المقالات

روشتة

هل لديك روشتة كتبت فيها أهدافك؟

فالله تعالى لم يتركنا في هذه الدنيا هملاً بلا هدف: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ).
بل خلقنا لهدف عبادته (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
وكذلك خلقنا لهدف الخلافة عنه في الأرض (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ)
حتى الرسول عليه الصلاة والسلام قد أرسله الله لأهداف عدة مذكورة في عدة نصوص منها:-
قوله تعالى: (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)
وقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)
وفي الحديث الشريف: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”
حتى السلف الصالح رضي الله عنهم كانت لديهم أهداف أرادو تحقيقها نذكر منها على سبيل المثال ما يلي:
– اجتمع عبد الله بن عمر وعروة بن الزبير ومصعب بن الزبير وعبد الملك بن مروان بفناء الكعبة فقال لهم مصعب: تمنوا، فقالوا: ابدأ أنت، فقال: (أتمنى ولاية العراق، وتزوج سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله). فنال ذلك، وأصدق كل واحدة خمسمائة ألف درهم، وجهزها بمثلها،، وتمنى عروة بن الزبير الفقه وأن يحمل عنه الحديث. فنال ذلك،، وتمنى عبد الملك الخلافة فنالها،، وتمنى عبد الله بن عمر الجنة رضي الله تعالى عنه وعن أبيه.
– عمر بن عبدالعزيز كانت لديه أهداف أراد تحقيقها، وقد قال عن نفسه: إن لي نفساً تواقة، وما حققت شيئاً إلا تاقت لما هو أعلى منه: تاقت نفسي إلى ابنة عمي فاطمة بنت عبدالملك فتزوجتها، ثم تاقت نفسي إلى الأمارة فوليتها، وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها، والآن يا رجاء تاقت نفسي إلى الجنة فأرجو أن أكون من أهلها.
– الحاجب المنصور كان حمّاراً في صباه أي ينقل الناس من مكان إلى آخر على حماره (نفس فكرة سيارة الأجرة في الوقت الحالي)، وفي يوم من الأيام جلس مع اثنين من زملائه الحمّارين فقال لهما: ليقل كل منكما أمنيته/ فقالا له: وما هي أمنيتك؟ فقال: أن أكون حاكما للأندلس. فضحكا عليه، ثم قال له أحدهما: لو نجحت في الوصول للحكم فأريد كذا أو كذا و ذكر بعض الأمنيات، وأما الآخر فقال لو نجحت وصرت حاكماً فاحملني على ظهر الحمار واجعل وجهي عند ذنب الحمار ونادِ بالناس: هذا دجال زنديق من كلّمه يدخل السجن، وأخذ يضحك على صاحب الخلافة. المهم أن صاحبنا أول قرار اتخذه هو تغيير مهنته وذهب للجيش وأصبح عسكرياً. وذاعت بطولاته ثم أصبح شرطياً ثم رئيسا للشرطة، وبعد ذلك مرت أحداث دراماتيكية أدت في النهاية إلى أن يكون هو الحاكم الفعلي للأندلس، وعرفت أعظم الفتوحات في عهده.
وفي يوم من الأيام تذكر صاحبيه فأرسل في طلبهما فوجدهما (نفس المكان ونفس الوظيفة) فقاما وقالا: لم نفعل شيئا، فأصر الجنود على حضورهما وفعلاً ذهبا مع الجنود وعندما رأيا صاحبهما عرفاه فسألهما أعرفتماني؟ فقال الأول نعم، وأنكر الثاني، فذكّره فتذكّر، فقال للأول: لك ما طلبت من جواري وقصور… إلخ.
وأما الآخر فقال: يا أمير المؤمنين الصفح عني فرفض وقال: لا، حتى يعلم أن الله على كل شيء قدير.
ويوجد في الزمن الحديث آلاف الأمثلة نذكر منها قصة فتى صغير ولد في بيئة فقيرة في قطاع مهمل في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، وكيف أن أهدافه بدت مستحيلة في نظر الجميع باستثنائه هو. كان هذا الفتى أحد المعجبين بلاعب كرة القدم الأسطورة جيم براون الذي كان يلعب في فريق كليفلاند براونز، وعلى الرغم من أن ذلك الفتى كان مصاباً بالكساح نتيجة لسوء التغذية، وأن ساقيه أصبحتا مقوستين منذ أن كان في السادسة من عمره، كما أن عضلات ساقيه كانت ضامرة بحيث أنه كان يطلق عليه مسمى “سيقان قلم الرصاص” فقد وضع لنفسه في أحد الأيام هدفاً بأن يصبح نجماً في كرة القدم مثل البطل الذي كان معجباً به.
وحين بلغ من العمر ثلاثة عشر عاماً قُدّر للفتى أن يلتقي بمن كان يحلم به طيلة حياته. إذ دخل إلى كشك “لبيع الأيس كريم” بعد مباراة لفريق براونز ليرى هنالك مثله الأعلى الذي يكن له كل ذلك الإعجاب منذ طفولته الأولى. اقترب من نجم كرة القدم وقال له: “إنني من أشد معجبين بك يا سيد براون.” شكره براون بكل احترام ولكن الفتى تابع بإصرار قائلاً: “هل تدري يا سيد براون؟” فالتفت له ثانية وهو يقول: “ماذا هناك يا بني؟ قال الفتى: “أعرف كل رقم قياسي حددته، وكل ضربة سددتها.” ابتسم براون وقال له: “هذا عظيم”. تابع الفتى بإصرار وهو يحدق في عيني بطل كرة القدم بانفعال وحب لم يخفيها على براون، وقال: “هل تدري يا سيد براون؟ سأحطم في يوم من الأيام كل الأرقام القياسية ا لتي سجلتها! ابتسم ذلك اللاعب الأسطورة وقال: “هذا عظيم يا بني! ما اسمك؟ ابتسم الفتى ابتسامة غمرت وجهه وقال: “أورينتال جيمس سمبسون وأصدقائي ينادوني بـ أوه. جيه. سمبسون O J Simpson. كسر أوه. جيه. سيمبسون بالفعل كل الأرقام القياسية التي كان قد سجلها جيم براون من قبل، بل وسجل أرقاماً قياسياً جديدة!

– في بداية القرن الماضي قام الكاتب الأمريكي الكبير/ نابليون هيل صاحب كتاب (فكر تصبح غنياً) بعمل استبانة ومسح قابل فيها أكثر من 20 ألف شخص في أمريكا يعملون في كل مناحي الحياة وخلص إلى أن نسبة 95% بالكاد يكسبون ما يبقيهم على قيد الحياة في أحسن الأحوال ومنهم من لم يجد حتى قوت يومه.
أما نسبة 5% فهؤلاء وجدهم ناجحين أقل أحوالهم أن لديهم ما يسد حاجتهم ويدخرون الباقي من أجل استقلال مالي تام. وعرف السر أن لديهم هدفاً واضحاً محدداً قد خططوا لبلوغه ووضعوا خططهم قيد التنفيذ مركزين جهودهم للوصول لهذا الهدف.
– وكذلك عملت جامعة هارفارد استبياناً على 100 طالب من طلبتها وسألتهم إذا كان لديهم أهداف قد خططوا لها؟ فكانت النتيجة أن 3% منهم فقط عندهم أهداف واضحة ومحددة وقد خططوا لبلوغ هذه الأهداف. وأما باقي 97% لم يكن لديهم خطة مكتوبة.
وبعد عشر سنوات قامت الجامعة بالبحث عن هؤلاء الطلاب المئة، فوجدوا أن الثلاثة يملكون أكثر من 90% من ممتلكات بقية المئة طالب.
نقول إنه توجد نقطة يتفق حولها علماء وباحثو المخ والأطباء وعلماء النفس والمستشارون الا وهي: أنه توجد صلة قوية بين ما يحدث في حياتك وبين أفكارك ومعتقداتك. لهذا فإن أي شخص يمتلك غرضاً محدداً ولديه إيمان مطلق بقدرته على بلوغ ذلك الغرض والهدف فلا يمكن هزيمته أبداً، ربما يهزم بشكل مؤقت أو يقابله العديد من الهزائم لكنه في النهاية سوف ينجح ويبلغ هدفه.
إن اللحظة التي تكتب فيها بياناً بهدفك الرئيس وكيف تنوي سلوك الطريق ومتى تريد الوصول إليه – فأنت قمت بغرس صورة من هذا الهدف في عقلك اللاواعي بشكل راسخ، وتجعل عقلك يستخدم هذا الهدف كنموذج يرشد أفكارك وآراءك وجهودك نحو تحقيق هدفك.
وأخيراً عندما تريد أن تكتب روشتة أهدافك فاكتب أهدافاً كبيرة فيها قفزات عظيمة؛ لأنه إن لم تكن أهدافك تخيفك وتحفزك في ذات الوقت فهي أهداف صغيرة جداً.
ولكم تحياتي،،،

سعد آل سعيّد

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. وفقك الله أخي سعد وأسعدك في الدارين
    بداية رائعة وإلى الأمام

  2. مقال رائع وفيه لمسات ابداعية
    لكن عندي تعقيب بسيط حول أمنيات الخليفة الزاهد عمر بن عبدالعزيز
    الثابت في كتب التاريخ أنه كان شاباً منعما ولم يكن يتمنى ويحرص على الخلافة وقد تفاجأ حينما أسندت له الخلافة ودخلت عليه زوجته فاطمة وهو يبكي ويقول ( وليت أمر أمة محمد ) وبعدها تغيرت حياته فلم يكن يتمنى الخلافة ولم يكن حريص عليها أبدا

  3. سعد آل سعيّد -عٓلمٌ لا يُعرّف- جميل ماتخطه أناملك ويمليه عليك واجبك تجاه اخوانك من أبناء الأمة الإسلامية. عميقة المحتوى والمدى هي تلك الرسائل الإيجابية التي تبثها في رسم خطوات النجاح.
    ابدع وتأكد أن كلماتك تلقى لها قلبًا متلهفًا للتحفيز وعقلاً واعياً يطبّق مايقرأه ليصل إلى البعيد في تحقيق اهدافه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى