يطلق اسم النشميّ، وجمعه النشامى على الرجال الأشداء المدافعين عن القبيلة كما يقال للنساء شديدات البأس نشميات، وهذا في البادية السورية والحورانية خاصّة، وفي عموم الأردن الشقيق.والمار في حوران أو البادية إذا ما رأى فتاة فيناديهـــا: ” ياالنشمية” .
والنَّشَميّ (1) هو المنسوب الى النّشَم، والأخير من الثلاثي (ن ش م) :
والنَّشَمُ، بالتحريك: شجر جبليّ تتخذ منه القسيّ ، وهو من عُتُق العِيدان ؛ قــــــال ساعدة بن جُؤَيَّة:
يأْوي إِلى مُشْمَخِرّاتٍ مُصَعِّدةٍ*** شُمٍّ، بِهِنّ فُروعُ القانِ والنَّشَم
وواحدتُه نَشَمةٌ. قال الأَصمعي: من أَشــجـار الجبال النَّبْع والنَّشَمُ وغيره، تتَّخذ من النَّشَم القِسِيُّ؛ ومنه قول امرئ القيس:
عارِضٍ زَوْراءَ من نَشَمٍ،*** غَيْرِ باناتٍ على وتَرِهْ
وتَنَشَّمَ في الشيء ونَشَّم فيه إذا ابتدأَ فيه؛ قال الشاعر:
قد أَغْتَدي، والليلُ في جَرِيمه،*** مُعَسْكِراً في الغُرِّ من نجُومِه
والصُّبْحُ قد نَشَّم في أَديمِــــه،*** يَدُعُّـــــــــه بِضَفَّتَيْ حَيْزُومِه،
دَعَّ الرَّبِيب لحْيَتَيْ يَتِيمِــــــــــه
قال: نَشَّم في أَديمِه يريد تَبدَّى في أَول الصبح، قال: وأَديمُ الليل سواده، وجريمُه: نفسه.
والتَّنشيم: الابتداءُ في كل شيء.
وفي النوادر: نَشَمْتُ في الأمر ونَشَّمْت ونَشَّبْت أي ابتدأْت.
ومَنْشِمُ، بكسر الشين: امرأَة عطّارة من هَمْدان كانوا إذا تطيَّبوا من ريحها اشتدَّت الحرب فصارت مثلاً في الشرّ؛ قال زهيربن أبي سلمى في مدح هرم بن سنـــــــان وصاحبه:
تَدارَكْتُمُ عَبْساً وذُبْيانَ، بعدما *** تَفانَوْا، ودَقُّوا بينهم عِطْرَ مَنْشِمِ
(صرفه للضرورة الشِّعرية ).
وقد اختلف الجذوريون في تحديد منشم وعطرها كثيرا :
وقال أَبو عمرو بن العلاء: هو من ابتداء الشرّ، ولم يكن يذهب إلى أَن مَنْشِمَ امرأَةٌ كما يقول غيره؛ وقـــــال ابن الكلبي في عِطْرِ مَنْشِم: مَنْشِمُ امرأَةٌ من حِمْيَر، وكانت تبيع الطيب، فكانوا إذا تطيبوا بطيبِها اشتدَّت حربُهم فصارت مثلاً في الشرّ؛ بينمــا قال الجوهري: مَنْشِمُ امرأَةٌ كانت بمكة عطّــــارة، وكانت خُزاعةُ وجُرْهُم إذا أَرادوا القتال تطيَّبوا من طيبها، وكانوا إذا فعلوا ذلك كَثُرَ القَتْلى فيما بينهم فكان يقـــــال: أَشْأَمُ من عِطْرِ مَنْشِم، فصار مثلاً ، قال: ويقال هو حبُّ بَلَسانٍ.
وحكى ابن بري قال: يقال عطــــــرُ مَنْشَم ومَنْشِم، قال: وقال أَبو عمرو مَنْشَمٌ الشرُّ بعينه، قــــــال: وزعم آخرون أَنه شيء من قُرون السُّنْبُل يقال له البَيْش، وهو سَمُّ ساعةٍ ؛ قال: وقال الأَصمعي هو اسم امرأَة عطَّارة كانوا إذا قصدوا الحرب غَمَسوا أَيْدِيَهم في طِيبهـــــــا، وتحالفوا عليه بأَن يسْتَمِيتُوا في الحرب ولا يُوَلُّوا أو يُقْتَلوا، قال: وقال أَبو عمرو الشَّيْباني: مَنْشِم امرأَة عطّـــــــــــــارة تبيع الحَنُوط، وهي من خُزاعة، قال: وقال هشـــــــــامٌ الكَلْبيُّ من قال مَنْشِم، بكسر الشين، فهي مَنشِم بنت الوَجيه من حِمْير، وكانت تبيع العِطْرَ، ويتشاءمون بعطرها، ومن قال مَنشَم، بفتح الشين، فهي امرأَة كانت تَنْتجع العربَ تبيعُهم عِطرها، فأَغار عليهـا قومٌ من العرب فأَخذوا عِطْرَها، فبلغ ذلك قومَها فاستأْصلوا كلَّ مَنْ شَمُّوا عليه ريحَ عطرها؛ وقـال الكلبي: هي امرأَة من جُرهُم، وكانت جُرْهُم إذا خرجت لقتال خُزاعـــة خرجت معهم فطيَّبتهم، فلا يتطيب بطيبهـــــا أَحد إِلا قاتلَ حتى يُقتل أَو يجرح، وقيل: مَنْشِمُ امرأَةٌ كانت صنعت طيباً تُطَيِّب به زوجها، ثم إنها صادقت رجلاً وطيّبته بطيبِهـا، فلقِيَـــــه زوجُها فشمَّ ريحَ طيبها عليه فقتَله، فاقتتل الحيّانِ من أَجله.
وأيّــاً ما كان أصل منشم فالراجح أنهــــا سيدة عربية ارتبط اسمهـــا بأمرين اثنين همــا : العطر والشّــؤم .
ولنلاحظ أنه من بين النشم الذي هو شجر تتخذ منه العصيّ القوية الصلبة، والنشم المرتبط بمنشم ، رمز الشؤم والحرب عند القوم ، جاء مصطلح النشامى والنشميات في جذور لغتنا العربية العتيدة ، ليعني الصلابة في البأس والمصائب ، كما يشير إلى القوة والثبات على المبدأ في السرّاء والضراء ، والله أعلم .
———— حاشية :
النشمي عند العامّة باسكان الشين فيقولون نَشْمِيّ .
ولقد قرأت في أصل النشامى التالي :
معنى نشمي هي كلمة ليست عربية فصحى ولكن أصبحت هذه الأيـــــام تستخدم في الخطابات والكلمات الشعبية والرسمية، نشمي كلمـــة جامعـــــــة من التراث البدوي الأردني الأنباري (بادية العراق في محافظة الانبار) والشوهي (باديـــــــــة موجودة بشرق سوريا) وكذلك شمال السعودية، وتعني الرجل الشجـاع المقدام وهي مصطلح أطلق على البدوي الاردني بالتحديد لأنه معروف في بوادي الشام بفروسيته ونخوته والأهم تعففه عن النساء حيث لا يطـــــأ الأعراض أو حتى (إدخَلَه// دخالة) يعني لاجئين لا حول لهم ولا قوة حيث في تراثهم قصص رجـال وجدوا نســــــــاء في الصحاري وكانت كل الاسباب مهيئة لفعل الردية ، إلا أنهم لم يخونـــــوا مبادئهم وتعففوا فكانوا مثالا في النشامى ، وصار باستطاعتنا أن نردّ هذا الزعم ونقول بل الأصل عربي وله جذوره العربية الأثيلـــــــــــــــــة !
د. محمد فتحي حريري