أشار تقرير لوزارة البترول في مارس 2015م أن حجم النفط الاحتياطي المتبقي في المملكة يقدر بنحو 265 مليار برميل وأن احتياطيات الغاز بلغت 293 تريليون قدم مربع خلال عام 2013 في حين أن كمية احتياطيات الغاز غير المصاحب ارتفعت بأكثر من 5 تريليونات قدم مربع أما إنتاج الغاز للسعودية فبلغ 11.8 مليار قدم مربع في اليوم و بحسبة بسيطة فإن النفط سيتلاشى بعد نحو 72 عاما من المملكة
لذا أعطت رؤية المملكة 2030 الأولوية للطاقة المتجددة باعتبارها واحدة من ركائز التنوع الاقتصادي بعيداً عن النفط ووضعت هدفاً أساسياً لها وهو إنتاج 9.5 جيجاوات من الطاقة المتجددة على أن يتم إنتاج 3.45 جيغاوات أو 4 في المئة من استهلاك الطاقة الإجمالي بحلول عام 2020 بحسب برنامج التحول الوطني 2020ويهدف البرنامج أيضاً إلى توظيف نحو 7.774 عاملاً في قطاعات الطاقة المتجددة والنووية خلال أربع سنوات.
ولتحقيق هذه الأهداف على أرض الواقع تتجه المملكة إلى استثمار ما يتجاوز 400 مليار ريال (106.6 مليار دولار) في الطاقة الشمسية خلال الأعوام المقبلة بهدف تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء المقدّرة بنحو 10 في المائة سنويًا و من المتوقع أن تصل إلى أكثر من الضعف بما يقدر بـ75 غيغاواط في عام 2020 وينتظر أن يوفر التحول باتجاه الطاقة الشمسية 40% من نسبة استهلاكها للطاقة الكهربائية.
وقد أكد «مركز المستقبل للبحوث والدراسات المتقدمة» في تقرير بعنوان «رؤية 2030 ومولد الطاقة الشمسية السعودية» أهمية الإجراءات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية في مجال الطاقة الشمسية في ضوء «رؤية 2030» التي تركز على الطاقة المتجددة و إعطاء مزيد من الاهتمام إلى العملاق غير النفطي وهو الطاقة الشمسية .
المملكة الأولى اهتماماً بالطاقة الشمسية
بدأ الاهتمام بالطاقة الشمسية مبكرا أول عهد الملك خالد حيث عقد المؤتمر الأول للطاقة الشمسية في “جامعة البترول والمعادن” بالظهران، في الفترة من 28 / 10 – 3 / 11 / 1395هـ الموافق 2 – 6 / 11 / 1975م، افتتحه وزير البترول والمعادن آنذاك الشيخ أحمد زكي يماني، وهو يعد المؤتمر الأول من نوعه في حقل الطاقة الشمسية، وكان تحت عنوان: “تكنولوجيا الشمس والنمو الاقتصادي” وفي عهد الملك خالد تم توقيع اتفاقية التعاون بين المملكة ممثلة في المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا بالمملكة، وبين الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في عام 1397هـ / 1977م، (مشروع سوليراس)، وأوكل الإشراف على البرنامج إلى “اللجنة السعودية الأمريكية المشتركة للتعاون الاقتصادي” ورصد للمشروع (100) مليون دولار تمول بالتساوي بين البلدين، بقصد إنشاء نظام للطاقة الشمسية ينتج عنه ألف كيلووات من الكهرباء وبالفعل وقعت المملكة والولايات المتحدة الأمريكية على اتفاقية تطوير واستغلال الطاقة الشمسية في 23 ذو القعدة 1397هـ الموافق 4 نوفمبر 1977م وقد وقعها من الجانب السعودي الشيخ محمد أبا الخيل ، ووقعها من الجانب الأمريكي السيد مايكل بلومنتال وزير الخزانة الأمريكية ، وتبلغ قيمة الاتفاقية مائة مليون دولار ، وتشترك المملكة بدفع 50 % منها .
