(مكة) – الرياض
أكد المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية أن الإيرادات النفطية للدولة عبارة عن محصلة تشمل أنواعا متعددة من النفوط متفاوتة الأسعار، ويستبعد منها الاستهلاك المحلي، كما يخصم منها التكاليف التشغيلية لشركة أرامكو السعودية والإنفاق الرأسمالي، مشيرا إلى أن التقديرات التي تتحدث عن 700 مليار ريال إيرادات نفطية هي «حسبة سطحية» وغير صحيحة، فمثلا قيمة الدعم على الطاقة محليا تقارب 270 مليارا سنويا.
وأكد الفالح في حوار مع “الاقتصادية”، أن إصلاحات الأسعار في بداية العام نجحت في خفض الاستهلاك المحلي في قطاع النقل بنسبة 3 في المائة، مقابل متوسط نسبة نمو يقارب 6.5 في المائة في السنوات الخمس الماضية، مشددا على أن برنامج إصلاح أسعار الطاقة سيضمن إعادة توجيه الدعم للفئات المستحقة، كما أن إصلاحات الأسعار هدفها التشجيع على اتباع سلوكيات واعية وفعالة لترشيد استهلاك الطاقة.
وقال وزير الطاقة: «بعد إعادة هيكلة الأسعار لم يسجل الحمل الذروي لقطاع الكهرباء نموا سنويا لعام 2016، وهي سابقة لم تحدث منذ إنشاء الشركة السعودية للكهرباء».
وأشار إلى أن إعادة هيكلة أسعار الطاقة ستسهم في نمو إيرادات الدولة ودفع عجلة التنمية الاقتصادية. قائلا: تظل أسعار الطاقة في المملكة اليوم من بين أقل الأسعار إقليميا وعالميا بفضل الدعم الحكومي، رغم الزيادة الأخيرة في عام 2016، ويعتبر تحرير أسعار الطاقة والكهرباء من بين البنود الرئيسة لتنفيذ التوجيهات السامية التي أعلن عنها ضمن ميزانية 1437/ 1438هـ لإجراء إصلاحيات اقتصادية ومالية وهيكلية شاملة والعمل على تقوية وضع المالية العامة، ومن ضمنها مراجعة وتقييم الدعم الحكومي، ويشمل ذلك تعديل منظومة دعم المنتجات البترولية والمياه والكهرباء.
وتنطوي عملية إعادة هيكلة الأسعار على عدة أهداف، أهمها:
تمكن الهيكلة الجديدة من إعادة توجيه الدعم للمستحقين. ففي ظل الوضع الحالي، يذهب معظم الدعم إلى الشرائح السكانية الأقل استحقاقا للدعم.
زيادة وعي المشتركين تجاه الاستخدام الأمثل للطاقة الكهربائية، وتأثير البرامج التوعوية الجاري تنفيذها فيما مضى وحاليا للتعريف بالاستخدام الأمثل للطاقة، سواء من قبل المركز السعودي لكفاءة الطاقة، أو الشركة السعودية للكهرباء، كذلك فإن الآثار الخاصة بالإلزام باستخدام العزل الحراري داخل المباني بدأت تظهر نتائجها في الوقت الراهن.
أيضا فإن حرص المشترك على استخدام الأجهزة ذات الكفاءة الأعلى خاصة أجهزة التكييف والأنوار الموفرة، أسهم في إدارة استهلاكه بشكل أفضل.
وقد أظهرت تقديرات نهاية هذا العام، أن الحمل الذروي لقطاع الكهرباء لم ينمُ لأول مرة منذ إنشاء شركة الكهرباء، كما أن نمو استهلاك قطاع النقل من الطاقة قد انكمش بمقدار – 3 في المائة عام 2016 مقابل متوسط نمو 6.5 في المائة في السنوات الخمس الماضية، وهذه بدوره أسهم في تراجع نمو استهلاك الطاقة بأنواعها كافة لهذا العام إلى 0.5 في المائة مقابل 4.5 في المائة كمتوسط للسنوات الخمس الماضية عقب إعادة هيكلة أسعار الطاقة.
ستسهم إعادة هيكلة الأسعار في نمو إيرادات الدولة، ما سيساعد على تحقيق التوازن المالي، وبالتالي إتاحة المزيد من الموارد لدفع عجلة التنمية الاقتصادية في المملكة.
ونوه الفالح إلى أن المملكة لا تهدف إلى تصدير المعادن الخام كما تفعل بعض الدول، مشيرا إلى أن طموح المملكة هو تطوير الثروة المعدنية عن طريق إدخالها في سلسلة تصنيع ذات قيمة مضافة.
