قد تختلف معي في جمع كلمتين إحداهما إيجابية والأخرى سلبية, وقد تكون في رأي البعض ماهي إلا متناقضات فكرية. وهنا أقف أمام سؤال مهم ما هو مفهومنا حول النجاح ؟!
أدركت أن للنجاح أوجه عديدة فما يعد نجاحًا في مكان ما قد يكون فشلًا في مكان آخر !! وما يعد نجاحًا في زمن قد يصبح فشلًا في زمن آخر!! وهذا ما وضحته الآية الكريمة بأن بعض من وقع في فخ الظن وأن ما يقدمه صحيح بات خذلانًا وفشلًا في زمن ومكان آخر – والعياذ بالله – أدركت أيضًا أن للنجاح معادلات معقدة ومركبة تقع تحت ضوابط الدين والعادات والتقاليد وتعكس فكر وثقافة المجتمع وأنها ليست ثوابت وأنه من الممكن تحريفها وتوجيهها وفق رغبات وشهوات البعض, ويمكن أيضًا التغرير بها ليُساق الجيل بأكمله خلف ثقافة لا ينتمي لها, وأصبح من الصعب تقييم النجاح لاختلاف معاييره، والتي قد تصاب باعتلال فكر القائمين على تلك المعايير.
عندما تنحدر معايير النجاح إلى أدنى مستوياتها وتنحصر بين (الشهرة والمال وعدد المتابعين) عندها سيكرم ويُمجد فئة من الشباب على أنهم عصاميون وناجحون بمباركة من المستفيدين من ذلك النجاح وسط ذهول اجتماعي من سذاجة ذلك الطرح، والذي لا محالة أنه سيأخذ طريقه إلى منفى التاريخ يومًا ما والذي سندرك من خلاله معنى النجاح السلبي.
ما دعاني لطرح الموضوع ليس هؤلاء الشباب فهم كأفراد يمكن توجيههم للأفضل، ولكن لدي تحفظات على تلك الجهات التي تدعم الأعمال الساذجة والسطحية والبسيطة التي يقدمها هؤلاء الشباب وتقديمهم للمراهقين كرموز للنجاح والعصامية في كل محفل، وملتقى للشباب في غياب تام للناجحين الحقيقيين، والذين لم يأخذوا حقهم في الحديث عن أعمالهم وإنجازاتهم ونجاحاتهم الحقيقية التي رفعت راية التوحيد بكل فخر في أهم الجامعات العالمية والتي خدمت البشرية وقدمت الكثير للمجتمع.
حقًّا فإني أرفق بهؤلاء الشباب المغرر بهم من خلال إعلام غير هادف، والذي سيفرز جيلًا يلهث خلف الثراء المادي والشهرة المحمومة بتضحيات وتجاوزات دينية وثقافية واجتماعية؛ ولذلك علينا أن ندرك أن قياس النجاح بالنتائج النهائية وليس بالنتائج البنائية أو المرحلية فما يعد نجاحًا اليوم قد يكون فشلًا ذريعًا مستقبلًا مصحوبًا بندم في وقت لا ينفع فيه الندم.
عبير العبدالله
مقال في قمة الروعة كنا بحاجة ماسة إليه.
مقال رائع ..يعبر عن كل م يحدث في البلاد العربيه.يمجدون من تكون له بصمه في التفاهات ويحتكون به وتجمعون للقائه وبينما من له بصمه في التطوير والعلم.يكون مهمل ولكن ان لا ألوم المشهوره بل الوم المجتمعات التي اعطتهم كل الاهتمام .وتركت وجبتها نسيت تربيت أبنائها وزرع الخصال الحميديه فيهم …بل تسارعو وهرولو على المشهورين والمشهوات مهم كان جنسهم اول ديانتهم… وهم يعلمون أن كل عاده.يطبقها الأب أو الأم في البيت يتبعها الاولاد والبنات …. والكل يصبح عنده نفس الاهتمام سواء كان اهتمام سلبي أو اجابي.. شكرا عل هذا الطرح الشيق.
واتمنا المزيد من المواضيع الهادفه
كلام في منتهى الواقعية فكل مايتعارض مع القيم السامية لا يعد نجاح على الاطلاق . بارك الله فيك