مؤسسات علمية رائدة
من المعاهد التابعة لمدينة الملك عبدالعزيز العلمية:( معهد بحوث الطاقة، ومعهد بحوث الفلك )، وتم افتتاحهما في عهد الملك خالد و معهد بحوث الطاقة تم إنشاؤه عام 1400هـ / 1980م لتوطين وتطوير تقنيات الطاقة بالمعرفة لمصادرها المختلفة وتحديد معالجة الصعوبات التي تعترض الاستفادة منها، والاقتصاد في استهلاكها، ويتكون المعهد من قسم للقرية الشمسية، وآخر للأبحاث التطبيقية، وقسم للدراسات التحليلية و أنشئ المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا في عام 1397وقام المركز بإبرام اتفاقية تعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في مضمار الطاقة الشمسية. وتم اختيار قريتي الجبيلة والعيينة لإقامة أكبر مشروع كهربائي شمسي في العالم يقوم بتوليد ميجاوات واحد من الكهرباء. ومن المتوقع أن تبدأ المرحلة الأولى من تشغيل المشروع بطاقة إنتاجية قدرها 350 كيلووات في عام 1401 (1981).
مشاريع كانت قائمة
وتعاون المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا مع الولايات المتحدة الأمريكية في مجال الطاقة الشمسية لإقامة أكبر مشروع كهربائي شمسي في العالم، يقوم بتوليد ميجاوات واحد من الكهرباء. كذلك يوجد مشروع للإنتاج الزراعي باستخدام الطاقة الشمسية. وفي مجال التعاون مع الدول الصناعية وقع المركز اتفاقية تعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية لدعم وتطوير تقنية الطاقة الشمسية في مجالات الكهرباء والزراعة والتبريد وتحلية المياه . ويعتبر مشروع القرية الشمسية التي تم بناءها بالعيينة عام 1400هـ / 1980م شمال الرياض باكورة إنتاج الاتفاقية، ففي مطلع العام (12 / 1 / 1404) تم افتتاح حقل المجمع الشمسي بالمملكة، الذي يعتبر أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم، والهدف منه إمداد المناطق النائية التي لا يصلها التيار الكهربائي بمصدر للقوة الكهربائية من الطاقة الشمسية ومن ثم الارتقاء بمستوى المعيشة في الريف. ويقع المشروع بالقرب من قريتي الجبيلة والعيينة (50 كيلومترا من شمال الرياض ) على مساحة قدرها 76180 مترا مربعا، ويتكون من حقل المجمعات الشمسية الذي يعمل على تجميع الطاقة من 160 مجمعا لإنتاج 350 كيلووات تغطي مساحة قدرها 40 ألف متر مربع. ويتوفر بالمشروع أجهزة تعمل للمراقبة والتحكم وتحويل الطاقة، بالإضافة إلى أجهزة لتخزينها في بطاريات حامضية قدرتها 1100 كيلووات / ساعة تكون مصدرا للطاقة الكهربائية أثناء الليل وخلال فترة احتجاب الشمس بسبب الغيوم وفي حالات العواصف الجوية. ويتم تشغيل محطة الطاقة الشمسية ذاتيا بواسطة الحاسب الآلي أو بواسطة التشغيل اليدوي، وتستخدم المحطة كمركز بحث إلى جانب استخدامها كمصدر للكهرباء. هذا وتجدر الإشارة إلى أن الخبرة الوطنية قد أثرت من هذا المشروع، حيث شارك عدد من الشباب السعودي في جميع مراحله بدءا بمرحلة الإعداد وانتهاء بالتشغيل، كما كان يتوفر وقتها برنامج متكامل للتدريب النظري والعملي لإيجاد جيل سعودي ملم بتقنية الطاقة الشمسية. وبالنسبة لاستخدام الطاقة الشمسية في الزراعة هناك مشروع لتوليد الكهرباء وتحلية مياه الري باستخدام الطاقة المذكورة، إضافة إلى تطوير استخدام وبناء البيوت الزراعية المحمية وفقا لأساليب التقنية الحديثة.
و كان يوجد أيضا مشروعان لاستغلال الطاقة الشمسية في مجال التبريد والتسخين، الأول لتجربة واختبار أنظمة تبريد لتكييف مباني ومكاتب ذات مساحات كبيرة، وقد اختيرت مدينة فينكس الأمريكية لإقامة المشروع بها نظرا لتشابه الجو فيها مع المملكة، والمشروع الثاني خاص بإنشاء معامل ومختبرات في الجامعات السعودية بأنظمة للتبريد والتكييف بالطاقة الشمسية لاستخدامها في التجارب وتدريب الطلبة.
أول مشروع لتحلية المياه
عقد الدكتور رضا عبيد رئيس المركز الوطني السعودي للعلوم والتكنولوجيا في ربيع الآخر 1400هـ الموافق فبراير 1980م اجتماعًا مع المسؤولين في الشركات والمؤسسات السعودية والأجنبية العاملة في المملكة، والتي أبدت رغبتها في الاشتراك في تنفيذ مشروع تحلية المياه بالطاقة الشمسية. وصرح الدكتور رضا عبيد بأن هذا المشروع الذي يدخل ضمن اتفاقية التعاون الاقتصادي بين المملكة والولايات المتحدة لدعم وتطوير تكنولوجيا الطاقة الشمسية- ينتظر أن يتراوح إنتاجه ما بين مائة وأربعمائة متر مكعب من الماء العذب يوميًّا بحيث يكون جاهزًا في عام 1982م.وقال : إن هذه الاتفاقية التي تهدف إلى تسهيل نقل التكنولوجيا وتطويرها من خلال تنفيذ المشروعات الرئيسية للطاقة تقضى بتنفيذ مشروع توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في قريتي العيينة والجبيلة، كما تشمل تنفيذ مشروع لتبريد المساكن والمكاتب باستخدام الطاقة الشمسية و مثلت تحلية مياه البحر مجالا آخر لاستغلال الطاقة الشمسية .
و خلال الاجتماع الذي عقد في 13 محرم 1401هـ الموافق 20 نوفمبر 1980م قرر مجلس إدارة الاتفاقية الثنائية بين المملكة والولايات المتحدة في مجال الطاقة الشمسية اختيار خمس شركات أمريكية للقيام بإجراء التصاميم الخاصة بمشروع تحلية المياه بالمملكة عن طريق الطاقة الشمسية وصرح الدكتور رضا عبيد رئيس المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا بأن هذا المشروع هو جزء من المشاريع المشتركة في هذا المجال التي سيتم تنفيذها خلال خمس سنوات لإجراء وتطوير الأبحاث العلمية واستغلال الطاقة الشمسية وملاحقة التقدم التكنولوجي والعمل على نقله بين البلدين.
أكبر مولد و مشروع تسخين في السعودية
بدئ في شهر مارس 1983 في إنشاء المحطة التجريبية الأولى بمدينة ينبع بغرض تحلية مياه البحر الأحمر بالطاقة الشمسية لإنتاج نحو 200 متر مكعب من الماء العذب يوميا، وتوقع أن يبدأ التشغيل التجريبي مع مطلع عام 1985، وتكلف المشروع 18 مليون دولار أمريكي. كما وقعت المملكة اتفاقية مع جمهورية ألمانيا الاتحادية في مجالات استغلال الطاقة الشمسية وبذلك دخلت المملكة عصر الطاقة الشمسية بالإنجاز الرائد الذي تمثل في افتتاح مشروع القرية الشمسية، وتفردت المملكة في هذا المجال الجديد على العالم بتشغيل أكبر مولد للطاقة الشمسية عرفه العالم حتى هذا الوقت وأدخلت نظاما لتوليد “الطاقة الكهروضوئية” بقوة 26 مليون كيلو واط لتزويد أكثر من ثلاثة آلاف قرية بالكهرباء، عبر مشروع “مركز أبحاث القرية الشمسية” في العيينة، على مقربة من مدينة الرياض، واستتبعت ذلك بإنشاء أول مشروع تسخين شمسي هو الأكبر في العالم .
برنامج معهد البحوث بالظهران
أعلن الدكتور عبدالله الدباغ مدير معهد البحوث التابع لجامعة البترول والمعادن بالظهران في 4 ذو الحجة 1401هـ الموافق2 أكتوبر 1981م أن المعهد قد انتهى مؤخرا من عمل دراسة عملية لقياس الأشعة الشمسية في منطقة الظهران وقياس التقلبات الجوية وتأثير ذلك على أشعة الشمس بهدف تطبيق أنظمة الطاقة والاستفادة من ذلك في تنفيذ المنشآت والمشاريع الزراعية بالمنطقة الشرقية مستقبلا. وذكر بأن عددا من علماء المعهد يقومون حاليا باستقصاء النتائج من التجارب المختلفة التي ينظمها المعهد حول بحيرات الملح في المنطقة والاستفادة من السبخات المالحة في إنتاج الطاقة الحرارية اللازمة لتحلية المياه وتبريد المنازل وأوضح الدكتور الدباغ أن نتائج البحوث التجريبية والتحليلية على البحيرات الشمسية ذات الملوحة المتدرجة تفيد بأن الدراسة التي قام بها المعهد من الدراسات الرائدة في العالم في هذا المجال، نظرا لأن تطبيق أنظمة هذه البحيرات يلائم ظروف مدن المنطقة في الاستفادة منها في مجال الطاقة الحرارية.