها عن كلينتون فأصبح الرئيس الخامس والأربعين لبلاده، وهذه ليست مفارقة أختم بها للدعابة والمزاح، كلا ليست نكتة، بل هي طبيعة “قرادة” الأصوات والتصويت والتقييم والمقابلات وما في حكمها، يصل المتنافسون إلى منصة تتساوى فيها أكتافهم، ثم تأتي الأصوات أو الدرجات لتعلي وتخفض، والأسباب عند واضع العلامة أو مانح الصوت لا يعلمها سواه، يقرر الناخب انتخاب سعد، ثم لسبب ما يفضل انتخاب سعيد، وعندما يقف أمام الصندوق يتخلى لسبب ما عن سعد وسعيد وينتخب سعدان والله المستعان.
محمد ربيع الغامدي