الأطاولة حاضرة شمال زهران اسم ترسخ قبل عدة عقود في ذاكرة المسافرين إلى الطائف، حيث يتزود المسافرون عند العبور منها باحتياجاتهم سواء من سوقها الأسبوعي أو من حوانيتها استعدادًا لرحلة طويلة وشاقة عبر طريق غير معبد وصولًا إلى الطائف، وسوقها الأسبوعي يساهم في إنعاش اقتصاد القرى المجاورة بما يضخ فيه البائعون من لوازم متعددة “مواد غذائية ملبوسات أدوات منزلية ” وغيرها، وبقيت الأطاولة الاسم الأجمل في الذاكرة حتى أعاد أبناؤها أشياء مبهجة تتمحور في عدة إنجازات سأذكرها باختصار:
أولاً: تمكن المخلصون من أبنائها من إعادة وهج قريتهم التراثية فبقي حصناها يحكيان قصصًا موغلة في القدم، فضلًا عن المنارتين العلميتين المسجد والمدرسة التي تخرج فيها الكثير من الطلاب الذين أصبحوا يسهمون في بناء الوطن إلى جانب المنازل الحجرية والطرقات المرصوفة بالأحجار جميعها تفضي إلى مسارب الذاكرة؛ لتصبح مزارًا سياحيًّا وتراثيًّا جميلين تأتيها الوفود السياحية من كافة أنحاء المملكة.
ويمكن للقرية القديمة أن تندثر وتصبح في غياهب الإهمال لولا يقظة أبنائها والذين يملكون حسًا جماليًّا ووعيًّا بأهمية الحفاظ على الموجودات التي لا تُقدر بثمن.
أما الإنجاز الثاني وهو وصول نادي العين إلى منصات النجاح، وإحراز قصب السبق متجاوزًا أندية مماثلة في الإمكانات، ويمكن وصفه بحصان أصيل نجح في سرعة الوصول إلى مبتغاه.
وللنجاح الذي حققته إدارة النادي وعلى رأسها الأستاذ محمد عبدالرحمن الزهراني، ولقدرته الفائقة في إدارة دفة النادي بكل جدارة واقتدار ولأنه يمتلك وعيًّا عاليًّا تم ترشيحه، عضوًا بمجلس إدارة الاتحاد العربي السعودي لكرة القدم، وهنا أرى أن من الواجب على جميع الرياضيين في منطقة الباحة تقديم التهنئة مقرونة بالدعاء الخالص أن يوفقه في هذه المهمة العظيمة..
وحتى نسوق جماليات الإنجازات في الأطاولة يبرز اسم لامع، وهو المؤرخ علي سدران الزهراني الذي أضاف للمكتبة الكثير من الكتب الثرية في جانب التاريخ والتراث عكف عليها سنوات حتى قدّم هذا الإنجاز، ومنها (التبيان في تاريخ أنساب زهران)، و(من أعلام غامد)، و(بطون قبيلة زهران)، و(البيان في لسان زهران)، و(القصائد الحسان)، و(ديوان ابن عَقَّار). بالإضافة إلى مؤلفات أخرى تحت الطباعة, ورغم علو كعب هذا المؤرخ إلا أنه من الزاهدين عن الأضواء ضاربًا لنا حكمة الكبار..
والأطاولة ومحافظة القرى بشكل عام مليئة بالأدباء والشعراء والإعلاميين والتربويين والتجار، ومساحة محدودة كهذه لا تفي أبدًا في الإشارة إلى منجزاتهم العظيمة.
شكرًا للأطاولة الشامخة بأبنائها التي استلهمت منها فكرة هذه المقالة..
جمعان الكرت