عبدالحق هقي

عقدة أديبستان!

لُجة الأيقونات

منطق الطير: “إننا لسنا ما نقول.. بل نحن ما نفعل” – جان بول سارتر

ثمة تناقض صارخ بين ما يكتبه ويُعبر عنه عديد الأدباء في عالمنا العربي وبين ما يعتقدونه ابتداءً!!، ومن ثمَّ انعكاس ذلك الاعتقاد على ما يكتبون!!، ويزداد الأمر حدةً وغرابة حين تراهم يتشدقون بالحرية!! حتى تحسب أنهم غدو أحرارًا وقد وُلدت أقلامهم عبيدا!!، ولكن هيهات!!.. فسرعان ما ينكشف زيف إدعائهم أمام أولى مطبات الاستبداد؛ ذلك لا يتعلق بالحرية في مفهومها السياسي وحسب، بل يشمل الحرية في مفاهيمها وتطبيقاتها المختلفة، اجتماعيًا وفكريًا وثقافيًا.
فالكاتب الذي لطالما أصدع رؤوسنا بضرورة التحرر الاجتماعي والتمرد على عباءة التقاليد التي يحلو له تسميتها بـ”البالية” انكشف زيفه بين ابتذال شخصي وانكفاءٍ أُسري!، والكاتبة التي حرضت النساء على الخروج من جلابيب الرجولة والارتماء في أحضان الذكورة باتت كاللص تتوجس من كل كلمة وتخشى عند كل اتصال، وتعيش عزلتها قلقةً لا تفرق بين الرجل والذئب البشري؛ وكلاهما بانت عورته حين كان أبطال قصصهم وروايتهم أشجع في مواجهة الظلم والتسلط والطغيان.
لقد فضحت الشبكات التواصلية والوسائط التفاعلية كثيرٌ من أولئك الذين كانوا يتخذون من دفتي الكُتب والهالة التي وضعوها لأنفسهم بدعوى الكتابة دروعًا يحتمون بها من فطنة القارئ وحدس المتلقي، ليمرروا زيف ادعاءاتهم وتناقض أفكارهم ومُسلماتهم!!، فباتوا منكشفين أمام أنفسهم أولاً، وأمام العامة ثانيًا، يحاولون عبثًا رتق الثقة المفقودة بين الناس والأديب بالمواقف الهلامية والمصطلحات الفخمة، رافضين الأوبة إلى شرف الكتابة والانسجام الذاتي، والاصطفاف إلى قداسة الحرية والكلمة.
إن الحرية ليست فوضى أن تقول ما تشاء، أو تفعل ما تشاء، إذْ هي في البدء التزام قيمي بين الإنسان وذاته، وبين الإنسان ومجتمعه، وبين الإنسان ومحيطه، التزام القيم المنسجمة مع الفطرة والاجتهاد البشري بهدف بلوغ مراد العيش الكريم؛ إن أفق الحرية يتجاوز حديث النحر والخصر!! وتمرد الذات على العادات، وإنما تَسع الحرية كل شجاعة تستلها من براثن الجسد إلى عوالم الفكرة، ومن انكفاء الذات نحو الانفتاح على المجتمع، ومن فقه التطبيل والتبرير لوعي التقويم وشجاعة النقد.
خبر الهدهد: عربيزي!!

عبدالحق الطيب هقي

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. هي مفارقة مزمنة بين التنظير المسهب وبين الممارسة الحقة في الواقع، ، وكأنما الكتابة مجرد تحصيل حاصل، وللاشهار والاستعراض الانشائي المُشبع بهنات الانا المتوارية خلف الزيف.
    تحايا استاذ/ عبد الحق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى