حلب هذه الأيام تُباد بشكلٍ ممنهج بدعوى الإرهاب, والناظرون بسطحية لهذا الواقع من الشيعة وكذا المتعاطفين مع النظام يعتقدون أن سبب هذه الهجمة الشرسة والبغيضة من قبل بشار وأعوانه ومن تحالف معهم من القوى العظمى أن الأمر كذلك, مع أن الأسباب ليست متعلقة بالإرهاب وإلا فالجميع على المستوى الدولي حكومات ومنظمات تحارب الإرهاب, فالإرهاب يقتل الإنسان ويجب أن يحارب ولكن يفترض قبل الشروع في الحرب تعريف هذا المصطلح وتحريره, لننطلق جميعًا لمحاربة الإرهاب وقد دعت المملكة المجتمع الدولي لعقد مؤتمرات لهذا الشأن, ولكن التخاذل واضح في هذا الاتجاه حتى يظل الأمر فضفاضًا وقائمًا على الرغبات والتوجهات دون النظر إلى أوضاع بعض الدول والهموم الإنسانية.
إن ما يحدث في حلب يقتل الإنسانية على اتساع هذا المفهوم للكلمة, ويدمر الوجود بكل أبعاده، والتعامل بهذه الوحشية لاشك يعمق الخلاف ويوسع دائرة العبث, وهذا الأسلوب الذي يسحق كل شيء حتى الحجر يجعل من دائرة الصرع تزداد عمقًا واتساعًا, وفي كل المحيط العربي, بل يجعل منه ناقمًا على الوجود برمته وبالتالي يصنع حالات للإرهاب تستجدُّ تبعًا لحالات العنف والقسر, فلو كانت حرب الإرهاب مقتصرة على سوريا لما انتقل من العراق ولما حاول هذا الإرهاب الدخول إلى الخليج عنوة في فترات معينة وبطرائق مختلفة من خلال عبثية إيران وزعزعتها للأمن والسلم في المنطقة.
ولولا “عاصفة الحزم” التي قلمت مخالبها بعد أن سعت إلى إدخال منطقة الخليج في حروب مدمرة, وفي مواجهة شعبٍ واحد بعضه بعضًا وذلك من خلال نفث سمومها في الأقليات الشيعية وبث روح الكراهية بطائفية مقيتة, يصنفها القانون الدولي بالإرهاب. فالدول الخليجية لم ترضَ المواجهة بين البروتستانت والكاثوليك ولا بين السود والبيض, وأن التحريض في هذا الاتجاه يصب في بوتقة الطائفية وهو شكل من أشكال الإرهاب, فلماذا الغرب والدول العظمى على وجه التحديد مطبقة في الصمت؛ لأن النار تكوي غيرها, وهذا ما يجعل كل المجتمعات في العالم تنظر لهم بعين السخط.
أقول: لو تأملنا قليلًا والدعوة هنا للشيعة في الوطن العربي ومؤازري النظام لاسيما بعد تداول بعض الآراء التي ظهرت في برامج التواصل الاجتماعي كتويتر وغيرها والتي تلوّح بمفاهيم النصر العمياء وإن كانوا قلة, ولكن لا نريد أن يبقوا على ظلمهم لأن هذا الظلم متعدٍ إلى ملايين السوريين من إخوانهم ولم يقتصر على أنفسهم فحسب, وإلا الجهل منتفٍ, ففي مثل هذه الحالات ليس هناك جاهل مع كل هذا الزخم من الإعلام بمعارفه ومعلوماته وسياقاته المتعددة, وأمام هذا الواقع المرير وهذا الظلم الجائر بحق الشعب السوري عمومًا وحلب على وجه الخصوص يجب أن تتجلى القيم الإنسانية ونوازع الخير بكل الناس, وأن ترتفع أصوات المبادئ والمثل العلياء من منابرها, فوجع سوريا وفواجع أبنائها بات أمرٌ لا يطاق ولا يحتمل, ناهيك عن كارثة حلب التي يندى لها جبين الإنسانية حتى الهاربين من ذلك الجحيم يلاحقونهم، فالموت مصيرُ كل شىءٍ, حصارًا ودمارًا وصدقت تأوهات شاعرنا المكلوم صالح الزهراني عندما قال :
فصُبَّ جحيمك الواري
على من حاولوا هربًا
ولا تترك لنا (حورانَ)
دمّر فوقنا (حلبًا)
وأعلنها دمًا, وحصارًا
إنني أجزم أن للخروج من هذا المأزق ألف مخرج ومخرج, وذلك حين نبتعدُ عن قوى الشر وظلام الطائفية التي تغذيها إيران وبعض أذنابها في المنطقة. وكل ذلك من أجل شخص واحد على حساب الأمة والوطن, الأمر الذي سيساعد على اكتشاف المساحة المشتركة بين أبناء الشعب السوري, ويدرك ترابطه العميق ويعمل الجميع لبناء سوريا الحضارة والإنسان. فهل سيستمر هذا الجحيم الذي لا يبقي ولا يذر, سؤال سيجيب عنه ضمير الإنسانية متى ما أستيقظ.
عوضة بن علي الدوسي
ماجستير في الأدب والنقد
العلة ياصديقي تكمن في تخاذل الدول العربية التي لاتزال تؤوي سفراء ايران المجوسية بين ظهرانيها مع علمهم ان كل المجازر على الارض والاعدامات هي من فعل مليشياتها والمرتزقة الذين جمعتهم من كل الاقطار العربية والاعجمية ! ثم اين التنديد بجرائم روسيا ؟؟ لقد بقيت المملكة في هذه الممعة مثل السيف فردا وقد خذلها للاسف معظم العرب ومعظم الفصائل السورية التي حاولت المملكة جمعها وتوحيد جهودها ولكن الايدي الخفية مجازا افشلت هذه المهمة !! لاتسقني بالذل شهدا صافيا….بل فاسقني بالعز كاس الحنظل!! معظم الدول العربية لا تريد قطع علاقتها بايران لان هناك مصالح اقتصادية ..رضوا بلقمة مغموسة بالذل على ان ينتصروا لاخوتهم في حلب وغيرها.. القضية ياصديقي انه لم يوجد هناك (معتصم) في زمننا هذا !!
مقال رائع كعادتك استاذ عوضه الدوسي …لقد تمكن أعداء الأمة من تشتيتها والأستفراد بتلك الدول تحت مسمع ومرأى من دول العالم التي تدعي أنها تحمي حقوق الإنسان لكن ليس بالإنسان العربي كما يعتقد البعض بل الإنسان الذي عرفوه هم وحينما يتعلق الزمر بالإسلام السني فقد سلط الأعداء عليه الصفوية في إيران لتلعب على الوتر الروسي ومن خلفها أمريكا لإبادة وتهجير العرب السنة في العراق وسوريا ليحل محلهم صفويو القرن الثاني والعشرون .