الغريب أن أول من فاجأ الأمريكيين بالحديث عن تزوير للإنتخابات الأمريكية هو الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وذلك على حسابه على تويتر حيث قال : إن تزويرا كبيرا شاب الانتخابات الرئاسية الأمريكية وأن “ملايين الأشخاص” صوتوا بشكل غير قانوني خلال هذه الانتخابات وذلك في 27 نوفمبر 2016م وفي ذات الوقت ندد بعملية جمع التبرعات لإعادة احتساب الأصوات في ثلاث ولايات أمريكية فاز فيها بفارق طفيف عن كلينتون من بينها ويسكونسن، واعتبر ذلك “عملية احتيال”وقال ترامب في تغريدته “إضافة إلى فوز ساحق في الهيئة الناخبة، فزت أيضا بالتصويت الشعبي إذا حذفتم ملايين الأشخاص الذين صوتوا بشكل غير شرعي” و قال ترامب في سلسلة تغريدات على موقع “تويتر” إن ولايات عدة شهدت تزويرا في الانتخابات ومن تغريداته “تزوير انتخابي خطير في فرجينيا ونيوهامبشير كاليفورنيا؟ لماذا لا تقوم وسائل الإعلام بتغطية ذلك؟ تحيز شديد، مشكلة كبيرة!”.
و في نبرة تهديد واضحة ألمحت مستشارة ترامب، كيليان كونواي إلى أنه في حال أصر فريق كلينتون على إعادة احتساب الأصوات في ويسكونسن، فإن الرئيس المنتخب قد يعيد التفكير في تعهده بعدم ملاحقة هيلاري كلينتون قضائيا لاستخدامها حين كانت وزيرة للخارجية خادما خاصا بدل حساب حكومي آمن في مراسلاتها الإلكترونية ؟!
من ناحية أخرى، ذكر موقع بوليتيكو أن مرشحة حزب الخضر في الانتخابات الرئاسية جيل ستاين قدمت طلبات في بنسلفانيا لإعادة فرز الأصوات. ونقل الموقع عن حملة ستاين أن طلبات إعادة الفرز تشمل أكثر من 100 دائرة انتخابية بالولاية.
وفي 28 نوفمبر 206 رد البيت الأبيض على ترامب قائلاً : إنه لا يوجد دليل يثبت وقوع عمليات تزوير واسعة النطاق في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي جرت في الثامن من نوفمبر الجاري.
صدام حسين الحاضر الغائب
وبعد مرور أكثر من شهر على الانتخابات الأمريكية في 9 ديسمبر 2016قالت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية : “إن تحقيقات أجرتها، خلصت إلى أن روسيا تدخلت في الانتخابات الأمريكية الأخيرة لمساعدة الرئيس المنتخب دونالد ترامب على الفوز بمقعد الرئاسة” و كانت الحكومة الأمريكية اتهمت روسيا رسميا في أكتوبر الماضي، بالوقوف وراء حملة الهجمات الإلكترونية المنظمة التي تعرض لها الحزب الديمقراطي، الذي تنتمي له هيلاري كلينتون، قبل الانتخابات الرئاسية في 8 نوفمبر الماضي.
وحذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما وقتها نظيره الروسي فلاديمير بوتين، من عواقب تلك الهجمات لكن المسئولين الروس نفوا الاتهامات بالتدخل في الانتخابات الأمريكية.
وفي هجوم غير مسبوق على وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ( CIA 9 ديسمبر في أعقاب التقارير التي تفيد بأن روسيا تدخلت في الانتخابات لمساعدة ترامب على الفوز قال فريق ترامب “هؤلاء هم نفس الأشخاص الذين قالوا إن صدام حسين كان لديه أسلحة دمار شامل.” وأضاف فريق ترامب أن “الانتخابات انتهت منذ فترة طويلة بواحدة من أكبر انتصارات المجمع الانتخابي في التاريخ. حان الوقت للمضي قدماً و’جعل أمريكا عظيمة مجدداً‘ ؟! وشدد ترامب مراراً وتكراراً على عدم وجود أدلة تشير إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي كان قد تعهد بتحسين العلاقات بين الدولتين، لعب دوراً في الانتخابات الامريكية.
