المحلية

مختصون يطالبون بتهيئة المتاحف لذوي الاحتياجات الخاصة

(مكة) – الرياض

طالب عدد من الخبراء والمختصين بمناسبة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة, بتهيئة المتاحف وتطويرها لمواءمة متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك عبر توافر كل السبل والوسائل التي تمكن ذوي الاحتياجات الخاصة من الاطلاع على محتويات المتاحف والتعرف عليها دون عناء، مؤكدين أهمية المتحف ودوره في تجسيد حضارات الأمم والشعوب كونه يمثل جسراً للتواصل بين الماضي والحاضر مما يسهم في بناء مستقبل أفضل في المجالات كافة.
جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها مؤخرا الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالتزامن مع اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، بعنوان “خدمات المتاحف لذوي الاحتياجات الخاصة.. الواقع والمأمول”, , بالمتحف الوطني بالرياض.
وتحدث في الندوة التي قدمها الإعلامي يحيى حسن الزهراني، المختص في حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، كلٌ من أنور بن حسين نصار، مشرف عوق بصري بوزارة التربية ومدرب في تأهيل المكفوفين، والدكتورة أروى بنت على أخضر، مشرفة عموم الإدارة العامة للتربية الخاصة، والمتخصصة في التربية الخاصة ( الصم ) والمناهج العامة.
وناقشت الندوة خدمات المتاحف تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، عبر محورين رئيسيين، تناول المحور الأول تشخيص خدمات المتاحف في المملكة العربية السعودية, بينما تطرق المحور الثاني إلى تجارب المتاحف العالمية في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة.
واستعرض أنور بن حسين نصار تشخيص الواقع في المتاحف الوطنية في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة, متسائلا عن قدرة المتاحف الوطنية عل تلبية احتياجات هذه الفئة, مبيناً أن المملكة تزخر بعدد كبير من هذه المتاحف، وذكر منها على سبيل المثال، المتحف الوطني بمركز الملك عبدالعزيز التاريخي ومتحف المصمك التاريخي ومتحف العلوم والتقنية في الإسلام ومتحف سايتك، ومتحف جامعة الملك عبدالله للعلوم وغير ذلك من المتاحف السعودية العامة، منوهاً بجهود الدولة واهتمامها بالمتاحف وبهذه الفئة الغالية من المجتمع.
وقدم عرضاً لنماذج من مواقع ومتاحف أجنبية لذوي الاحتياجات الخاصة, لافتاً إلى قدرتها على تلبية احتياجات هذه ا لشريحة من المجتمعات، مستعرضاً واقع متاحف المملكة وما تحتاجه من تطوير لتواكب احتياجات فئات ذوي الاحتياجات الخاصة المختلفة، من مكفوفين وضعاف بصر وذوي الإعاقات السمعية وغيرهم.
وقسم المتاحف العامة إلى متاحف تاريخية وسياسية وتعليمية، وقال هناك متاحف مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، وأخرى عامة تحتوي على أقسام وملاحق متخصصة لهذه الفئات, وقدم عرضاً لمتاحف عالمية، شهيرة مثل متحف دار الطباعة الأمريكية – أمريكا، ومتحف بيركنز – أمريكا، ومتحف باري ومتحف نيويورك للفنون بأمريكا، ومتحف مدام توسوفي لندن ومتحف بانورام في إسطنبول, كما تطرق إلى ترقية المتاحف وتهيئتها وتعديلها لتلائم متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة، في جميع النواحي البيئية والبشرية والتقنية, وقدم إرشادات عامة للمتاحف شملت اللوحات الإرشادية واللوحات التقنية، والأدلة اللمسية، والفاءات التعليمية، والتجول.
كما تحدثت الدكتورة أروى بنت على أخضر, عن أهمية المتاحف كونها معالم تحتضن تراث الأمم والشعوب، لتطلع عليه الأجيال المختلفة، وذكرت أن وظيفة المتحف تتمثل في ربط الأجيال بتراثهم لربط الماضي بالحاضر ومواكبة المستقبل، مما يجعل للثقافة المتحفية أهمية قصوى، وحثت الدكتورة أروى كل فئات المجتمع على زيارة المتاحف لا سيما النشء وطلاب المدارس والجامعات، وقالت: إن الدول المتقدمة تولي اهتماماً كبيراً بالمتاحف وتحظى المتاحف في هذه الدول بأعداد كبيرة من الزوار، فمثلا في المدارس الأوربية نجد زيارات المدارس للمتاحف تمثل أنشطة أساسية يقوم بها الطلاب, مستدلة بألمانيا, مبينة أن عدد زوار المتاحف في هذه الدولة يفوق عدد جماهير مباريات كرة القدم فيها، لافتة إلى أن ألمانيا تحتضن 6500 متحفاً مهيئة وقادرة على مخاطبة شرائح الزوار من خلال توفير احتياجاتهم المعرفية والثقافية، وقالت إن الثقافة هي الأقدر على ربط وتمازج الأمم والشعوب بغض النظر عن الاختلافات في الرؤى السياسية والاقتصادية.

