ولسوف يعطيك ربك

يحكى بأن مجموعة من التجار أبحروا يوماً رحلةً طويلة ًوشاقة محملين سفينتهم كل ما يملكون من بضائعهم الثمينة، كان الجميع يفكر في الربح المنتظر ، والعيش الرغيد.

شاء الله أن تهب عليهم رياحٌ قوية، اصطدمت السفينة بالامواج المتلاطمة ، انكسرت الأشرعة ، وغرقت السفينة ، وبأعجوبة تمكن بعض التجار من النجاة بالسباحة إلى ساحل جزيرةٍ قريب.

كانت الخيبة تملؤهم ، الخوف من المجهول يحاصرهم ، خسارة بعض رفاقهم ، بضائعهم الثمينة ، الربح المنتظر ، كل آمالهم العريضة تبددت.

حاول الناجون البحث عن طعام لهم وخشب يحتطبون به قبل المغيب ، وفي أثناء البحث تعجب بعضهم من خشب تلك الجزيرة حيث كانت جذوع الشجر باللون البني الغامق تتموج فيه خطوط سوداء ، ولأنهم في عجلة من أمرهم لم يكترثوا لذلك فهم يريدون جمع الحطب قبل غروب الشمس.

حينما حل المساء تمكنوا من إشعال الحطب ليتفاجئوا برائحة طيبة ، زكية ملأت الأجواء ، رسمت على وجوههم الابتسامة رغم العناء.
خطرت في بال أحدهم فكرة ، ماذا لو قمنا بحمل بعض من الجذوع وبيعها كنوع من أنواع العطور ؟!

خلال أيامٍ قليلة تمكنوا من بناء سفينة صغيرة من حطام سفينتهم القديمة ، والعودة لديارهم .
يقال أن هذه الرواية كانت بداية اكتشاف شجر “العود ” في الهند.

لقد كان العود على رأس البضائع الثمينة ذلك الزمان ،و سعره ينافس الذهب والبترول هذه الأيام ، ولم يكن يشتريه لغلاء ثمنه إلا الأثرياء والملوك .

لم يدر بخلد أولئك التجار أن خسارتهم لكل مايملكون ، كانت سبباً في ثرائهم بعد ذلك.

كل ما حل بقلبك اليأس ، وألٓمّ بك الضيق ، ضع في ذهنك أن انقطاع الخير عنك هو تهيئة لسيل من النعم ، أنت لا تعلم في أي طريق يكون الخير ، فقط ثق بربك ، إن لله في أقداره فرح ٌ يُخبئه، فلا تعتقد أن غير الله حاميك ، يقول الدكتور مصطفى محمود : “لأنَّ الله موجود فإنّكَ لست وحدك ؛ وإنّما تحفُّ بك العناية حيث سرت ؛ وتحرسك المشيئة حيث حللت ؛ وذلك معناه شعور مستمر بالاستئناس والصحبة والأمان .
لا هجر ؛ ولا غدر ؛ ولا ضياع ؛ ولا وحده ؛ ولا وحشة ؛ ولا اكتئاب “.

بلسم عبدالرحمن الحازمي