احتلت المشاحنات الكلامية بين السلطتين التنفيذية والقضائية في إيران التغطيات الإعلامية بشكل غير مسبوق بين مؤيدي الرئيس الإيراني حسن روحاني من جهة وبين القضاء من جهة أخرى وقد اندلعت الشرارة الأولى بعد الحكم بالإعدام على رجل الأعمال الإيراني ” بابك زنجاني ” بسبب قضايا فساد وأشاع أتباع روحاني أن “زنجاني” كان يجد الدعم من وزراء حكومة الرئيس السابق محمود احمدي نجاد وليس من حكومة روحاني كما يروج البعض ! ولأن كرة اللهب تزداد وطالت أسماء ما كان يتوقع أحد المساس بها طالب آية الله موسوي تبريزي أحد ابرز مراجع الدين من الحكومة عدم الرد على الأكاذيب ؟! و ملف الفساد ليس حديثا فقد سبق أن أكد اسحاق جهانغيري النائب الأول لروحاني في 7 نوفمبر 2016م أن فسادا ممنهجا سيئا قد راج في النظام وانتشر مثل النمل الأبيض في كل أنحاء البلاد ! كما أعلن هاشمي رفسنجاني عن حجم الأصول المنهوبة في عهد احمدي نجاد و ادعى أنها تبلغ 800 مليار دولار. و بدأت فصول التراجيديا حينما طرح الرئيس روحاني في 28 ديسمبر2016 عدة تساؤلات حول مصير ” زنجاني : قائلاً : كيف يمكن مع كل هذه الأجهزة الرقابية في البلاد لشخص بمفرده سرقة هذه المبالغ الطائلة ؟ بمن كان مرتبطا؟ ومن هم الذين ساعدوه؟ ومن هم شركاؤه؟ و طالب روحاني بالكشف عن “المختبئين خلف الستار” في القضية مؤكداً أنه اقترح منذ بداية الملف أن يتم احالة هذا الرجل الى وزارة المخابرات حتى يتم انتزاع المعلومات بشفافية كاملة ثم يتم تمحيص الملف وعندئذ يحال الى القضاء ولكن لأسباب لم يتم العمل بالمقترح ؟! ونزلت التساؤلات كالصاعقة واعتبرت إتهام غير مباشر لحكومة احمدي نجاد و أنها ضالعة في هذه السرقة وطال الإتهام السلطة القضائية المؤتمرة بإرادة خامنئي وأنها أصدرت حكم الاعدام على زنجاني حتى لا يطاح بالعمامات الكبيرة ؟! و ردَّ صادق لاريجاني رئيس السلطة القضائية في 2 يناير2017 و اتهم بشكل غير مباشر روحاني وحكومته بالتعاون مع بابك زنجاني قائلاً: «العديد من ادعاءات بابك زنجاني لم تكشف عنها علنيا بسبب ”حفظ الحرمات“ !! وقال : نحن نتابع هذه القضية منذ ثلاثة أعوام ولكن ليست هناك آذان صاغية من الحكومة ؟! واتهم حكومة روحاني بعدم التعاون مع المحققين التحقيق وقال «اقتفاء أثر الاصول المنهوبة ممكن كشفه بسهولة في البنك المركزي ووزارة الخارجية و على الحكومة أن تقوم بعملها و بمتابعة أين هربت الأصول و إلى أي دولة سلمت ؟ و أضاف لاريجاني : إنَّ بابك زنجاني ادعى في إفادته تقديمه دعما ماليا للحملة الانتخابية للرئيس حسن روحاني ؟! وفي الرابع من يناير اتهم الملا محسني ايجئي الناطق والمساعد الأول للقضاء روحاني بالتستر على الحقائق وكشف عن اعتقال «عناصر كبار وأبناء الذوات وأصحاب مناصب» «كانت عليهم ديون بنسبة 600 مليار و 1000 مليار تومان (أكثر من 150-250 مليون دولار)» مبديا أسفه لأنه لا يستطيع الكشف عن الأسماء وأضاف : «هؤلاء يريدون أن يضغطوا على السلطة القضائية لكي نتخلى عن مكافحة العناصر الكبار» ؟! كما شن مساعد رئيس اللجنة الإقتصادية للبرلمان الإيراني «ناصر موسوي لارغاني» هجوما على روحاني قائلا:« اذا كان روحاني يريد الشفافية فلماذا لا يقوم بالشفافية حول شقيقه «حسين فريدون» مع كل الأحاديث التي ينقلونها بشأنه؟.
من هو زنجاني ؟!
زنجاني والبالغ من العمر من 43 عاما حصل على جائزة من هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي بصفته الرجل الناجح الأول ! و في عام 2013 صدر حكم عليه بالاعدام بتهمة سرقة 2.8 مليار دولار من النفط الذي باعه في سوق التهريب ودافع عن نفسه قائلاً أنه أعاد المبالغ وكانت وزارة الأمن الإيرانية قد كشفت جزء من ثروة ” زنجاني ” وتحفظت على 700 مليون دولار من امواله بالاضافة الى مقتنيات من العملات الصعبة والذهب و 53 شركة تابعة له في الداخل و20 شركة اخرى في الخارج بالإضافة إلى باخرتين لحمل الحاويات واستيراد 500 سيارة من طاجيكستان بقيمة اجمالية تبلغ 15 مليون دولار وكشفت عن اربعة آلاف بطاقة ذكية (للسحب فقط) بمبلغ 4 مليون دولار .
الخوف اليوم في إيران بين أساطين الحكم من أن تكر مسبحة الفساد وتكشف أبعاد النشاط الاقتصادي الخفي للحرس الثوري بعد أن استيقظ المجتمع الإيراني الذي يعاني الأمرين من الفقر المدقع ويرى المليارات تنفق على الميلشيات المسلحة في العراق واليمن وسوريا ثم يتفاجأ بهذه الفضائح و التي تمس رموزا أرادوا لأنفسهم أين يكونوا أصناما يعبدون من دون الله .