د. عبدالله التنومي

نسب عفاش

سبق أن تحدثنا فيه من خلال مقالة وافية عن عفاش، فقد انضوت أمه بابنها عفاش تحت لواء مشيخة بيت الأحمر، والعرب تنسب المجهول للمعلوم وقد أراد الله لهذا الشخص أن يحصل على شيء من الدراسة الابتدائية التي تخوله الدخول في أقل وظائف الدولة، وهي العسكرية فأبناء المشايخ لايدخلون الجندية ألبتة، وساعدته الظروف أن يصل إلى رتبة ضابط في أمن تعز وتدرج حتى أصبح مدير أمن تعز برتبة رائد.
ويكن عفاش الولاء والطاعة المطلقة للشيخ عبدالله الأحمر ولي نعمته، والتي تزوجت أمه أحد رجال بيت الأحمر، وقد يكون ذلك من أعراف الدخيل أو أنها ذات بهاء وجمال فجحا أولى بلحم ثوره.
وله أخ أكبر منه اسمه محمد تُوفي بعد أن أصبح من كبار ضباط الدولة اليمنية.
وقد يكون اليتم والفقر جعل اﻷم تلجأ إلى شيخ مشايخ حاشد؛ لتعيش في كنفه وتربي أيتامها.
وعندما قامت الثورة لم يكن عفاش شيئًا مذكورًا، فكان السلال رئيس أول جمهورية يمنية، وبعد فترة بسيطة قد لاتتجاوز الخمس سنوات أطيح به، ولجأ إلى مصر وتم منحه فيلا من فلل البشوات في مصر الجديدة التي أممها عبدالناصر.

وأصبحت الرئاسة بين تجارب القاضي عبدالكريم العرشي أو العودة إلى النظام العسكري؛ حتى تم ظهور المقدم إبراهيم الحمدي عام 1974 ميلادية، وهذا الرجل النزيه نهض باليمن من خلال سنواته الثلاث نهضة كبيرة، ووضعها دولة مؤسسات وهمّش دور المشيخة أو القبيلة؛ مما جعل اﻷحمر شيخ حاشد يستاء من ذلك فكان اجتماعه مع الشيوخ أبوالشوارب وأبو لحوم، وغيرهم الكثير واتفقوا أن يذهبوا إلى الحمدي ليضع لهم دورًا في الدولة.
إلا أنه نهج نهجًا جديدًا، وهو البعد عن المشايخ وتخلفهم القبلي في نظره في نهضة الدولة.
فحقدوا المشايخ على الحمدي، وبدأوا التخطيط للتخلص منه، وهنا كان دور عفاش عندما استدعاه ولي نعمته عبدالله اﻷحمر، وطلب منه تنفيذ خطة للتخلص من الحمدي وأخيه الذي ينتسبون إلى بلده تسمى كوكبان غرب صنعاء 45 كم.
وهنا تم تنفيذ خطة للتخلص من الحمدي، وأخيه المقدم عبدالله حصل على وعد من المشايخ بترشيح عفاش رئيسًا لليمن وبعد اغتيال الحمدي والإعلان أنه كان وأخيه مع فتاتين فرنسيتين لتشويه سمعته ظلمًا وعدوانًا.

أعلن اليمن حسب الدستور أن يصبح الغشمي نائب الحمدي رئيسًا لليمن، وتمهيدًا للوفاء بالعهد لعفاش ليصبح رئيسًا تم إرسال رسالة ملغومة ومزعومة من سالم ربيع علي رئيس اليمن الجنوبي، والتي انفجرت بالرئيس الغشمي.
وهنا تدخلوا المشايخ شيوخ اليمن الكبار، فنادوا في الضباط الكبار في رئاسة اليمن فرفضوا هذا العرض، وتم ترشيح عفاش من قبل مشايخ اليمن.
وبهذا وصل عفاش إلى الرئاسة، وساندت دول الخليج اليمن ليستقر مما وصل إليه وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي اعتمد الشيخ عبدالله اﻷحمر عليها كثيرًا في الاستقرار السياسي في اليمن بقيادة عفاش الذي يُدين له بالولاء والطاعة منذ الطفولة، وكان عفاش ينفذ كل تعليمات الشيخ عبدالله الأحمر حتى وفاته، ثم اختلف عفاش بعد وفاة الشيخ الأحمر بالبقاء على الولاء ﻷبناء الشيخ عبدالله، ومن هنا قامت الثورة التي ساندها حميد اﻷحمر بقناته سهيل، وأصبح اليمن بتعند عفاش ذاهبًا إلى المجهول، وهذا مايحصل الآن من انتقام عفاش من اليمن كل اليمن، وبالذات مدينة الثقافة والمثقفين تعز والتي أطلقت الشرارة اﻷولى للثورة.

وقد تدخل الملك عبدالله لإنهاء الصراع، وطلب من عفاش التنحي حقنًا للدماء مع تأمين عيش كريم له بعد التنحي.
فاشترط عدة شروط تعجيزية منها ضمان من دول الخليج وجامعة الدول العربية، ثم ارتفع سقف طلاباته إلى ضمان اﻷمم المتحدة كل هذا ولم يطمئن، فطلب ضمانات مجلس اﻷمن وقد أوفى الملك عبدالله بها كلها وأحضر مندوبي دول الخليج والجامعة العربية والأمم المتحدة، ومندوبي مجلس اﻷمن إلى الرياض؛ ليضمن عفاش دخوله وخروجه إلى اليمن أو أي بلد في العالم دون مساءلته ولامساءلة حاشيته من بعده عن أي شيء حصل في عهده في اليمن.
وقد تم وأحضره الملك عبدالله إلى الرياض، ووقّع على التنحي واشترط مجلس الأمن أن يدخل ذلك الاتفاق تحت الفصل السابع؛ ليصبح هادي رئيسًا لمدة عامين، ومن بعد ذلك يتم انتخاب رئيسًا للبلاد.
ولكن للأسف لم يوفِ مجلس اﻷمن بوعده بحفظ استقرار اليمن بموجب الفصل السابع بعد أن قام عفاش بتسليم البلاد والعباد للمجوس من خلال الحوثي انتقامًا من اليمن ودول الخليج التي لم توافق على تنصيب ابنه أحمد رئيسًا لليمن.

عبدالله التنومي

الباحث في أدب التاريخ الإسلامي والإنساني- جدة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button