جميل جداً أن تستنهض الوزارات جهودها للمشاركة في رؤية 2030 ومن بينها وزارة التعليم حيث يُعد التعليم أحد المرتكزات في تنمية أي مجتمع من مجتمعات الدنيا، وقد استعرض الدكتور على الألمعي مدير عام التخطيط والسياسات بوزارة التعليم قُبيل أسابيع دور الجهات التعليمية في تحقيق رؤية المملكة 2030 وسط حضور رجالي ونسائي بقاعة الأمير فيصل بن محمد ،بتنظيم متميز من مركز الأمير مشاري للجودة وتحسين الأداء، وتمنيت أن هذا الطرح قد جاء في وقت سابق إذ أن الوقت الراهن بحاجة إلى الأعمال التي يفترض أن قامت بها الوزارة فعليا لتتساوق مع هذه الرؤية، ولمّا كان الدكتور الألمعي استعرض الخطة التفصيلية للوزارة والتحديات التي تواجهها وأبرز الطرق لتحقيق الرؤية، إلا أنني كأحد الحاضرين والمشاركين في التعليق وجدت أن وزارة التعليم تأخرت كثيرا في جوانب كثيرة أذكر بعضا منها أولا: البيئة التعليمية التي ما زالت عاجزة في تحقيق تعليم ناجز، حيث أن الكثير من طلابنا وطالباتنا يدرسون في مبان مستأجرة ذات فصول ضيقة بيد أنه لا تتوفر بها الاحتياجات التعليمية من غرف للوسائل التعليمية والمكتبات و الملاعب والمسارح فلم الوزارة لم تبادر في حل هذه الاشكالية من وقت سابق؟ سيما وأن المسؤولين وعدوا بأن المبان المستأجرة ستكون من حكايات الماضي.
ومع الأسف الشديد ما زالت كعتبات تحد من طموحاتنا لمستقبل تعليمي واعد، الجانب الأخر ما يتحدث به الكثيرون عن ضعف مخرجات التعليم بدلالة الاخفاقات المستمرة لدى طلابنا سواء في المسابقات المحلية أم الدولية عدا حالات استثنائية ترجع لجهود فردية واجتهادات أسرية، نلحظ أن الوزارة تركز في اهتمامها على المخرجات من خلال الاختبارات المرهقة والمتنوعة وعديمة الجدوى، فيما لا تجد المدخلات ذات الاهتمام والتركيز خصوصا وهي العتبة الاولى والخطوة الأهم في هذا الخصوص ومما نشاهده ونسمعه عن الكثير من النتائج المخيبة في المسابقات المحلية والدولية، تنبثق مجموعة من الاسئلة الحادة ومن بينها إلى أي مدى حققت المناهج الحالية لتعليم متقدم وناجز؟ وهل المعلم استطاع أن يتجاوز هذه الاشكالية؟ أم أنه يحتاج إلى كثير من الدورات التدريبية العالية؟ التي تؤهله لأن يكون محاورا حذقا ميسرا ومسهلا ومحفزا لا مسيطرا على تلابيب الفصل وعقول الطلاب ظنا منه أنه المرجع الوحيد في العملية التعليمية, في الوقت الذي أصبحت منافذ التعليم متنوعة وسريعة وجاذبة بوجود وسائل الاتصال والتواصل السريعة وهنا يمكن للمعلم أن يؤدي دوره الحقيقي في تنمية مهارات الطالب الفعلية وتحفيزه للتفكير بتقديم مشكلات تعليمية ليشارك الطلاب في شكل مجموعات تعليمية بإيجاد الحلول بحسب قدراتهم.
وإذا جئنا إلى أداء بعض معلمي المدارس لوجدنا مجمل طرائق التدريس تنضوي تحت أغلال حبس قدرات الطالب في جانب واحد وهو الحفظ, فيما القدرات الأخرى معطلة تماما لذا لا مناص من النتائج المخيبة في ظل هذه الطرائق والأساليب التي تركز على التلقين، وحتى نتجاوز الكثير من الإشكالات على وزارة التعليم أن تركز أولا: في المدخلات من خلال المناهج التي تسهم في تنمية التفكير الايجابي وتطوير مهارات وقدرات المعلم باعتباره محور العملية التعليمة وركيزتها الأساسية فضلا عن إفساح المجال أمام الطالب بالمشاركة الفعلية مع تحفيزه المستمر ليكون ايجابيا ومتفاعلا في الفصل وخارجه مع تكثيف الاهتمام بورش العمل وعرض المشكلات وطرح الاسئلة التي تفضي إلى فضاء واسع دون التقيد بعبارة محفوظة.
هنا يحتاج الطالب افساح المجال إلى كل ذكاءاته المتعددة لا أن يختزن إمكاناته في ملكة كئيبة هي “الحفظ” ليصبح مسجلا يُقدّم المعلومة في ورقة الاختبار دون توسيع مداركة وإعمال عقله وهذه الاشكالية التي جعلت طلابنا في ذيل القائمة في كثير من المسابقات الدولية.
وإذا بقيت الوزارة بسيرها السلحفائي فهذا يعني أننا سنركن في مكان قصي عمّا يحدث في الساحات العالمية من سباق جاد وتحديات مذهلة، يكون الوصول إليها حلم بعيد .
جمعان الكرت