(مكة) – الرياض
أوصى عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ المسلمين بتقوى الله حق تقاته لأن التقوى عدة في الرزايا وعون عند الملمات ، قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون).
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض : إذا لقي المسلم أخاه قال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وفي صلاته يقول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وفي دعاء القنوت اللهم بارك لنا فيما أعطيت ويقول المبارك للزوجين بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير ، اذاً فما هي حقيقة البركة ، البركة هي الثبات والدوام وهي النماء والزيادة فلذلك قال الله تعالى عن كتابه :(وهذا ذكر مبارك أنزلناه) ، والبركة إنما هي من الله سبحانه وتعالى فكل ما يوجد في بيته فهو مبارك ورسوله مبارك وكتابه مبارك والمسجد الحرام مبارك والمسجد الاقصى مبارك ولا يقال تبارك الا لله سبحانه وتعالى لكمال صفاته وأسمائه ، ويقول سبحانه وتعالى :(تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً) , ويقول سبحانه :(تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا).
وتابع فضيلته قائلا : البركة هبة من الله سبحانه وتعالى وإذا بارك الله في العمر أطاله على طاعته وإذا بارك في الصحة حفظها من كل مرض وإذا بارك الله في المال نماه وثمّره وأنفقه في وجوه الخير وإذا بارك الله في أولاده أصلحهم وجعلهم قرة عين لوالديهم وإذا بارك الله في الزوجة قر عينها بزوجها إن نظر إليها سرته وإن غاب عنها حفظته ، والأعمال تكون مباركة إذا عم نفعها وكثر خيرها ، ولا تكون الأعمال الصالحة مباركة حتى تكون صافية خالصةً لله سبحانه وتعالى .
وأضاف : نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بارك الله في وقته وفي عمره فقد كان يبذل حياته كلها في الجهاد في سبيل الله وتعليم الأمة ودعوته إليها مع إن دعوته لاتتجاوز 23 عاما وكذلك خلافة أبي بكر رضي الله عنه فقد كانت خلافته عامرة بالخير الكثير قتال للمرتدين وجمع للقرآن وفتوحات للعديد من البلدان مع إن خلافته لاتزيد عن سنتين وبضعة أشهر.
وقال : البركة في الناس فقد كان يكفيهم القليل من الطعام والبيت الواحد يحوي عدداً من الأسر وطعام الواحد يكفي الاثنين فماذا حصل للناس اليوم ، أضاقت أرزاقهم أم ضاقت نفوسهم أم قصرت أوقاتهم أو هل قصرت هممهم ، لقد تفجر على الناس اليوم من كنوز الأرض ومن الخيرات ما لم تكن معروفة عند من قبلهم ولكن البركة قد محقت ، إن الناس اليوم قد غلب عليهم الشكوى من الفقر مع كثرة الخير فلم يكشفوا الا فقراً وقهراً بشكواهم مع أن الخير موجود ، ولذلك قال عيسى عليه السلام :”إن البركة ليست بالكثرة ولكن الكثرة من البركة” ,وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :// ليست السنة أن لاتنظروا ولكن السنة أن تنظروا ثم تنظروا ولكن لايبارك لكم// , وقد جاء في الذكر الحكيم قول الله تعالى :(ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) , .
وأضاف فضيلته قائلا : أن الذي يتصرف الكون ويتحكم فيه هو الله سبحانه وتعالى لاشيء يحصل إلا بمشيئته وقدرته وإرادته وهو القائل في كتابه العزيز :(يمحق الله الربا ويربي الصدقات) , وهو القائل أيضاً :(إن الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون).
وأردف فضيلة الشيخ عبدالله آل الشيخ يقول : إن الايمان والتقوى سبب للبركة , وأما الذنوب والمعاصي فإنها سبب لمحق البركة ، يقول تعالى :(ضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يكسبون) , ولهذا ذكر الله حينما ذكر عن العلاقات الزوجية ومشاكل الطلاق كان يذكر دائماً التقوى ويذكر بها , قال تعالى :(وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسراً ، أعد الله لهم عذاباً شديداً فاتقوا الله يا أولي الألباب) , وفي الصحيحين عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال لقيت كعب بن عذره فقال : ألا أهديك هدية سمعتها من رسول الله قلت بلى قال:// قلنا يارسول الله كيف نصلي على آلك فقال قولوا اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد// , ففي هذا الحديث وهذا الدعاء طلب البركة للنبي صلى الله عليه وسلم كما كان لإبراهيم وآل ابراهيم بركة ثابتة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى : (وباركنا عليك وعلى إسحاق) , ويقول سبحانه :(رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد).
وأشار فضيلة الشيخ عبدالله آل الشيخ إلى أن الدعاء سلاح المسلم يكون معه في الملمات والشدائد ويكون عنده إذا وقع الظلم ، لقد كان لنا في أنبياء الله أسوة حسنة فنبينا نوح عليه السلام دعا الله سبحانه وتعالى حينما دعا قومه ليلا ونهارا سراً وجهارا فأبوا واستكبروا فقال :(ربنا لاتذر على الأرض من الكافرين ديارا) فأنجاه الله وأصحاب السفينة وأغرق قومه , وكذلك موسى عليه السلام في الآية الكريمة قال تعالى :(ربنا اشدد على قلوبهم فلا يأمنوا حتى يروا العذاب الأليم ,قال لقد أجيبت دعوتكما فأنجاه الله وأغرق فرعون وقومه) , وكذلك دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر ://اللهم إني أسألك نصرك الذي وعدتنا// ، فأعز الله جنده ونصر عبده.
وقال فضيلته : إن الوضع في سوريا جد خطير والوضع في حلب أشد خطورة فقد تكالبت عليهم عصابات المجوس والروس لتدميرهم ولكن الله سبحانه وتعالى يأبى ذلك وسيكون النصر لهم , مؤكدا أهمية الحرص على الدعاء لإخواننا في بلاد الشام والحرص على الدعاء في الصلوات وفي الثلث الأخير من الليل فإن لهم حق عظيم على الجميع ، فإن الذي أصابهم مصيبة عظيمة ينبغي على المسلم أن يستشعر ذلك وأن يحرص على ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ://من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم//.