عبدالحق هقي

عربيزي!!

منطق الطير: “ما ذلّت لغة شعبٍ إلاّ ذلّ ، ولا انحطّت إلاّ كان أمره في ذهابٍ وإدبارٍ” – مصطفى صادق الرافعي

          انحسار ظاهرة “العربيزي” على مستوى الشبكة العنكبوتية “إنترنت” وغرف الدردشة والمحادثة، والفضاءات التواصلية والشبكات الاجتماعية، يبقى انحسارًا من حيث الشكل، لا يعود الفضل فيه للجهود التي بذلت في السنوات القليلة الأخيرة في عالمنا العربي -رسميًا وشعبيًا / قُطريًا وعربيًا – للتصدي إلى هذه الظاهرة بوصفها تشكل خطرًا على اللغة العربية ومن ثمَّ اختراقًا خطيرًا للهُوية؛ وإنما  العجيب أن كل الفضل يعود إلى “حَركِية التعريب” التي تبنتها وقادتها شركات تصنيع الأجهزة الذكية ومزودي الخدمة (غير العربية) !!.         

          بدت الجهود المؤسسية والفردية التي بُذلت في التصدي للتشوهات التي أحدثها الجيل الأول للانترنت في العالم العربي -على مستوى اللغة أو غيرها- والتي انعكست فيما بعد على السلوك العام لدى المتفاعلين اللاحقين، جهودًا ارتجاليةً سطحية، تفتقد إلى العمق ودقة التشخيص، وإلى الاستراتيجيات والخطط، مجرد محاولات تهتم بالشكل وتتغافل عن المضمون، تحوم حول القشور ولا تجرؤ على الغوص في اللب، تطبعها كثير من الانفعالية ويميزها الجهل؛ والأخطر من ذلك كله عجزها عن صناعة الفعل واكتفائها بـ (ردة الفعل)!!.      

          إن العجز العُروبِي في التصدي لظاهرة “العربيزي”؛ سبقه العجز المتأصل المتوارث في حل إشكالات الهجانة اللغوية، ومحاولات إحلال اللغات الأجنبية في جل أقطارنا، والرضوخ المستسلم تجاه غزو العامية لأروقة المدارس وأفنية الدوائر وأقبية الإعلام!!؛ ومن المنظور الشمولي فإننا وقفنا عاجزين أمام أبرز التحديات التي تواجه هُويتنا ووجودنا، واكتفينا باللطميات والبكائيات  “المناسباتية” وما يقابلها من مناسبات إحتفائية ونشاطات كرنفالية!! لا يمكنها بحال من الأحوال أن تكون الترياق الشاف!!.          

          ما يمكن تأكيده في هذا المقام هو أنه ليس بمقدورنا الثبات والحفاظ على وجودنا، فضلاً عن كينونتنا الحضارية ومن ثمَّ لغتنا في خضم هذه الصيرورة التاريخية العابثة بالمبادئ والمسلمات، المتجاوزة للكينونة والخصوصيات، باللجوء إلى الخيارات السهلة والاكتفاء بالانغلاق على الذات والتقوقع حولها، أو بمحاولات الإنعاش من أجل الحفاظ على “عيشها”، وإنما بحركة جريئة نحو إحيائها؛ ولن يتأتى ذلك دون تفاعل جاد وواعٍ يتسم بالإثراء والإبداع  مع منظومات الراهن المتشكلة وقيم العالمية.        

خبر الهدهد: مكة الالكترونية..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى