المقالات

تزلف للحكومة!

ابتلينا في وسطنا الإعلامي وخاصرتنا المهنية بشواذ تسلقت على كل مفاهيم الإعلام خلال السنوات العشر المنصرمة، .. اكتشفنا زيف أولئك (المهرطقين) على ظهر المهنة وخرجت أصواتهم (تقرقع) بلا مفهومية، وكلما أقرت الحكومة شيئا خرجت الطبول تقرع والدفوف تزف بلا وعي أو إدراك.
أحصيت في اليومين المنصرمين عددا كبيرا من الكتاب والمحللين المجانبين لكل ما هو مطلوب قوله، ولأن النقد جزء من الوطنية، فمن العيب أن نتزلف لمسؤول أو نطبل لآخر لأن المسؤول بحاجة إلى تنبيه عن الخطأ إن وجد أكثر من أن نصفق له تملقا ورياء، والإعلامي المحترم لا يقبل على نفسه أن يكون أداة لا تعمل إلا بالدفع أو التهويش.
إعلامنا البائس حاليا يفتقر لكثير من الطرح الجيد بفقده لرموز مهنية همشت تماما من أي مشاركة ..ولست هنا أرمز لطرف عن آخر، ولكن هالني جدا تلك الفجوة بين المسؤول والإعلام في الطرح والرؤية الثاقبة.

نحتاج اليوم أن نقيّم مسار إعلامنا بعد التجديد لنصنع رجال إعلام على قدر كبير من الوضوح لأجل هذا الوطن ولا نريد إعلاميين يذهبون ويعودون بخفي حنين تحركهم أدوات الصياغة المهلهلة وتجترهم تحركات المسؤول للذهاب في معيته من أجل الشرهة.
قبيل أمس خرجت ميزانية الحكومة، أرجو أن يفرق أولئك (المخابيل) بين عمل الحكومة وبين أساس الدولة لأن الأخيرة هي كياننا الذي نعتز به ونقدم له الولاء والطاعة وله في ذمتنا بيعة، أما الحكومة فهي ثلة من وزراء وضعوا لخدمة الوطن والمواطنين ومن حقنا أن نكشف كل تفاصيل أخطائهم وننقد أعمالهم التي قد تؤثر سلبا على مجريات حياة المواطن، وهم تحت مظلة القانون وليس فوقه وإن كانت لهم الحصانة، كانت كل الأقلام تكيل المديح لأخطاء الحكومة في الصرف والمشاريع و و و “خذوا من هذه الواو حتى تستكين مواجع أقفاصكم الصدرية”، ولم يمتلك أحد شجاعة القول لماذا وصلنا إلى هذا الحد من التقشف؟ هل من المسؤولين أم من القيادة أم من أنفسنا؟.

نحن أيضا كمواطنين جزء من المشكلة المالية الصعبة التي (سنتمردغ) في رؤيتها أربعة أعوام مقبلة، فقدنا مقومات كثيرة أهمها التجرد من حب الذات لأجل الوطن فسرق البعض منا باسم المنصب، حتى إن بعض مشاريعنا كان يستعيب المسؤول أن تكون بالملايين لأن المليارات موجودة!
جاء الحزم فنقمنا وسخطنا، لكننا نلوم أنفسنا أولا وعاشرا وأخيرا، لكن أن نحمل الآخرين أخطاءنا ونجعلهم الشماعة التي نعلق عليها آمال سد عجزنا فهذا لعمري تفريغ للبلد من مقومات العمل،. إذ لن تبقى العمالة لنستنزف قوت يومها باسم الضريبة ولسنا أرض اللبن والعسل ليبقى ويتحمل كل ذلك وسنخسر وجود قوة شرائية مهمة ومحركة للسوق، وفي ذات الصدد.

لا يمنع أن نفرض ضريبة على التحويلات لأنها تفقد الحكومة عملة صعبة، لكن أن ترغم المقيم على الدفع عن أسرته للبقاء فهذا سيقلب الكثير من الموازين في سوق العمل وسيتجرعها المواطن الذي سيجد كل شيء مرتفع .. ولعمري هذا خطأ كبير لا يعرف مداه إلا من تعايش مع سنوات الأزمات الماضية ، وللأسف لم يفهم جل إعلاميينا رسالة الملك سلمان إبان توليه مقاليد الحكم ولم يشرع أي أحد في تفنيد معانيها حين قال: “أبوابنا مشرعة للجميع ونقبل الرأي والمشورة والنقد”، وكانت معايير التفنيد خلال وصف بعض القرارات الوزارية لدى الإعلام أقل بكثير من المتوقع.

اليوم ظهرت ميزانية المملكة وظهر معها بعض الحنق من العامة، وهذا أمر طبيعي جدا لأن طبيعة البشر لا تقبل الحزم في الأمور، خاصة بعد رخاء.
نحن بحاجة إلى إعلام متوازن يوضح الأمور والحقائق بشكل مبسط ولا يضع تحت كل معيار أيقونة الخوف والرهبة.
لست هنا أدلل على أخطاء الغالبية التي شرعت أقلامها للرد والدفاع فحسب، بل أتساءل وغيري أين نحن من فرز وتمحيص كل صورة قرار بين المسؤول والمواطن؟ وكفى…
عبدالله الشريف

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. لكل قرار إيجابياته وسلبياته وأذهب إلى ما تطرق إليه الكاتب من أنه يجب على الإعلام والإعلاميين بوجه الخصوص أن يكون هناك توازن بالطرح لتتضح الصورة للجميع .. الله يكتب لنا إللي فيه الخير.

  2. بارك الله فيك وفيما خطه قلمك لو وعي البعض وكانت المصلحه العامه من اولوباته لما طبل وزمر ولكن للاسف الانتهازية والتملق مايسعوا اليه
    نسال الله ان يديم علينا نعمة الامن والامان

  3. تريد ان تقول اكثر مما قلت ولكن هناك اشياء وأشياء تمنعك وكل مافي مقالك هذا نقد لفرض ضريبة على ا سر العمال فقط ارجو ان تكون حرا وجريئا

  4. مقال موفق حقيقة ولكن لن تستطيع تقليل الفئة التي أستعمرت البلد مثل الشرفية وجعلتها كيرلا سوى بهذه الطريقة فقط !! ياعزيزي اليوم تتحتدث عن ١٠ مليون مقيم يحلبون البقرة ولا يريدون اطعامها مجازا !! مقابل ٢ مليون مواطن ومواطنة عاطلة وعاطل !! ان صحت الأرقام !! كل تصحيح له ضريبة ونحن اليوم سنرى الفارق في ٢٠٢٠ قريبا بحول الله .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى