المقالات

تحالف الإسلام السني ليس مشروعًا طائفيًا

اتجاه دول الإسلام السني إلى إقمة تحالفات فيما بينها سياسيا وعسكريا واقتصاديا ليست خطوة طائفية، وإنما إجراء وقائي فرضته طبيعة المتغيرات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، في ظل تنامي الخروقات الإيرانية لتهديد أمن دول الجوار عبر دعم الميليشيات الشيعية وبعض المنتمين للأقليات الدينية الذين تخلوا عن انتماءاتهم الوطنية وراحوا يحققون مصالح طهران غير الشرعية ذات الطموحات التوسعية المتنافية مع الأعراف والقوانين الدولية.

دول الإسلام السني كانت ولا تزال تحترم الأقليات الدينية وفق مبدأ المواطنة، ولا تمارس أي نوع من التمييز فيما بين مواطنيها ما داموا جزءا من النسيج الاجتماعي، ويدينون بالولاء للدولة ومؤسساتها الرسمية، أما إن أرادت أي أقلية التمرد والعصيان فإنه من الطبيعي أن يواجهوا حزما وصرامة للحفاظ على أمن الدول واستقرارها، ولو لم تتخذ الدول السنية قرارات حاسمة مع أولئك المفسدين لتحولت دولها إلى ساحات من الفوضى والاقتتال تشابه ما يجري حاليا في سوريا والعراق اللتين عاثتا فيهما الميليشيات فسادا ودمارا، وأوجدتا ذريعة لتشكل التنظيمات الإرهابية بمختلف توجهاتها الفكرية.

الأقليات الدينية عليها أن تؤمن بأن السنة يشكلون معظم المنتمين للدين الإسلامي، وليس من المنطقي أن تفرض الأقليات منطقها ورؤاها على الأكثرية، ما دامت حقوقها الدينية مكفولة ويُسمح لها بممارسة معتقداها دون الإساءة للنظام الاجتماعي والقوانين الأمنية، كما أنه من العار على أي أقلية أن تتحول إلى أداة لتحقيق مصالح دول أخرى تتعارض مع المصلحة الوطنية، فهذه خيانة عظمى تخرجهم من دائرة المواطنين الصالحين إلى دائرة الأعداء المتربصين بأمن الأوطان واستقرارها.

الشواهد تؤكد بأن قوة دول الإسلام السني وهيمنتها على مفاصل المنطقة من شأنهما توفير حماية أكبر للأقليات الدينية كافة، لأن الدول السنية الكبرى لا تمتلك طموحات توسعية أو مشاريع استعمارية تروم نشر الفوضى والتناحر، وإنما هدفها الرئيس حفظ أمن حدودها من الاعتداء، وسلامة مواطنيها في الداخل والخارج من أي تجاوزات تلحق الضرر بهم، وهي بذلك تصبح صمام أمان دولي قادر على إعادة الاستقرار للمنطقة التي تعد من أكثر مناطق العالم سخونة واقتتالا.

المطالب بائتلاف الدول السنية تأتي بوصفها استراتيجية سياسية لردع المشروع الإيراني الآثم، والذي لا يؤمن بمبدأ حسن الجوار، ولا يحترم سيادة الدول على أراضيها، ولا يلتزم بالمواثيق الدولية المجمع عليها، ولا يوفر حصانة كافية للدبلوماسيين والسفراء، ولا يتورع عن دعم الجماعات المتطرفة والأنظمة الفاقدة لشرعيتها، إذ لا يمكن الوثوق في طرف يحمل تاريخا مليئا بالتدخلات السافرة وجرائم الحرب التي راح ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء.

 

ياسر صالح البهيجان

* ماجستير في النقد والنظرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى