للفساد أضرار كبيرة تلحق بالتنمية والاقتصاد وصحة الإنسان ماديا ومعنويا و له أسباب وصور عدة منها ضعف الوازع الديني والوطني لكن هناك أسباب أخرى لا تقل خطورة من حيث تأثيرها السلبي على تفشي الفساد ويأتي في مقدمتها ضعف الرقابة كما تتجلى صور الفساد في إقصاء ومحاربة أصحاب الحقوق و تفشي الرشوة والمحسوبية والواسطة واختلاس المال العام واساءة استعمال السلطة والوظيفة العامة والتزوير والغش والتحايل .
وفي المملكة تاريخ طويل في مكافحة الفساد فمنذ عام 1971 تم اعتماد نظام لتأديب الموظفين ومحاكمة الوزراء وكبار المسؤولين وتحقيق الرقابة المالية وفي عام 1992 تم إصدار قوانين مكافحة الرشوة وفي عام 2007 تم اصدار استراتيجية وطنية لحماية النزاهة وأنشأت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في 2010 م وبعدها بعام تم إصدار نظام مكافحة غسيل الأموال .
إن الشفافية والوضوح همام صمام الأمان لمحاربة الفساد و دليل وبرهان على الإنتقال الحقيقي من مرحلة الشعارات والتوعية إلى الممارسة والتطبيق لحماية المال العام و نزاهة الوظيفة العامة من التربح والتكسب وسوء استغلال السلطة .غ
وقد وافق مجلس الشورى بأغلبيتة يوم 16 نوفمبر 2015م على ملاءمة دراسة مقترح مشروع نظام (منع الكسب غير المشروع) ويهدف إلى حماية الوظيفة من خطر الاتجار بها و استغلالها أو استثمارها لصالح الموظف وحماية الاقتصاد الوطني من خلال سن تشريع يؤدي إلى حفظ المال العام و التزام كبار المسؤولين في الدولة بتقديم إقرار عن ذمتهم المالية وذمة الزوجة و الأولاد القصر يوضح ما يملكونه من أموال وحقوق داخل المملكة وخارجها ومصادر الدخل ومقدارها وفي 15 من ديسمبر 2015م رفعت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) إلى المقام السامي مشروع (النظام الجزائي للإثراء غير المشروع) الذي يأتي في إطار دعم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لأجهزة الرقابة وتعزيز دورها وتمكينها من القيام بدورها في حماية المال العام ومحاسبة المقصرين ومكافحة مظاهر الفساد.
وكانت البداية حينما صدر أمر سامٍ في نهاية شهر جمادى الأولى عام 1421 قبل ستة عشر عاما بتشكيل لجنة لدراسة مشروع نظام حماية الأموال العامة ومكافحة سوء استخدام السلطة، المقترح من هيئة الرقابة والتحقيق وتعديل اسمه ليصبح “مكافحة الاعتداء على المال العام وإساءة السلطة” والذي أحيل إلى مجلس الشورى وبعد دراسته من لجنة الإدارة والموارد البشرية أقره الشورى قبل أكثر م
احدى عشر سنة وتحديداً في الرابع والعشرين من شهر صفر عام 1426 ثم أعيد إليه للرد على التباين الذي حدث بينه وبين مجلس الوزراء فأقر الشورى النظام مجدداً في الرابع عشر من شهر صفر عام 1428 ثم أعيد النظام إلى مجلس الشورى بعد أن لوحظ خلوه من نصوص لحماية ووقاية المال العام من الاعتداء عليه، واقتصاره على أحكام تتعلق بتجريم حالات الاعتداء وتقرر عقوبات لتلك الجرائم مما أعتبر فراغا تنظيميا لخلوه من الأحكام الجزائية والوقائية .
وسيلبي (النظام الجزائي للإثراء غير المشروع) بعد إقراره المطالبات المتعددة والمتكررة لديوان المراقبة العامة الذي لطالما شكا من استمرار العديد من الجهات المشمولة برقابته ارتكاب مخالفات وتجاوزات مالية رغم صدور قرارات سامية بشأنها، وعدم معالجتها لهذه المخالفات وتكرارها مما أشغل الديوان في متابعتها واضطراره إلى إدراجها في تقاريره سنة بعد أخرى وعلى مدى 13 عاما منذ عام 1422 وحتى 1435، وقد ترتب على ذلك الحد من قدرة الديوان على التوسع في عمليات المراجعة المالية ورقابة الأداء .
هيثم صوان