وقالت عدة مصادر مطلعة على التحقيق في قرصنة روسيا لشبكة CNN إن أجهزة الاستخبارات الأميركية تزداد ثقتها بأن روسيا تدخلت في الانتخابات الاميركية بهدف توجيه النتيجة لصالح ترامب، بدلاً من مجرد محاولة تقويض أو تعطيل العملية السياسية.
و رفض الكرملين الاتهام بأن روسيا كانت وراء قرصنة رسائل إلكترونية لمسئولين في الحزب الديموقراطي الأمريكى، ووصفها بأنها “سخيفة”، وسخر من تكرار الإشارة إلى موسكو في الحملة الانتخابية الرئاسية.
و من جانبه قال البيت الأبيض يوم9 ديسمبر 2016 أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، قد أمر بإجراء مراجعة كاملة حول القرصنة التي تستهدف التأثير على الانتخابات التي شهدتها الولايات المتحدة منذ عام 2008.
يذكر أنه وقبل ثلاثة أيام من بدء مؤتمر الحزب الديموقراطي، نشر موقع ويكيليكس نحو عشرين ألف رسالة إلكترونية، تم الحصول عليها باختراق حسابات سبعة مسؤولين في الحزب الديموقراطي وتم تبادلها بين يناير 2015 ومايو 2016. وتكشف هذه الرسائل حذر هؤلاء المسئولين من الخصم السابق لكلينتون في الانتخابات التمهيدية بيرني ساندرز واستخفافهم به وأثار نشر الرسائل غضب فريق حملة كلينتون الذي شن هجوما مضادا متهما موسكو بالوقوف وراء تسريب الرسائل، من خلال قراصنة يشتبه بارتباطهم بالسلطات الروسية.
يوم 19 ديسمبر .. الصدمة الكبيرة
ووفقا لشبكة “Fox News” التلفزيونية الأمريكية، فإن هناك حملة إلكترونية لجمع التوقيعات لإقناع المندوبين بعدم التصويت لترامب يوم 19 ديسمبر القادم، وهو اليوم الذي يجتمع فيه المندوبون لتسمية الرئيس المنتخب وحسب التقرير، فإن أكثر من ثلاثة ملايين أمريكي شاركوا في تلك الحملة عبر موقع «Change.org» في اتجاههم نحو خطوة غير مسبوقة، قد تقوض نظام المجمع الانتخابي نفسه إن حدثت ويفرض القانون الأمريكي على المندوب الذي يفعل ذلك أن يقوم بدفع غرامة مالية، فيما أعلن المؤيديون لكلينتون عن رغبتهم في دفعها.
وتعتمد الحملة على أن هيلاري هي الفائز الحقيقي بانتخابات 8 نوفمبر الرئاسية، فالفرز النهائي لصناديق الاقتراع أوضح أنها حصلت على 47.7% من الأصوات مقابل 47.1 % لترمب، وبالأرقام انتخبها 60 مليونا و470 ألفا من الأميركيين، هم أكثر بنصف مليون تقريبا ممن انتخبوا ترامب وفي إمكان “المجمع الانتخابي” المكون من 538 مندوبا، يمثلون 50 ولاية، ويقرّون انتخاب من يحصل على أصوات 270 منهم، أعطى لترمب 306 ولهيلاري 232 صوتا، فكان هو الفائز دستوريا، وهي الرابحة شعبيا .
والسؤال : هل ينتصر المجمع الانتخابي لإرادة الأغلبية من الشعب الأميركي ؟ أتوقع أن تحدث السابقة الأولى في تاريخ أميركا ويستمع مندوبو المجمع الانتخابي ويعلو صوت العقل والحكمة .
نتمنى أن تتحقق نبوءة رئيس تحرير صحيفة مكة وينتصر الحلم الاميركي على الكابوس الذي يمثله ترامب ولو حدث ستكون سابقة في التاريخ الأميركي .. لكنها بالتأكيد سارة