(مكة) – متابعة
نشرت الحكومة الاسترالية مؤخرا صورا لأسلحة خفيفة مضادة للدروع ضبطت على متن سفينة تهريب قرب السواحل اليمنية.
وتظهر الصور بأن الأسلحة قد تم تصنيعها في إيران، كما تشير كذلك إلى أن طهران قد كان لها يد في عملية تهريب السلاح في أعالي البحار إلى القرن الأفريقي وشبه الجزيرة العربية.
تظهر الأسلحة، ومن بينها مجموعة مختارة مما لا يقل عن تسع قاذفات قنابل صاروخية، بأنها كانت جزءا من آلاف القطع من الأسلحة التي استولت عليها سفينة حربية أسترالية تدعى الداروين في شهر فبراير من العام الماضي ٢٠١٦ من على متن قارب إيراني كان يبحر تحت اسم سامر.
تم الحصول على الصور الفوتوغرافية للأسلحة، وهي عينة من كمية أكبر بكثير من الأسلحة، عن طريق موقع “مسح الأسلحة الصغيرة”، وهو مركز بحوث دولي ومقره جنيف، بعد خلاف طويل بسجلات مفتوحة مع الجيش الاسترالي.
إيران وجرائم الأسلحة
لقد اتهمت إيران مرارا بتقديم أسلحة تساعد على دعم جانب واحد من الحرب في اليمن، حيث قامت فيه جماعة متمردة من شمال البلاد، والمعروفة باسم الحوثيين، بالإطاحة بالحكومة من العاصمة، صنعاء، في عام 2014.
وقد قامت الولايات المتحدة وغيرها من الحكومات الغربية بتوفير كميات من الأسلحة، وغيرها من أشكال الدعم العسكري، للحكومة المحاصرة وحلفائها في تحالف بقيادة السعودية، وبذلك تساهم في أعمال العنف التي قالت الأمم المتحدة أنها تسببت خلال العام الماضي في سقوط أكثر من 10،000 من الضحايا المدنيين.
وقال ماثيو شرودر، وهو أحد محللي المسح، بأن الدراسة التي أجريت حول خصائص الأسلحة وعلامات التصنيع قد أظهرت بأنها تطابق قاذفات قنابل صاروخية إيرانية الصنع تم توثيقها مسبقا في العراق في عام 2008 وعام 2015، وفي ساحل العاج في عامي 2014 و 2015.
تأتي تلك النتيجة بعد تقرير أصدره مركز بحوث تسليح الصراع ، وهي مؤسسة استشارية خاصة في مجال الأسلحة، حيث قال التقرير بأن الأدلة المتاحة قد أشارت إلى وجود “خط أنابيب سلاح ظاهر يمتد من إيران إلى الصومال واليمن، والذي يشمل نقل كميات كبيرة من الأسلحة إيرانية الصنع وأسلحة أخرى تعود بشكل معقول إلى المخازن الإيرانية، عن طريق القوارب.”
إيران والعقوبات الدولية
على مدى سنوات، ظلت إيران تحت سلسلة من العقوبات الدولية تحظر عليها تصدير الأسلحة. وقد ادعت الولايات المتحدة في كثير من الأحيان أن طهران قد انتهكت تلك العقوبات عن طريق دعم قوات تقاتل بالوكالة في العديد من الصراعات، بما في ذلك في العراق وسوريا واليمن والأراضي الفلسطينية.
وتعتبر قاذفات القنابل التي كانت موضوع تحليل السيد شرودر هي العنصر الأساسي في نظام سلاح قابل لإعادة الاستخدام يطلق عليه آي بي جي7 ( RPG-7S).
وكانت تلك القاذفات جزءا من بين 81 قاذفة تم الاستيلاء عليها من على متن قارب “سامر” من قبل البحارة الاسترالية، وهي جزء من شحنة مخفية شملت 1968 بندقية كلاشينكوف، و49 رشاشات بي كيه PK،وعدد41 برميل لرشاشات ب الغيار و عدد20 سبطانة هاون 60 ملم – وهي كمية تكفي لتسليح قوة قوية من القوات البرية.
على الرغم من أن الأدلة لم تكن قاطعة، قال السيد شرودر بأن “هذا الاستيلاء على ما يبدو مثالا آخر من الأسلحة الإيرانية التي يجري شحنها إلى الخارج على الرغم من العقوبات الأممية منذ فترة طويلة على عمليات نقل الأسلحة من إيران”.