وأكد وزير الطاقة أن المملكة تملك المقومات الأساسية اللازمة لتحقيق الهدف المرحلي الرامي إلى إنتاج 9.5 جيجاواط من الكهرباء بحلول عام 2023 من مصادر متجددة.
وفيما يتعلق بشركة «أرامكو» السعودية أوضح الفالح، أن العمل جار الآن لتقييم طرح نسبة 5 في المائة فقط من إجمالي أسهم «أرامكو السعودية»، وهناك توقعات بخصخصة صناعات وقطاعات أخرى مستقبلا مثل قطاع توليد الكهرباء، مشيرا إلى أن القوائم المالية للشركة ستعلن وفق المأمول في 2017.
وفي الشأن الدولي قال وزير الطاقة إن الاتفاق الذي تم أخيرا بين الدول المنتجة من داخل «أوبك» ومن خارجها، سيسهم في الوصول إلى أسعار مناسبة للنفط.
وذكر الفالح أن «رؤية المملكة 2030» حددت ملامح التغيير الطموح للوضع الاقتصادي للدولة، وكان هدف تحقيق التوازن المالي للميزانية أحد البرامج المهمة لتحقيق الرؤية. ويهدف برنامج التوازن المالي إلى ترشيد الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي وتعزيز الإيرادات النفطية وغير النفطية إضافة إلى برنامج إصلاح منظومة أسعار الطاقة بهدف الوصول إلى تحقيق ميزانية متوازنة في عام 2020. كل المؤشرات إيجابية، فالمصروفات المقدرة لعام 2017 تفوق مصروفات هذا العام بنسبة 7.88 في المائة، ما يعني أنها ميزانية نماء، كما أن العجز سينخفض – بإذن الله – بنسبة 33 في المائة من 297 مليار في العام الحالي (2016) إلى 198 مليار في العام القادم (2017)، كما من المتوقع أن تزيد الإيرادات غير النفطية، ما سيدفع عجلة التنمية الاقتصادية إلى الأمام – بإذن الله.
يقول البعض إنه في حال استمرت أسعار البترول عند مستوى 55 دولارا للبرميل وانخفض إنتاج المملكة إلى معدل 10.1 مليون برميل في اليوم، فسيبلغ دخل المملكة من البترول نحو 760 مليار ريال.. هذا المبلغ يفوق تقديرات ميزانية 2017 التي تبلغ 480 مليار ريال.. كيف تعلق؟
هذه الحسبة سطحية جدا، وتحتاج إلى مزيد من الإيضاح، حيث إنها تغفل عناصر مهمة يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند احتساب دخل الدولة من بيع النفط، بما في ذلك:
أولا: السعر المشار إليه في السؤال يمثل سعر مزيج برنت كمرجع عالمي لأسعار البترول، وهو لا يمثل على الإطلاق الأسعار التي يتم بها تسويق أنواع البترول السعودي التي تختلف عنه في المواصفات الفنية، حيث إن المملكة تسوق خمسة أنواع من النفط منها الخفيف والثقيل والمتوسط، وهي ذات كثافة أعلى ونسبة كبريت أكثر من نفط برنت، وعلى سبيل المثال فمعدل سعر برنت فاق سعر سلة أوبك بما يزيد على أربعة دولارات للبرميل في سنة 2016.
ثانيا: المعدل الإنتاجي المشار إليه ينقسم إلى قسمين:
قسم يصدر خارج المملكة ويباع بأسعار التصدير السوقية.
قسم آخر يباع بأسعار محلية خاضعة للدعم. علما بأن قيمة الدعم على الطاقة تقارب 270 مليارا سنويا.
وقد بلغت معدلات الصادرات للنفط الخام 7.1 مليار برميل يوميا في 2015 من مجموع إنتاج كلي بلغ 10.2 مليار برميل يوميا تقريبا.
ثالثا: أغفلت الحسبة الإنفاق الرأسمالي والتكاليف التشغيلية لشركة أرامكو السعودية، التي يجب ألا ننسى أنها أكبر شركة منتجة ومصدرة للطاقة في العالم؛ ولذا فإن تقدير الإيرادات النفطية عبارة عن محصلة تشمل أنواعا متعددة من النفوط متفاوتة الأسعار، ويستبعد منها الاستهلاك المحلي، ويخصم منها الإنفاق الرأسمالي والتكاليف التشغيلية.