(مكة) – نواكشوط
احتفت موريتانيا اليوم بالذكرى ال 56 لاستقلالها ، وهي مناسبة يعبر فيها الموريتانيون عن شكرهم البالغ وعرفانهم بالجميل لأولئك الأبطال الذين تصدوا للمستعمر بشجاعة فائقة وتضحية خالصة .
وتشكل هذه المناسبة ، فرصة لاستعراض الإنجازات المتلاحقة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة بقيادة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وطالت مختلف المجالات .
وقد عملت الجهود الحكومية، على أن تمتد شبكة من الطرق الحديثة لتربط الوطن ، من أقصاه الى أقصاه، وتؤمن لمواطنيه التنقل، في ظروف مريحة وآمنة، وأن يدخل المواطنون جميعا ، في المدن، والقرى، والأرياف، وأن يصل الماء الصالح للشرب، وتصلهم الكهرباء بأسعار مناسبة، وتتوفر لهم الخدمات الصحية عالية الجودة، وأن تنهض المدرسة العمومية بواجبها، فتجمع الموريتانيين حول قيم المعرفة والوطنية، وأن تتطور الصناعات، وأن يشارك الشباب بفعالية في بناء الوطن ورسم مستقبله، وأن تحتل المرأة المكانة اللائقة بها وكل ذلك في أجواء هادئة، وآمنة، ينعم فيها البلد بالديمقراطية ، والمواطن بحقوقه كاملة .
ويحتل بناء الإنسان الأولوية في العمل الحكومي، والخطط التنموية، ففي مجال التعليم والتكوين المهني، شهدت موريتانيا نهضة شاملة وسريعة، فتم توسيع قاعدة الدخول الى التعليم، وتشجيع التخصصات العلمية، واستحداث مؤسسات التميز في جميع مراحل التعليم، كما تم تكثيف التدخل في مجال البنى التحتية .
كما شهدت في مجال التعليم العالي نقلة نوعية حيث تضاعف عدد الجامعات والمدارس العليا المتخصصة ، والمعاهد العلمية إلى جانب ما شهده مجال التدريب والتكوين المهني، من تنويع في التكوين ومضاعفة لعدد المراكز لتزويد السوق الوطنية بالكفاءات الضرورية.
وتخوض موريتانيا حربا ضد الفساد والمفسدين حيث أقرت الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الرشوة منذ ديسمبر 2009 لتتصدى لهذه الظاهرة وتجلياتها ، وباشرت تنفيذ إصلاحات عميقة ، انصب بعضها على الجوانب التنظيمية والقانونية لمكافحة هذه الظاهرة ، كما تم إنشاء مرصدين مستقلين لمتابعة مكافحة الرشوة، مكونين حصرا من منظمات المجتمع المدني .
ومكنت هذه الجهود من تحقيق نتائج مهمة لموريتانيا من بينها، تحسن ترتيبها على مؤشر الشفافية الدولية ما بين 2011 و 2015 بـ 31 نقطة حيث انتقلت من المرتبة 143 إلى 112، كما تقدمت على مؤشر تحسن مناخ الأعمال حيث تم تصنيفها ضمن الدول الأكثر تنفيذا للإصلاحات في هذا المجال، وتم الإعلان عن مطابقتها لمعايير الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية في شهر فبراير 2012 .
من جهة أخرى شهد الناتج الوطني الخام نقلة نوعية حيث كان يبلغ في سنة 2008 700 مليار أوقية ووصل حاليا إلى 1600 مليار وارتفعت ميزانية الدولة من 240 مليار سنة 2008 الى 460 مليار سنة 2016، وتضاعفت ميزانية الاستثمار الممولة على الموارد الذاتية للدولة ما بين (2009 و2016) من 32 مليارا إلى 124 مليارا على التوالي.
وحافظت التوازنات الاقتصادية الكبرى على استقرارها مع تحسن وضعية بعضها مثل التضخم ، ورصيد الحساب الخارجي الجاري ، وعجز الميزانية العامة حيث حقق الاقتصاد الموريتاني أداء جيدا في السنوات الخمس الماضية بفضل تسجيل نسبة نمو بلغ متوسطها 5 % مع المحافظة على نسبة تضخم دون 4 %.
وقد مكنت هذه الوضعية من تحقيق نقلة نوعية في مجال البنى التحتية لقطاعات أساسية كالنقل ( المطارات، الموانئ، والطرق وقد تم إنشاء شبكة طرق في مختلف عواصم الولايات ساهمت في فك العزلة عن عشرات البلديات والمراكز الإدارية ) وتضاعف إنتاج واستخدام الطاقة النظيفة والزراعة وتم استصلاح المزيد من الأراضي، ومد قنوات الري، حيث تم تحقيق نسبة 80 % من الاكتفاء الذاتي في مادة الأرز ) ، وفي الجانب الصحي تم إنشاء أكثر من 10 مستشفيات كبرى، وعشرات المستوصفات والمراكز والنقاط الصحية ) وفيما يخص التعليم فقد تم إنشاء العديد من الجامعات والمدارس العليا، والمعاهد، وشبكات المياه كما تم انجاز مشاريع عملاقة مثل الحالة المدنية وبرنامج أمل
وقد مكن كل ذلك الحكومة خلال السنوات الأخيرة واعتمادا على مواردها الذاتية، من تمويل العديد من المشاريع التنموية والبرامج الاجتماعية الرامية إلى تحسين الظروف المعيشية للسكان، عبر تخفيض أسعار المواد الأساسية وتوزيع كميات كبيرة منها مجانا على المحتاجين، إضافة إلى تحسين النفاذ إلى البني التحتية وخدمات الأمن والتعليم والصحة والماء الشروب والطاقة والنقل، فضلا عن إنجاز برنامج واسع لإعادة هيكلة ما يعرف بأحياء الانتظار في نواكشوط وبعض المدن الداخلية التي استفادت من تشييد مراكز صحية وتعليمية وطرق.
من جهة أخرى ، فقد قامت موريتانيا بتطبيق سياسة مالية صارمة وشفافة، تقوم على ترشيد الأموال العامة، مما انعكس إيجابيا على العديد من المؤشرات حيث تضاعف الناتج المحلي الإجمالي ( خارج النفط ) من 797.599 مليون أوقية في عام 2009 إلى 1.523.919 مليون أوقية في 2015؛ وتطور الميزانية المخصصة للاستثمار من 80.803.347.550 أوقية سنة 2009 إلى 176.931.614.000 أوقية سنة 2016 أي في حدود الضعف.
ومن أبرز هذه المكاسب هو صمود موريتانيا في وجه الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة الناجمة عن هبوط أسعار المواد الأولية التي عصفت باقتصادات العديد من البلدان .
وأولت موريتانيا اهتماما كبيرا لجذب الاستثمارات من خلال العمل على توفير البيئة الجاذبة باعتماد العديد من الإصلاحات المهمة ، حيث ظلت البلاد خلال السنوات الأخيرة تحظى بثقة شركائها في التنمية وتجلى ذلك من خلال تطور حجم التمويلات والمنح الخارجية التي استطاعت موريتانيا تعبئتها.
وإضافة إلى الجهود التنموية المتواصلة، تضطلع موريتانيا بدور محوري في المحافظة على السلم والأمن في منطقة الساحل والصحراء، من خلال مقاربة مركبة تتبنى الانفتاح والحوار نهجا والمهنية والصرامة عملا.
وتشكل موريتانيا بانتمائها إلى منطقة المغرب العربي الكبير وإلى منطقة دول جنوب الصحراء وبواجهتها الأطلسية الطويلة وبعمقها الصحراوي، مركبة رئيسية من المنظومة الأمنية والاقتصادية والبشرية في شمال – غرب إفريقيا. وتعمل موريتانيا على أن يسود الانسجام والوئام هاتين المنطقتين الحيويتين، من خلال سياسة ثابتة لحسن الجوار والنأي بالبلاد عن الصراعات في شبه المنطقة.
وتتويجا لمصداقية البلاد على المستوى القاري، تشرفت موريتانيا برئاسة الاتحاد الإفريقي، سنة 2014، بعد ترؤُسِها “لمجلس السلم والأمن” في نفس العام .
وخلال هاتين المأموريتين، شاركت موريتانيا إلى جانب بعض البلدان الإفريقية، في عدة مبادرات لإيجاد حلول سلمية وتوافقية للأزمات في كوت ديفوار وليبيا ومالي وبوروندي وغيرها.
وعلى الرغم من شح مواردها المادية والبشرية وحساسية وضعها الجيو- سياسي، لم تتردد موريتانيا في المشاركة في إرسال قوات لحفظ السلام، كلما طلبت منها منظمة الأمم المتحدة ذلك، حيث بعثت بوحدات أمنية إلى كل من كوت ديفوار ووسط إفريقيا، ويجمع المشرفون هناك على مهنية وأخلاقيات الجنود الموريتانيين.
ولقد أدت موريتانيا دورا متقدما في تأسيس “مجموعة دول الساحل الخمسة”، وهي تشاد والنيجر وبوركينا فاسو ومالي وموريتانيا، وتحتضن موريتانيا الأمانة الدائمة لهذه المنظمة الإقليمية. وتعنى “مجموعة دول الساحل الخمسة” بالتنسيق فيما بينها في مجالات حيوية هي الأمن والحكامة الرشيدة والعناية بالمناطق الأقل كثافة سكانية والبنى التحتية. وقد صممت المنظمة برامج ومشاريع مشتركة نالت اهتمام الكثير من الشركاء الدوليين.
ولم تتردد موريتانيا في الترحيب، عندما آل إليها شرف احتضان قمة جامعة الدول العربية الأخيرة .
وها هي موريتانيا تتولى قبل أقل من أسبوع بمالابو، عاصمة غينيا الاستوائية، رئاسة القمة العربية الإفريقية الرابعة، وهي مناسبة حرص فيها رئيس الجمهورية على التأكيد على تقدير موريتانيا الكبير لشرف تولى رئاسة القمة وإرادتها القوية في الدفع بالعمل العربي الأفريقي المشترك الى آفاق تستجيب لتطلعات شعوب المجموعتين في توطيد التعاون والشراكة والتكامل بينهما، على أساس مبادئ الاحترام وحسن الجوار والمصالح المتبادلة.