وبما أن إيران تقضي ثلاثة أيام من الحداد بعد وفاة رفسنجاني، لم يكن من الممكن الاتصال بالحكومة الإيرانية للتعليق على الأمر،ولكن في مناسبات سابقة، رفضت إيران الرد على الاستفسارات حول عمليات تهريب الأسلحة.
وكان قارب “سامر” واحد من أربعة اعتراضات سابقة لقوارب إيرانية في الفترة من سبتمبر عام 2015 إلى مارس 2016 أسفرت في مجملها في ضبط أكثر من 80 من الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات و 5،000 بندقية كلاشنيكوف وبنادق قنص ورشاشات، وما يقارب 300 قاذفات آر بي جي، وفقا لبيانات أوردتها القوات البحرية للولايات المتحدة الأمريكية.
في عام 2013، أوقفت قوات البحرية قاربا آخر قبالة السواحل اليمنية، واتضح أنه كان يحمل صواريخ وقاذفات مضادة للطائرات تطلق من على الكتف، وخراطيش بنادق قنص وأسلحة رشاشة، ومتفجرات بلاستيكية من مادة السي فور(C4 ) شديدة الانفجار، ومعدات للرؤية الليلية ومعدات عسكرية أخرى.
وفي مقابلة معه في البحرين، أشار نائب الأدميرال كيفن م. دونيجان، وهو قائد الأسطول الخامس في البحرية، إلى أن عمليات الاستيلاء على الأسلحة هذه كانت جزءا من جهد أكبر تبذله إيران لنقل الأسلحة إلى الحوثيين.
وأضاف معلقا على عمليات الاستيلاء الأربع في عامي 2015 و2016: “بالتأكيد إنها ليست كل شيء. هذه هي العمليات التي أعرفها لأننا كنا قادرين على اعتراضها”.
ومع ذلك، أشار الأدميرال دونيجان إلى أن قادة تشغيل السفن عادة ما يكونون “صيادين ومهربين بلا وظائف، ولا يعملون بالضرورة للحكومة الإيرانية”. وأضاف بأنه في حين أن الأدلة على ضلوع إيران في الشحنات قوية، إلا أنها لم تكن دامغة جدا.
هذه التصريحات تؤكد التقرير الذي أعده مركز بحوث تسليح الصراع الذي قال إن الأسلحة المضادة للدبابات التي تم الاستيلاء عليها في اليمن تبدو مطابقة لأرقام دفعات لأسلحة من نفس الفئة تم ضبطها على متن مراكب إيرانية، ولكن لم تصل إلى حد الإدعاء أنها تحتوي على دليل واضح على ضلوع الحكومة الإيرانية فيها.
كما وثقت المؤسسة الاستشارية أيضاً أسلحة مصنوعة في الصين وروسيا ورومانيا وبلغاريا وربما في كوريا الشمالية في عمليات استيلاء على قوارب. كما أن مؤسسة الاستشارات لم تشر إلى أن الأدلة قد أظهرت أن العمليات كانت نقلا مباشرا للأسلحة من القوارب إلى قوات الحوثيين.
عوضا عن ذلك، قالت المؤسسة بأن الأسلحة على ما يبدو يتم تفريغها في الصومال ونقها عبر سفن صغيرة إلى جنوب اليمن.
لم تكن الأسلحة من المراكب الإيرانية هي وحدها من تذكي الصراع، حيث تم تغذيته جزئيا عبر عمليات نقل الأسلحة الواسعة من قبل الحكومات الخارجية.
قدمت الحكومات الغربية، بما فيها الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا، المليارات من الدولارات قيمة الأسلحة والمعدات العسكرية، بالإضافة إلى الدعم الاستخباراتي واللوجستي إلى التحالف الذي تقوده السعودية، والذي يشن حملة قصف واسعة ضد الحوثيين.
ومن ضمن الأسلحة الأميركية المقدمة كانت القنابل الموجهة عبر سلسلة جي بي يو (GBU) والقنابل العنقودية، وكلاهما قد ارتبطتا بهجمات على المصانع اليمنية والتسبب في سقوط ضحايا بين المدنيين بحسب تقارير لصحفيين ومنظمات مهتمة بحقوق الإنسان.