المقالاتماجد الحربي

الصحفي النزيه عُمْلَة نادِرَة ..!!

تشربّنا منذُ الصغر ـ أن الصحافة مِرآةُ المجتمع – وهي السلطة الرابعة ، والصحفي النزيه عُملة نادرة ، ولذلك هي تنقل أصوات الناس وهمومهم ومشاكلهم للمسؤول بكل تَجَرُد ، من أجل ايصال الحقيقة كما هي دون زيادةٌ أو نُقصان ، وإلا لا يمكن أن تكون صحافة بالمعنى الحرفي لها !! وهي أمانة صحافية تشربها كل صحافي مُبتدئ ، فضلاً أن يكون صحافياً مُحترفاً في عالم الصحافة الحُرة النزيهة ، وإن اضطر الصحافي أن يمتدح مسؤولاً أو أن يُشيد به ـ أياً كان ذلك المسؤول ، صغيراً أم كبيراً ـ فإنه لا يُبالغ في مدحه والثناء عليه ، ولا يصفه مثلاً بصفاتٍ يستحيل أن توجد فيه ، فضلاً أن يتغنى بها حينما يُمجّده ، بل يذكره بما هو أهلٌ لذلك فقط ، ولذلك يُقال : هناك أقلام حُرة ، وأقلامٌ نزيهة ، ولم نكن نعلم وقتها ، لماذا يُقال لنا ذلك ..؟! لأننا كنا نعتقد ـ وخاب ظننا ـ أن الصحافي دائماً لا ينطق لسانه إلا بالحق ، بل حتى حينما يُمازح ، لا يقول إلا حَقاً ..!! ولكن في عالمنا اليوم عاصرنا صحافة وصحافيين ، بدلاً من أن يسخروا أقلامهم وصحافتهم في إيصال أصوات الناس للمسؤولين ، سخروها في خدمة بعض المسؤولين !! ولذلك حتماً سيفقدون مصداقيتهم ، طالما أنهم ابتعدوا عن جوهر الغرض من إنشاء الصحيفة أو الموقع الإخباري لخدمة الناس ، وسخروها لخدمة المسؤول في كل ما يخدمه ويدافع عنه ، ولذلك لا يمكن أن يُطلق على من تلك وصفها صحيفة أو لمن كانوا كذلك بأنهم صحافيين أبداً ، حتى لو أوهموا الناس ، وادعوا غير ذلك ..!!

ولم نكن نعرف أن عالم الصحافة مُتقلبٌ لهذا الحَد ، أشبه بأجواء الطقس ، بارد وحار ، في أوقاتٍ متقاربة ..! وأيضاً مُتقلب بين الجِدِّ والهزل ، وبين الحقِّ والباطِل ، وبين الإشادة والذَّم ، من كل ضِد وضِد ..! ولذلك لو عَلِمَ الصحافي ـ أي صحافي ـ عِلم اليقين أن القلم الحُر عُملة نادِرَة ، ولا يمكن بيعه وشراؤه في مزاد المسؤولين ، لا عاش عُمره كله مرفوع الرأس ، يذكره الناس دائماً بالخير في حياته وبعد مماته أيضاً ، متى ما هو أخلص لأمانة القلم الذي يملكه ، ولم يعرضه للامتهان ، كما يفعل البعض من أجل حَظٍ من حظوظ الدنيا ، وليعلم بأن المسؤول زائِلْ ، ولكن القلم النزيه الحُر باقٍ ، وسيبقى أبدَ الدهر ، لا يمكن أن ينكسِر ..!!

ـ وقفة :

  كما قال امبراطور الشعر العربي ، أبي الطيب المتنبي ، رحمه الله تعالى :

يُقضى على المَرْءِ في أيامِ مِحنتهِ

حتى يرى حَسَناً ما ليسَ بالحَسَنِ !!

 ماجد الحربي – كاتب صحافي

Related Articles

3 Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button