أ.د. عبدالله عيضة المالكي

وقفة تأمل

حينما تجاهل البعض من المسلمين التوجيهات النبوية الشريفة التي وردت
إلينا وثبتت عن نبي الرحمة رسولنا
وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ، لاسيما ماورد منها بصيغة الخطاب الجمعي ، مخاطبة الجمع -كل الأمة – ( إياكم ) ، ( احتنبوا ) ( خذو عني ) ( ماتركتم كذا ) ( مافعلتم كذا ) ….الخ تلك التوجيهات النبوية الشريفة التي يخاطب فيها رسول الهدى عموم الأمة ، هو سبب انحدار فكر البعض منا ، وزيغه عن طريق الحق والهدى إلى طريق الهلاك والردى.
مثال ليتضح المقال :
توجيهه صلى الله عليه وسلم لنا بصيغة النهي ( إياكم ) والتحذير المؤكد بماحصل لمن سبقنا ممن غلوا في دينهم وخالفوا نهج أنبياءهم :
( إياكم والغلو في الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ).

لنتأمل صيغة الخطاب وخوفه صلى الله عليه وسلم علينا من التعدي والزيادة في أمر هو في الأصل من أجله خُلقنا ( وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ومن أجله هو بعث صلى الله عليه وسلم ، فالدين هو عبادتنا لله بالأقوال والأفعال والإعتقادات ، وفق ماجاء عن الله ورسوله.
فلماذا هذا التحذير المؤكد منه صلى الله عليه وسلم عن المغالاة في الدين الذي قد يستحسنه البعض منا ويظنه تقرباً إلى الله تعالى ؟.
الجواب :
لأن ذلك نوع تعدي على حق المشرّع سبحانه وتعالى ، العالم بحال البشر ومايصلح لهم ، فالزيادة في الدين كالنقصان منه.
فهو أعلم بحال الناس ومايحتاجونه ، والله غني عن العالمين.
تأمل الرحمة في قوله صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم ، وهم أتقى لله منا
( والذي نفسي بيده إنْ لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ).
وقوله : ( روحوا عن القلوب ).
لكن حينما خالف بعضنا هذا التوجيه الكريم ، وأخذ يؤوّل النصوص ويفسرها على هواه وينزلها في غير مانزلت له ، ظهر فكرٌ مغال في دين الله لايرى عبادة غيره عبادة ، ولا استقامته استقامة ، ولا فهمه للنصوص فهم ، ولا دينه دين ، حتى علماء الأمة ماسلموا من غلوهم وعبثهم بالنصوص ، وتعديهم على التشريع ، فحكموا على المسلمين والمجتمع بكامله بالكفر والردة .
كل ذلك سببه التعامي والتغافل عن التوجيه النبوي الشريف ( إياكم والغلو في الدين ).
أنظر إلى ضلال بعض شباب الأمة الإسلامية وخروجهم على أمتهم ومجتمعاتهم وقياداتهم وعلمائهم ، مانتيجة ذلك الغلو والفهم السقيم ؟
استباحوا الحرمات وأتلفوا الممتلكات ، وامتهنوا دور العبادات التي يذكر فيها اسم الله تعالى.
شوِّهوا صورة الدين ، استعدوا الأمم الأخرى على دين الله ، حتى أصبح الإسلام يوصم بالإرهاب ، وهو دين السلم والوئام والرحمة والنجاة.
( المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ).
( المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم ).
فجّروا أنفسهم ، فخسروا دنياهم وأخراهم ذلك هو الخسران المبين.

( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً ، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ، أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ، ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً ).

صدق الله العظيم.

حفظنا الله وإياكم من الزيغ والضلال .

أ.د. عبدالله عيضه المالكي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى