كانت لبني ساعدة، وبنو ساعدة بطن من بيوت الأنصار ينتمون إلى الخزرج وكانت السقيفة بحيهم التي تقع في الزاوية الشمالية الغربية للمسجد النبوي الشريف. وتاريخ هذه السقيفة وفضلها ليس هو وقوع أحداث بيعة الخلافة لسيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فحسب، وإنما تاريخها وفضلها يتعدى هذه الأحداث إلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فسقيفة بني ساعدة كان إلى جوارها مسجد بني ساعدة الذى صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشرفت السقيفة بأنوار وجمال وطلعة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث جلس بها وشرب فيها مخيض لبن من يد سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه مرتين، وصلى بمسجدها.
وقد روى الإمام مسلم فى صحيحه حدثنا أبو غسان قال حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم امرأة من العرب، فأمر أبا أسيد الساعدي أن يرسل إليها فأرسل إليها، فقدمت فنزلت في أجم بني ساعدة، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاءها، فدخل عليها فإذا امرأة منكسة رأسها، فلما كلمها النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أعوذ بالله منك، فقال: قد أعذتك مني، فقالوا لها أتدرين من هذا؟ قالت: لا قالوا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليخطبك، قالت: كنت أنا أشقى من ذلك، فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ حتى جلس في سقيفة بني ساعدة هو وأصحابه، ثم قال : اسقنا يا سهل، فأخرجت لهم بهذا القدح فأسقيتهم فيه ..
وفى رواية رواها الإمام السمهودي في تاريخه الوفا عن الإمام محمد بن زبالة المخزومي أن سيدنا سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس في سقيفة بنى ساعدة التي عند المسجد فاستسقاني فخضت له وطبة فشرب، ثم قال زدني فخضت له أخرى فشرب، ثم قال كانت الأولى أطيب من الآخرة، فقلت هما يا رسول الله من شيء واحد، ولكن الكثيرين ممن يذكرون سقيفة بني ساعدة لم يذكروا ضمن فضائلها وتاريخها هذه الأحداث النبوية، وإنما يكتفون بذكر أحداث بيعة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة لرسول الله صلى الله وسلم فقط .. نعم وهذا تاريخ من تاريخ الإسلام وفيه تأسست الخلافة الراشدة والدولة الإسلامية المباركة بعد لحقوق رسول الله بالرفيق الأعلى، وهو مجد عظيم وحدث كبير، ولكن للسقيفة هناك فضل كما أسلفنا بوقائع أحداث نبوية مباركة، وهى أفضل من تلك؛ لأنها تتعلق بسيرة سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وحياته؛ فيجب ذكرها كلما ذكر تاريخ هذه السقيفة المباركة.
ضياء محمد عطار
عضو رابطة الأدب الاسلامي