وأكدت المتخصصة في التربية الخاصة ( الصم ) والمناهج العامة أروى بنت على أخضر, أن المتاحف تمثل عنصرا رئيساً في دعم وتنمية السياحة وتطويرها بوصفها معالم جاذبة للجمهور لما تحتويه من كنوز حضارية وثقافية وتاريخية تستهوي الزوار والسياح، لذا يجب تطويرها وتعزيز ثقافتها والاهتمام بها.
وقدمت عرضاً مرئياً لعدد من المواقع السياحية في المملكة قامت بتصويره مجموعة من المصورات الفوتوغرافيات من ذوي الاحتياجات الخاصة ( الصم) اللاتي رصدن بالصورة زيارات مختلفة لمعالم تاريخية شملت قصر الملك عبدالعزيز بالبديعة، وسوق الزل، وحصن المصمك، مفيدة أن الفتيات ممن قمن بالتصوير من هذه الفئة أشرن إلى أنهن لم يتعرفن من قبل على ما تحتويه هذه المعالم من ثراء حضاري وثقافي متراكم عبر الحقب المختلفة، الأمر الذي يؤكد ضعف الثقافة المتحفية لدينا وعدم قدرة المتاحف على الجذب المطلوب الذي يجعل من المواطنين بجميع شرائحهم خصوصا ذوي الاحتياجات الخاصة يتعهدها بالزيارة للتعرف على كنوزها الحضارية.
وأشارت الدكتورة أروى إلى مبادرات الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في الاهتمام بالسياحة وتطويرها، وقالت رغم هذه الجهود إلا أن معظم العاملين في مجال السياحة وبما فيهم المرشدين السياحيين غير مؤهلين للتعامل مع فئات ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك لعدم قدرتهم على استخدام لغة الإشارة وغياب كثير من الوسائل التي تعين ذوي الاحتياجات الخاصة على الاطلاع والتعرف والاستمتاع برحلتهم السياحية في الموقع المعين.
وأثنت على جهود الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، خصوصاً أن الهيئة رفعت شعار السياحة للجميع، لا سيما ذوي الاحتياجات الخاصة، لافتة إلى توجه الهيئة في تبني تطوير الإرشادات في معايير التصنيف في مرافق الإيواء السياحي تحت مسمى متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة، إلى جانب تنفيذ سلسلة من البرامج التفاعلية للهيئة التي تهدف إلى التواصل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوقيع مذكرات تعاون تهتم بهذه الفئات مثل مذكرة التعاون التي وقعتها الهيئة مع الجمعية السعودية للإعاقة السمعية، وإعداد القاموس الإرشادي للمصطلحات في القطاع السياحي، وإعداد قائمة متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة في المجال السياحي، وجهود الهيئة في تأهيل مرشدين سياحيين من ذوي الاحتياجات الخاصة، وإعداد قائمة بيانات وأرقام مترجمي لغة الإشارة وتعميمها على كافة ا لمنشآت السياحية.
ولفتت الدكتورة أروى إلى المسح الديمغرافي الذي أجرته الهيئة خلال هذا العام 2016م بخصوص إحصائية ذوي الاحتياجات الخاصة بالمملكة وقالت، إنه وبناءً على ذلك المسح فإن نسبة ذوي الاحتياجات الخاصة تمثل ( 3.3%) من جملة سكان المملكة، أي إنه يوجد 33 ألف من ذوي الاحتياجات الخاصة من بين كل 1000 من السكان السعوديين، وأن نسبة الذكور من ذوي الاحتياجات الخاصة (3.8 %) أعلى من نسبة الإناث ( 2.8 %).
وتحدثت عن دور المتاحف والتنمية المستدامة، مستعرضة رؤية المملكة 2030 وأنها ترتكز على ثلاثة محاور هي المجتمع الحيوي، والاقتصاد المزدهر، والوطن الطموح وفي كل محور نجد أن هناك اهتمام بمبادرات السياحة وتطويرها والاهتمام بالإرث الحضاري الثقافي.
يذكر أن الندوة حظيت بترجمة مصاحبة في لغة الإشارة قدمها الخبير والمختص في لغة الإشارة محمد بن عبدالعزيز الفهيد، وخرجت الندوة بعدد من التوصيات التي تنادي بالاهتمام بالسياحة من خلال المتاحف التي تلبي تطلعات ذوي الاحتياجات الخاصة المعرفية والثقافية والترفيهية وغيرها، كما تخلل الندوة عدداً من المدخلات والاستفسارات التي أسهمت في بلوغ أهدافها المنشودة.
ودرجت الأمم المتحدة على الاحتفال سنوياً ومنذ عام 1992م باليوم العالمي لذوي الاحتياجات في الثالث من كانون الأول/ديسمبر في جميع أنحاء العالم الذي يصادف يوم الثلاثاء القادم في هذا العام ويركز موضوعه على “تحقيق أهداف التنمية المستدامة ودورها في بناء عالم أكثر شمولاً وإنصافا للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى