المقالات

العرفج وشجن التواصل

التواصل وسيلة تسمح لنا برؤية الآخر ولمعرفته عن قرب ،وبالتالي فإن هذا التواصل يجعلنا نقيم حوارات ذهنية تومض بشرارة إلى المعرفة مع المكان والزمان ومع كل المحيط ،وبتفطن تام لكل شيء على اعتبار أن معنى المعنى هو في أساس النظر والتأمل ولا يصل إلينا إلا على هذا الأساس وعلى هذا النحو, فمن خلال وقفة متأملة ومتأنية حول زيارة الأستاذ أحمد العرفج للنادي الأدبي في الباحة جعلتني كغيري أحلق في آفاق بعيدة ، فقد وصلتني القصيدة التي جالت في ثنايا كل بُعد. صّور من خلالها عشقه كمولود متهيئ ، فعشق الإنسان والمكان والزمان ،وقد استبطنت تلك القصيدة الكثير من المعاني, استبطنت المرئي واللامرئي وتما هت مع التاريخ والجغرافيا ،حتى أنني شعرت من خلالها أن كل قادم للباحة سيرى بعدا آخر للأشياء والمحسوسات ، كونها تختلف تماما عن الصورة الذهنية المسبقة فالتصور الذهني لا يرقى إلى الحقيقة المعاشة ، لأن ملامح المكان وبعده الجغرافي وطبيعة الإنسان بسجاياه وعفويته تجعلك تلمح وتحس عن قرب كل الأبعاد وترى كل الزوايا المختلفة ،ترى المعنى الحقيقي من خلال تلك الأبعاد الإنسانية وتبايناتها والأبعاد الجغرافية بكل تضاعيفها وتعاريجها ،وما تكاد تنفصل عن بعد حتى تعرف بعدا آخر تنطلق منه إلى معنى المعنى المتواري خلف الأشياء. ذلك الطيف لا يراه إلا المتأمل ، وبحالة من التصوف ، لتكتمل كل الأبعاد لأنها تتصل بواقع مغاير تماما.

وهذه الحالة الاحتفالية والتكامل المعرفي والإبداعي والثقافي تتيه فيها عناوين الحرف وقد أبدع العرفج في ذلك عندما قال :

تاهت عناوين حرفي وسط ناصيتي
وبين ريحانكم .. حصلت عنواني

لأن كل عنوان في رواق المكان يستدل به إلى غيره ليجد عناوين متعددة .وفي هذا التشابك وهذا الزخم الوافر وفي خضم هذا الجو المتطاير بروائح نفاذة ، ومع نفس زكية صادقة فضلت التأمل والعودة إلى حالة الصمت كنبع ملهم وخيار للتفكر والتأمل ، لما تناثر في كل الأمكنة والزوايا على اعتبار أن الصمت محطة للانطلاق نحو المعرفة.
أنا المغرد لكني بحضرتكم ..
أصغي إلى نغمةٍ تسمو بألحاني

عند هذا فقط اكتمل المشهد ، ورأينا المعرفة والصفاء والنقاء تدرج في كل الأروقة والأماكن
وقد أصغى الشاعر بعمق ، فهل يمكن أن نصغي نحن لنسمو….

عوضة الدوسي
ماجستير في الأدب والنقد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى